بين الانتماء والتكسّب

حمدان الشاعر

نشرت أخيراً إحدى الصحف الأجنبية الصادرة في الدولة مقالاً عن من يستحق جنسية دولة الإمارات، وأشار الكاتب صاحب المقال إلى أن على المتقدم لطلب جنسية الدولة أن يتقن اللغة العربية، وأن تكون له المعرفة الكافية بتاريخ الدولة ونشأتها السياسية. قوبل هذا الكلام المنطقي جداً والمشروع جداً بسيل من الردود التي وصلت في ساعات الصباح الأولى إلى قرابة الـ160 رداً، لدرجة أن موقع الصحيفة أوقف هذا السيل من الردود التي في جوهرها اعتراضات جوفاء.

غالبية الردود دارت في فلك رفض هذه الاشتراطات والمطالبة بالحصول على جنسية الدولة من دون عوائق أو شروط، بحجة أن هناك مَنْ أفنى عمره في خدمة هذا البلد، المثير في الأمر هو كمّ الاستهانة الكبير باشتراطات الجنسية في الدولة، فهل يجرؤ آسيوي على أن يطالب بجنسية الولايات المتحدة من دون أن يكون متقناً اللغة الإنجليزية، وهل سيعامل بإيجابية لو قدم فقط طلباً لإقامة طويلة في ألمانيا والتي تشترط اختباراً في اللغة والتاريخ والثقافة الألمانية.

لماذا يسلبنا هؤلاء حقنا في أن تكون لنا قوانيننا المنصفة والتي تنسجم مع تاريخنا وثقافتنا فلا يحق لأي كان أن يستهتر بالدولة ونظامها أو أن يبدي شيئاً من قلة الاحترام للقانون وآلية تنفيذه، فجنسية دولة الإمارات ليست ترفاً أو فرصة ينبغي اقتناصها، بل هي شرف يناله مَنْ يستحق، وفقاً لما يقرره القانون المرتكز على لسان عربي منتمٍ إلى المكان وثقافته.

ما الفائدة من تجنيس شخص ما، ونحن نعلم يقيناً أن عقله وقلبه في بلده الأم، وأن أمواله واستثماراته تحوّل إلى بلده الأم؟ إن التكسب من الجنسية هو الهدف الذي يسعى إليه هذا الشخص، ثم إن هناك لهجة استهتار تشم رائحتها وسط سطور وأحاديث غير قائمة على أسس، وهذا نتيجة طبيعية حين يأتي آسيوي ليمارس كل عيوب مجتمعه ويصدرها لنا ثم نتقبلها ونغض الطرف عنها.

منح الجنسية ليس مادة حوارية أساساً، يدلي فيها كل برأيه، متأثراً بانتماءاته ورغباته، بل هي أمر سيادي تقره الأنظمة والقوانين، خصوصاً أننا كدولة غنية نظل دائماً مستهدفين وعرضة لأطماع كثير من المتربصين الذين يهدفون إلى إثارة هذا الموضوع وإطلاق شرارته حتى يتسنى البدء في المطالبة بادعاءات تؤسس لأباطيل من الحقوق الوهمية التي تصبّ في النهاية نحو العبث بتركيبة الدولة وهيبتها.

صفحات الرأي حري بها أن تهتم بقضايا حياتية أخرى مغبة أن يساء استغلالها في ما يمس أمن الدولة، وخشية أن تتحول إلى منبر يهاجم فيه الوطن من الداخل، فمدى الحرية باتساع الوطن متاح للجميع إلا أن يكون أداة لتغريب الوطن والنيل من مكتسباته وإنجازاته.

 

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر