من المجالس
بعد تأكيد مدير مجلس أبوظبي للتعليم على دعم جائزة خليفة للمعلم للغة العربية، كإحدى أهم دعائم الهوية الوطنية، وتأكيد المسؤولين بوزارة التربية والتعليم على عدم التخلي عن اللغة العربية كأساس في العملية التعليمية، نتوقع أن يكون هناك اتجاه لإعادة صياغة قناعات صناع السياسة التعليمية بالدولة، والتي مالت بشدة خلال السنوات الأخيرة ضد العربية وثقافتها تحت جنح ظلام دعوى تطوير المناهج وعصرنة التعليم. عندما سئلت مديرة إحدى مدارس الغد الأسبوع الماضي عن أهم إيجابيات التجربة، قالت إن الطلاب والطالبات أصبحوا يجيدون اللغة الإنجليزية بطلاقة، الأمر الذي يسهل عليهم في المستقبل الانخراط في التعليم الجامعي دون مشكلات. هذا كل ما كان في جعبة السيدة المديرة لتقوله حول إنجازات مدارس الغد، وهي ترد على شكاوى أولياء الأمور التي وصلت إلى أعضاء بالمجلس الوطني الاتحادي حول ضعف الثقافة الوطنية لدى أولادهم وبناتهم، وزيادة الغموض والتشويش في ما يتعلق بهويتهم من خلال البعد عن أحد أهم عناصر تكوين هذه الثقافة، وهي اللغة، والمقاربات الشديدة مع طرق تفكير ونمط حياة مجتمعات اللغة الإنجليزية.
عودة الوعي بأهمية اللغة العربية لدى صناع السياسة التعليمية تتطلب تجاوز حدود التضمينات وتوزيع الكلمات، إلى مستوى إعادة هيكلة الخطط والمناهج. فقد تعرضت اللغة العربية في السنوات الأخيرة لهجمة شرسة في مؤسساتنا التعليمية أظهرتها وكأنها عاجزة وغير قادرة على مواكبة العصر، ولا تصلح لتكون لغة علم وتقدم كما كانت على الدوام لغة أدب وفن وتراث. وهذه الهجمة كانت ممنهجة أدت إلى تكسير الكثير من الثوابت، وخلط العديد من الأمور، وبناء الكثير من القواعد التي حاولت الابتعاد عن اللغة العربية والتعريب، وبالغت في التغريب والتوجيه لجعل اللغة الإنجليزية ليست لغة تعلم فقط، وإنما لغة معرفة وثقافة وبناء نمط حياة. العودة الآن تعني العودة عن كل ذلك. ولا يعني هذا إعادة الهدم من جديد والبدء في التشييد، وإنما تعديل المسار والاستفادة من التجربة على مبدأ أن اللغة العربية هي أساس المناهج ووسيلة تلقي المعارف.