المفاجأة

حمدان الشاعر

بشأن انسحاب دولة الإمارات من مشروع الاتحاد النقدي الخليجي، مازالت هناك أسئلة خليجية متكررة يتداولها كثيرون من المحللين في المنطقة، ولعل أبرزها أن ما حدث كان أمراً غير متوقع ومفاجئاً من قبل دولة الإمارات أربك الخطط المتعلقة بإطلاق العملة الموحدة في موعدها المعلن في عام ،2010 علماً بأننا نعتقد أن الأمر لدينا لم يكن مفاجئاً ولم يكن كذلك مستبعداً في ظل وجود ظروف مجحفة أدت إلى اتخاذ الإمارات موقفها المعروف، وفي ظل تحفظ متأدب قوبل بتجاهل فج طيلة أسبوعين من دون رغبة جدية في إعادة صياغة توافق جديد يحفظ للدولة ريادتها الاقتصادية والمالية في المنطقة. ولعل المفاجأة الحقيقية هي اختيار «الرياض» مقراً للبنك المركزي الخليجي رغم أن التكهنات والتحليلات كانت تشير بقوة إلى أفضلية إماراتية، وذلك وفقاً لآراء كثيرين من الاقتصاديين الخليجيين والعرب، وكذلك لتوافر أسبقية معروفة تساندها ظروف منطقية لا يمكن تجاهلها.

لاشك أن هناك خلافات عديدة تكتنف مشروع العملة الخليجية الموحدة بصفة عامة، ومقر المصرف المركزي الذي سيكون مسؤولاً عن إدارة وإصدار أوراق النقد ومسكوكات العملة الخليجية ليس أولها، ولعل عدم الاتفاق حتى الآن على مسمى العملة وشكلها وسعر صرفها دليل آخر على غياب الاتفاق المنشود بين دول مجلس التعاون.

للإمارات حضورها وتأثيرها في كثير من القضايا الخلافية وبوسعها ردم هوة الخلاف وتقريب وجهات النظر وبإمكانها إعادة الزخم المطلوب لمشروع الوحدة النقدية الخليجية ودفعه قدماً نحو الالتزام بالجدول الزمني وموعد الإطلاق المقرر، ولكن نظراً للمواقف السلبية تجاه دولة الإمارات فإن على دول المجلس إعادة حساباتها والتفكير في مواعيد أبعد من ،2012 هذا إذا لم يكن المشروع برمته قادراً على الصمود حتى ذلك الموعد.

تعي الإمارات أهمية التكامل الاقتصادي الخليجي وأهمية الوحدة النقدية في عصر تطغى فيه التكتلات الاقتصادية العالمية، خصوصاً عند التفاوض مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية للتجارة الحرة مازالت تراوح مكانها منذ 20 عاماً، ولكن الوحدة الحقيقية بين دول المجلس تستدعي بالضرورة انسجاماً وتكاملاً بين مؤسسات وهيئات المجلس وتوزيعها بصورة تستشف منها حقيقة التكامل والوحدة بين أعضائه. وإذا كان العديد قد أشار إلى أن التناول الإعلامي في انسحاب الإمارات قد أضرّ بأية فرص توافقية فإن الحقيقة تقول إن دولة الإمارات قد تجنبت أي خوض في هذا الموضوع، حرصاً منها على استدراك ما كان ينبغي أن يكون في القمة التشاورية الفائتة ولكن تمر الأيام حتى يصبح السكوت رضاً وأمراً مقبولاً من الجميع، علماً بأن المنحى الإعلامي الذي أخذه الموضوع كان تجاوباً مع كثير من الطروحات والرؤى التي تتفق مع رأي الإمارات على الصعيد الرسمي والشعبي والتي كان نهجها في الأحوال والأوقات كافة، هو الوحدة والتضامن مع أشقائها الخليجيين والعرب.

 

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر