جماهيرنا.. المفترى عليها

عماد النمر

تناثرت الاتهامات على جماهيرنا الرياضية من كل حدب وصوب، فهي الحلقة الأضعف في منظومة الاحتراف خلال الموسم الأول للدوري، وهي كذلك غير وطنية وتتخلى عن منتخبها الوطني في وقت احتياجه إليها، وهي سلبية وهمجية ومتخلفة.. إلى آخر قائمة طويلة من الاتهامات التي طالت جماهير كرة القدم أثناء وبعد الموسم الكروي الأخير.

وقد جمعتني لقاءات كثيرة خلال الموسم المنصرم مع عدد كبير من الجماهير المتابعة لكرة القدم، والصفة الغالبة عليها، بلا استثناء، هي الشكوى من المعاملة السيئة التي تلاقيها أثناء دخولها المدرجات من قبل عناصر الشرطة أو إدارات الأندية، فكل شيء ممنوع، حتى أكواب المياه الصغيرة، والمضايقات المتعمدة من قبل الأندية المضيفة للجماهير الزائرة، ورفع أسعار تذاكر الدخول بشكل مبالغ فيه، من 20 درهماً إلى 80 درهماً، بعدما تعودت الجماهير على الدخول المجاني، إضافة إلى سوء مستوى المباريات واللاعبين.

كل هذه العوامل تشكو منها الجماهير وأكثر، وكل فرد لديه قصص وحكايات لا تنتهي، وبالتالي أصبحت هناك قناعة بضرورة الانسحاب التدريجي والتقوقع داخل البيوت أو المقاهي، بدلاً من عذابات المشاهدة من على المدرجات، فصل الحال بدورينا إلى أن أصبح بلا جماهير تقريباً، حتى ان جميع مباريات الدوري لم يدخلها إلا 300 ألف متفرج، وهو رقم يوازي جماهير خمس مباريات في بلاد مجاورة.

ويخرج علينا العديد من المسؤولين ينتقدون غياب الجماهير عن المدرجات، وأن هذه الظاهرة هي سبب تدني مستوى اللاعبين، ولم نر أي دراسة بحثية قائمة على العلم التجريبي تفسر لنا سبب عزوف الجماهير، حتى نعالج الأخطاء التي قمنا بها جميعاً، وكانت سبباً في هروب الجماهير من عذاب المدرجات وويلاتها.

وأرى أننا شركاء في غياب الجماهير، فعلى مدى سنوات طويلة مضت كانت الجماهير تدخل مجاناً، بل ونستأجر المئات والآلاف لتشجيع الفرق مقابل مبالغ نقدية ووجبات وأطعمة، وكانت إدارات الأندية تحرص على الكم وتنسى تماماً الكيف، فالمهم العدد الموجود بغض النظر عن معرفة هذه الجماهير باللاعبين أو نظام اللعب أو النتيجة، وكلنا رأينا كيف كانت الجماهير المستأجرة في واد والمباراة في واد آخر، والتشجيع لا يمت بصلة لنتيجة المباراة.

وحينما دخلنا الاحتراف وتشددت معنا رابطة المحترفين والاتحاد الآسيوي في تطبيق معايير الاحتراف على الجماهير، وجدنا الهوة الكبيرة بين ثقافة زرعناها خلال عقود سابقة في الجماهير، وبين المفروض أن يكون الآن، فحدثت الفجوة الكبيرة التي نتجت عنها مدرجات خاوية، إلا من قلة مازالت تحرص على متعة المشاهدة في الملعب، بغض النظر عما تلاقيه من معاناة.

وقبل أن نلوم الجماهير علينا أن نعرف كيف قصرنا في جذب هذه الفئة بطريقة صحيحة بعيدة عن المال والطعام، وعلينا أن نغير أفكارنا تجاه الجماهير، فهي شريكة في النجاح والفشل، وليست مجرد عدد في المدرجات، وهي الفاكهة التي لم نروها بالحب والانتماء.



الورقة الأخيرة

أخشى أن يكون سبب عزوف الجماهير نتيجة تسيب إداري وإهمال جسيم تجاه هذه الفئة، وعدم الاعتراف بدورها الإيجابي في النجاح، كما أخشى أن يكون غياب التخطيط والتطبيق والمتابعة أسبابا رئيسة في هجر الجماهير.

emad_alnimr@hotmail.com


 

تويتر