من المجالس

نسمع دائماً أن رمضان هو شهر العمل والإنتاج، وهو شهر الفتوحات والانتصارات، وشهر الإنجازات واللحظات الفاصلة والحاسمة في تاريخ الأمة. جميل، لماذا إذن نرى «التثاؤب» هو عنوان الحال في معظم الدوائر والوزارات ومؤسسات الوظيفة العامة؟

لا توجد حتى الآن وحدة قياس لمستوى الأداء خلال الشهر، وإن وجدت فإنها ربما تكشف عن مفاجآت، على الرغم من الصورة الذهنية التي ارتسمت مسبقاً حول الشهر باستخدام جائر لمقولة «اللهم إني صائم». ولو وجد مثل هذا القياس لوضعت معه أسباب تدني الأداء خلال الشهر، بالإضافة إلى تدني قدرة الناس على تحمل بعضهم بعضاً.

عندها أحسب أن قلة النوم ليلاً ستتصدر الأسباب، والحقيقة أن السهر في ليل رمضان جزء من سمات هذا الشهر، ولكن مفهوم هذا السهر انقلب رأساً على عقب مع تعاقب القرون، ووصل في القرن الأخير إلى الضد في الفهم والتطبيق لدى معظم الناس.

وعندما كان السهر، أو قيام الليل، عند الأولين فيه يقظة وغفوة فإن السهر عند المتأخرين صار بين غفلة وهفوة، جولات بين المقاهي والخيام، واستكمال للسهرة أمام شاشة التلفزيون، لتصل الطاقة إلى أدناها، لا تكاد تحتمل العبادة فما بالكم بالعمل والحركة والإنتاج.

وما بعد الفجر إلى حين وقت الدوام سويعات قصيرات لا يكاد الجسد يأخذ فيها كفايته من الراحة، لتتداخل بعدها كيمياء المخ فتنتج الكثير من الضجر والقليل من الصبر، لتدخل الوجوه إلى مكاتبها بأوداج منتفخة وعيون متورمة وأعصاب ثائرة.. أو على وشك. ولا تكاد تتحمل السيقان أحمالها، فيكون الخمول سيد الموقف وضيق الخلق عنوانه.

بعض المسؤولين حمل شعار «إني صائم»، فأضاف إلى مفهوم الصيام، بالإضافة إلى الامتناع عن الأكل والشراب، الامتناع عن الكلام للصحافة والصحافيين وإباحة الثرثرة و«الكلام ساكت» على رأي إخواننا السودانيين.

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة