الوقاويق الرياضية

عماد النمر

يشتهر طائر الوقواق بين الطيور بأنه الطائر المغتصب، حيث تقوم أنثاه في وقت التوالد ووضع البيض باختيار عش أحد الطيور الضعيفة الراقدة على بيضها لتضع فيه بيضتها بدلا من اخرى ترميها من العش، وتعود الأم الأصلية لتنام على البيض دون أن تدري بالتغير الذي حدث، ويفقس طائر الوقواق قبل أقرانه وبحجم أكبر يصل إلى أربعة أضعاف إخوانه في العش، وتبذل الأم جهودا مضاعفة لتغذية فرخ الوقواق النهم للطعام، الذي يستغل خروج الأم فيرمي بإخوانه واحدا تلو الآخر ليخلو له العش منفردا، والأم المسكينة تغذي في المحتل القاتل وهي لا تدري، ويحتال الوقواق الصغير على الأم الحاضنة بتقليد صوتها ليكسب حنينها عليه حتى يكبر ويختفي من حياتها بعد أن ينال مراده.

ولكن الله الذي لا يمهل يخبئ مصيرا سيئا لهذا الوقواق، فهو أرعن ومغتصب منذ خروجه من بيضته، ويكفي أن يقلد أحد الصيادين «كوكو كوكو» حتى يخرج الوقواق متصورا أن طيرا جاء ليزاحمه على طعامه فيكون صيدا سهلا لمن أراده، بل الأسوأ من ذلك عند موسم الهجرة إلى حيث الدفء يطير وحيدا، لا سرب يطير فيه، ولا دليل يرشده، فيقع في قدره المحتوم سواء عن طريق قنصه، أو وقوعه من سمائه العالية دون تدخل من أحد، فقد طار أكثر مما يجب، وأكثر كثيرا مما يستطيع.

وفي عالمنا البشري والرياضي الكثير من الوقاويق بداية من الأم التي تضع بيضها في عش غيرها بالحيلة والخداع ونهاية بالوقواق الصغير الذي يخرج متسلحا بغرائز موروثة للاعتداء على حقوق الآخرين غير متورع عن قتل وتشريد الآخرين من أجل أن ينعم بالحياة.

والوقاويق الرياضية تسير على النهج نفسه، ففي البداية يحتال ليأخذ مكانا في غفلة من أصحاب المكان، مستغلا سذاجتهم حينا، أو جهلهم حينا آخر، ثم تتمدد فروعه وتنتشر لتأتي على الأخضر واليابس في المكان الذي احتله، لا يرى إلا نفسه، ولا يحتمل ان يرى آخرين معه في المكان نفسه، فيعمل على إخراجهم بكل السبل حتى يخلو له الجو بمفرده فيأخذ كل الغنائم دون شركاء، كما يتميز الوقواق الرياضي بقدرته الفائقة على كسب قلوب أصحاب الشأن ومن بيدهم القرار، فتراه وهو يتقرب منهم يتلون بلونهم تماما ويتحدث بصوتهم وطريقتهم ليوهمهم بأنه من بني جلدتهم ومن أصولهم الأصيلة، وينطلي خداعه، وينال مراده، فهو صاحب موهبة فذة في اللعب على كل الحبال والأسلاك والخيوط.

وعلى الرغم مما يفعله الوقواق الصغير من آثام وشرور محكوما بغريزة حب البقاء، فإنه أهون من الوقواق الرياضي الذي يسعى لفرض سيطرته وهيمنته على الآخرين غير عابئ بما يخلفه من آثار تدميرية على الآخرين، ولا يهمه أن تخرب الدنيا من حوله طالما جيبه وبيته عامرين بالغنائم المغتصبة أثناء رحلته، ولا يدري أنه في اول موسم للهجرة ستكون نهايته المحتومة.

الورقة الأخيرة

من يستطيع أن يقول للوقاويق البشرية هذه ليست أعشاشكم، وهذه الأقوات ليست من حقكم، ومن يستطيع أن يقلد صوتها ليجذبها إلى ساحة النزال لتكون نهايتها المحتومة؟

 

emad_alnimr@hotmail.com

تويتر