الحاخام ونحن

حمدان الشاعر

غريب أمر الحاخام الأمريكي الذي طالب بقتل كل المسلمين رجالاً ونساءً وأطفالاً، حتى يتوقفوا عن الاعتقاد بأن الله إلى جانبهم ، فعلى الرغم من أن كل الدعوات اليهودية الحمقاء للقضاء على المسلمين يكون منبعها نظرة عنصرية مقيتة، فإن الأمر في هذه الحالة يبدو غريباً ومستفزاً لملايين المسلمين في العالم ، ماذا يضرّ الحاخام الذي تبرأ أسلافه من سيدنا موسى وقالوا له «اذهب أنت وربك فقاتلا»، وهم الذين كفروا بكل الأديان والمعجزات حتى «أشربوا في قلوبهم العجل»؟

ماذا يضرهم إيمان المسلمين بأن الله إلى جانبهم؟ لماذا يخشى هذا المتمرس في توراته كون المسلم على يقين مطلق بأن الله معه؟

في موازاة ذلك يأتي الرئيس الأميركي باراك أوباما ليطالب العرب واليهود بتقديم تنازلات صعبة.. تنازلات عن حقوق عربية يعرفها القاصي والداني وتؤكدها قرارات الأمم المتحدة في مقابل تنازلات صهيونية عن مستعمرات غير شرعية، تنازلات صعبة نعم.. لكنها غير متكافئة، فالأمر برمته يعد ساذجاً حين يتنازل صاحب الحق عن حقه في وطنه وترابه ومائه وحق عودته وعاصمته المحتلة، مقابل إخلاء مستعمرات تبدد الخيال الصهيوني المريض بأحلام التوسع والهيمنة.

الكل يستفزه هذا الإيمان بالحق السليب الذي لا محالة عائد رغم المكائد والدسائس، فكم هي عميقة معتقداتنا، وكم هي مثيرة لقلقهم، فرغم كل الضعف والتشتت المحدق بنا فإن الاتفاق في المعتقد وفي أحقيتنا في فلسطين ستظل حقيقة خالدة مشتركة، ورغم أن المؤامرة مستمرة ولم تنطفئ نيرانها ولكن «يأبى الله إلا أن يتمّ نوره » ويأبى المسلم رغم النعوت بالإرهاب والإساءة أن يفرط في حقه. ورغم دعوات التنازل منذ ستينات القرن الماضي التي ينخفض فيها باستمرار سقف المطالبات والتطلعات، فإن الشعوب لن تقبل سوى ما يحقق كرامتها وعزتها وإن طال الزمن.

حكاية الحاخام حقيقتها هو هذا الشعور بالخوف، الخوف من إيماننا بحتمية الصمود وجدواه، والخوف من إيماننا بالأمل في المستقبل، هذا الخوف هو الذي يعزز الحماس بالبقاء والتشبث بالأرض، ويبقى فقط أن نصدق أننا أقوياء كوننا ننتمي إلى عقيدة راسخة وحق لا يقبل المساومة، وليس الحاخام وحده من يتمنى القضاء علينا، فهم كثر ولكنهم غثاء سينجلي ما إن تمسكنا بإيماننا وحقوقنا.

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر