الترقيات لمن يستحقها..

جميع الموظفين يبحثون عن الترقية، ولا خلاف على ذلك، لأن الترقية تعكس تقدير الجهد والعطاء، وهي طموح مشروع للموظف المتميز، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وليبدع المبدعون.

ولكن في الوقت نفسه، فإن الترقية ليست حقاً مكتسباً للموظف يجب الحصول عليها في مدة زمنية معينة، بغض النظر عن الأداء، والالتزام، والتميز، كما أنها ليست حقاً واجب التنفيذ في حالة وجود موانع إدارية أساسية كعدم وجود شواغر أوميزانيات مخصصة لها.

هناك لوائح وقوانين تلتزم بها معظم الدوائر المحلية، مدنية كانت أو عسكرية، تحكم عملية ترقيات الموظفين، ووفقاً لهذه اللوائح والضوابط القانونية والإدارية تتم الترقية، ولكن معظم الموظفين لا يدركون ذلك، ويشعرون دائماً بأن هناك من هضمهم حقوقهم، وأوقف ترقياتهم، من دون أن ينظر أي منهم إلى أدائه، ومدى قيامه بمسؤوليات وظيفته على الوجه الأكمل، ومعظمهم لا يفرقون بين تنفيذ الواجبات الوظيفية الأساسية التي يحصل الموظف مقابلها على راتب مالي شهري، وبين التميز الذي يجعله مؤهلاً للحصول على ترقية أو مكافأة مالية. لا يميزون بين تنفيذ الأوامر، وبين المبادرات والفن في التنفيذ بإبداع، وتأدية أمور غير متوقع من الموظف تنفيذها!

شكاوى لا حصر لها نسمعها يومياً من موظفين في مختلف القطاعات، كل منهم يعتقد أنه «مستهدف» شخصياً من المدير العام بنفسه، رغم أنه موظف بسيط في دائرة تضم الآلاف، ما يرفع الشك في صدقية هذه الشكاوى بنسب عالية، فمع اعترافنا بوجود بعض التجاوزات في معايير الترقيات أحياناً، إلا أنه لا يعقل أبداً أن يضع مدير عام نفسه في موقع تحدٍ ومنافسة مع موظف بسيط، ولو أننا نكتب كل ما نسمع من دون تفكير عقلاني ومن دون التأكد منه، لملئت صفحات الجريدة شكاوى وقصصاً غريبة وعجيبة عن أشكال من الظلم والإبعاد والاضطهاد، وهي في حقيقة الأمر لا تتجاوز أبداً أحلام موظف مقصّر أساساً في مهام وظيفته، ويريد المساواة مع زميل له متميز أو مبدع، فهل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون!

المساواة في الترقيات ظلم واضح، وقتل متعمّد للإبداع والاجتهاد والحماس الوظيفي، ولا يجوز أبداً الاعتماد فقط على سنوات العمل كمعيار للترقية، ومن باب أولى أن يكون هناك تفاوت في الترقيات، فهي تُمنح لمن يستحق لا لمن هو أقدم، مع العلم أن الأقدم هو الأولى إن كان يستحق.

هناك لجان للتظلمات، وهذا شيء جيد، لكن هناك قوانين ولوائح، والأهم من ذلك هناك ميزانيات وأمور مالية قد تكون عائقاً، وبالتالي فإن التظلمات يجب أن تكون قائمة على أساس سليم وقانوني، وقبول الشكاوى أيضاً يجب أن يكون مرهوناً بشروط أهمها التأكد من وقوع الظلم، أو وجود موانع غير قانونية للترقية، وفي النهاية سيحصل كل ذي حق على حقه بشكل قانوني، من دون أن تكون هناك ضغوط بشكل أو بآخر على كاهل المديرين العامين، ومن دون أن يكون هناك ظلم للموظفين المتميزين والمبدعين الذين لاشك أنهم أيضاً سيظلمون، لأن ترقية «المقصر» هي ظلم واضح للموظف المتميز!

reyami@emaratalyoum.com

الأكثر مشاركة