تمييز سعري

حمدان الشاعر

كم لهذه الأزمات من فضل كبير، فقد تنازلت الفنادق أخيراً عن غرور أسعارها، وها هي تعترف بأن سياسة التمييز السعري بين النزلاء صارت من الماضي، فقد ظلت هذه الفنادق ولسنوات طويلة تنتهج سياسات تفضيلية للنزلاء بحسب الجنسيات والأسواق القادمين منها، وظَللْنا نحن مُكرهين عُرضة لأسعار خيالية طائلة لأننا فقط نُعد من نُزلاء الداخل!! فكان من الصعب على أسرة ذات دخل متوسط أن تتوجه نحو سياحة بالداخل لأن السفر إلى دولة في شرق آسيا سيكون ذا كلفة أقل بكثير مقارنة بالتكاليف التي ستتكبدها في الإنفاق في الفنادق والمرافق المحلية لدينا.

الاعتراف بسياسات تفضيلية كهذه يدل على سلوك خاطئ وفهم قاصر ينم عن ثقافة عنصرية ليس محلها هنا، وتُرسخ لدى الآخرين وضعاً معيباً في أصله، وكاشفاً في الوقت ذاته عن واقع متخلف وهو ما يتناقض مع أبسط قواعد السوق الحر وهو احترام المستهلك أياً كانت جهة قدومه ومهما كانت جنسيته، ناهيك عن أن عدداً ليس بالقليل من الفنادق فقد صدقيته ولم يعد له ذاك الحضور عند الكثيرين، فتوحيد الأسعار بالنسبة للجميع هو دلالة على وعي باحترام المستهلك وتقدير لمعطيات الاقتصاد الحر وأدواته.

فإذا كانت السلعة قيمتها واحدة فلماذا تطبق التفرقة والتفاضل في الأسعار؟ وهو ما يندرج كذلك على شركات الطيران التي تنتهج أسعاراً متباينة في محطات مختلفة فأصبح المقيم في الدولة يدفع لوجهة معينة ضعف ما يدفعه غيره في سوق أخرى، والأمر كذلك ينسحب على كثير من القطاعات الخدمية فالتمييز في السعر بين الآسيوي والعربي والإماراتي من منطلق تفاوت القوة الشرائية أمر موجود ومطبق، وهو يعني ببساطة شديدة أن هناك تدليساً واستغلالاً مفرطاً يتعرض له المستهلك.

السياحة والاقتصاد لا يُفترض بهما التعويل على طرف دون آخر، فاستقطاب النزلاء هو هدف في حد ذاته وهو ما اكتشفته هذه الفنادق ذات النجوم المتألقة في سماء الغلاء والمبالغات ولكن بعد وقت طويل وأزمة كارثية كادت أن تعصف بها، والخدمات ذات الكلفة المعروفة يجب ألا تخضع لجنس أو لون المستهلك، فالاحترام أساس التعامل، والرهان دوماً على أن المواطن بمقدوره أن يتحمل الكلفة الباهظة دون غيره أصبح شيئاً من الماضي لن يتكرر أبداً.

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر