يا جماعة الخير

زوجي العزيز.. دع لي ابنتك

لو سمحت!

ألست فضلتني وآثرتني لتعيش أنت وابنتك في أحضاني؟ وما ذلك يا حبيبي إلا لثقتك في أن ما عندي من حنان أشد مما عند أمها أو أهلها، ومادمت اخترتني فهذا لذوقك العالي، واحساسك المرهف، وفهمك الدقيق. فأنا التي سأعوضك، وسأجعلك وابنتك حديث الدنيا كلها، حتى أصحاب السمو سيعرفونك ويزورون ابنتك، وستنال شهرة واسعة عند القضاة والعلماء ورجال الإعلام، بل وستتلقف وكالات الأنباء أخبارك. وسيكتب عن أسرتك المربون والمتخصصون.

ألست تبحث عن راحتي حتى أحقق لك راحتك؟ وتجد عندي متعتك؟ فلا عليك من صغيرتك، ولا تحمل لها هماً، سأجعل كل لياليك حمراء، وتشرب من يدي كل كؤوس الهناء، وما عليك حبيبي إلا أن تنسى ابنتك وهمومك بين يدي، ويغلق الباب عليك وعليّ، ولا عليك من كلام المنابر والندوات ومن لا خبرة لهم، تراهم هم المرضى ويحتاجون إلى العلاج. سمعت أحدهم يقول في حديث عن التربية إن الطفل يحتاج إلى المداعبة والمحبة والحنان ليشعر بالأمان ويتعلق بمن يربيه تربية صحيحة فيتخلق بأخلاقه وينتمي إليه سلوكياً بفطرته، أهذا بربك كلام يصلح لهذا الزمان؟ هؤلاء أطفال عفاريت لابد من الحزم معهم والشدة عليهم، وإلا أصبحت الطفلة كأمها وأنا، وإن كنت لا أدري عن أمها إلا منك، فالله أعلم بكما والعيب في من، ولكنك اخترتني أنا، فأولادي منك هم الذين يحتاجون إلى المداعبة والمحبة والحنان. هذا المتحدث قال إن صحابياً قال: داعب ولدك سبعاً، ثم أدبه سبعاً، ثم صاحِبْه سبعاً، ثم اترك له الحبل على الغارب لا تخش عليه.

يريد أن نلعب مع الطفل ونحمله على ظهرنا ونقبله كلما رأيناه ونضحك معه لأن النبي كان يفعل ذلك مع الحسن والحسين! أين ابنتك من الحسن والحسين؟ أين هذا الجيل من تربية الصحابة؟ لا، ويقول إن النبي ما ضرب ولداً ولا خادماً أبداً !

أتدري كيف شرح ثم أدبه سبعاً؟ لست أدري من قال لهؤلاء أن يتكلموا وهم لا يعرفون شيئاً؟ إنه يقول إن أحسن التأديب ألا تجعل ولدك يسمع منك ولا من غيرك ما لا تحب أن يقوله، ولا تجعله يرى ما لا تحب أن يفعله، أي كلام هذا وأي تمثيليات هذه؟ لا، والغريب أنه يقول كم من المعلمين والمشايخ ربوا أجيالاً قبلنا بهذا المنهج! ويقول وكم من زوجة أب نجحت ولم تفرّق بين أولادها وأولاد زوجها حتى كبر الأولاد وعاملوها كالأم تماماً ! بذمتك يا زوجي العزيز هل يوجد هذا الكلام؟ أم أن إحدانا مهما أفنت عمرها مع أولاد زوجها لن تكون في النهاية إلا زوجة الأب التي تتهم دائماً بالتقصير؟ تدري، كأنه سمعني، فبعدها قال: المسألة ليست زوجة أب ولا زوج أم، إنما هي أخلاق ومبادئ يتصرف بها صاحبها أينما كان موقعه، فالكريم يتعامل مع الكل بكرمه بل يؤثِر اليتيم على أولاده، ويصبر على إساءة ابن الجيران أكثر من صبره على ولده، ثم قال: إذاً هي قضية الاختيار والطيور على أشكالها تقع! زوجي العزيز، أفهمت شيئاً من هذا الرجل؟ دعك من هذا، المهم أنت اخترتني وأنا اخترتك، فهلا أرحنا رؤوسنا من هذه الخطب الرنانة ؟ كن مطمئناً على ابنتك معي فقد أحسنت الاختيار، فلك جنتي، ولمن لا يعتبر: السجن في الدنيا وفي الآخرة النار.

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

mustafa@watani.ae

تويتر