عجمان والثقافة
تصاعدت وتيرة الاهتمام بالثقافة في الإمارات، خصوصا في السنوات الخمس الماضية، بما يذكّر بتلك الصورة التي كانت في الثمانينات من القرن الماضي، تلك المرحلة التي شهدت صعود مجموعة من المبدعين الإماراتيين في مختلف المجالات، علاوة على الحراك الثقافي الحيوي الذي انطلق جزء منه من جامعة الإمارات في مدينة العين.
اما الآن، فأعتقد أن الحركة الثقافية الإماراتية تمرّ بمرحلة جديدة، لها مظاهرها وعلاماتها، وتتمثل في تزايد الفعاليات الثقافية النوعية، وإنشاء بنية تحتية لشؤون الأدب والفنون، منها متاحف وصالات عرض للفن التشكيلي ومسارح وغيرها.
وكانت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، ركزت منذ سنوات طويلة على الجانب الثقافي، من خلال معارض التشكيل ومهرجان المسرح والبينالي ومعرض الكتاب، وعدد من الجوائز الأدبية ومسرحية. كما نهضت دبي ثقافيا بعدما حققت نجاحات كبيرة في الاقتصاد، وتحفل دبي بعدد كبير من معارض الفن التشكيلي، علاوة على مهرجاني دبي والخليج السينمائيين، ومهرجان الشعر الدولي الذي انطلقت دورته منذ أشهر قليلة، وتم خلاله افتتاح بيت الشعر، إضافة إلى مشروعات المتاحف. كذلك تعزز البعد الثقافي في العاصمة أبوظبي في السنوات الأخيرة، مواصلة تنظيم معرض الكتاب، واستحداث فعاليات ومهرجانات ومسابقات جديدة، ومن أبرزها جائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة البوكر العربية، علاوة على مهرجان أبوظبي السينمائي، والمزيد من مهرجانات الموسيقى ومسابقات الشعر، وغيرها. ومن المنتظر أن تواصل أبوظبي النهوض الثقافي، خصوصا مع مشروعات تتعلق بالبنية التحتية للثقافة والفنون، ممثلة بمسارح ومتاحف وغيرها.
في ظل الزخم المتصاعد للبعد الثقافي في أبوظبي ودبي والشارقة، يصعد الآن نجم الثقافة في عجمان، في وتيرة تنبئ بمشروعات ثقافية تتبناها دائرة الثقافة والإعلام. وقد سجلت عجمان اسمها بوصفها أول مدينة عربية تستضيف قصيدة الشاعر الفرنسي مالارميه «رمية نرد» بترجمة وافية للشاعر محمد بنيس الذي قال إنه بعد عشرين عاما من عشق قصائد مالارميه، تمكن من ترجمته، وخصوصا تلك القصيدة التي بقيت تلقي بنرد أسرارها وغموضها أمام القارئ والناقد والمترجم.
وتواصل عجمان انشغالها الثقافي، بعدما كانت لسنوات سابقة ليست في أولوياتها، لكن الآن يتزايد الاهتمام بالثقافة بما تشمله من أدب وفنون. ومن بين فعالياتها الكبيرة مهرجان التراث العالمي، التي احتفلت خلاله بالقدس عاصمة للثقافة العربية.
من الواضح أن مؤشر الثقافة يصعد في عجمان التي تتذكر شاعرها راشد الخضر صاحب القصيدة الشهيرة «خدلج». عجمان الآن تنظر إلى البحر وتفتح بوابة واسعة للإبداع، وهي مصرة على فعل ثقافي يعزز الحياة الثقافية في الإمارات كافة، فكل نشاط ثقافي يكمل الصورة ويزيدها بهاء.
وعجمان «الغرفة البيضاء» ترسم خطواتها الثقافية بهدوء، وربما السنوات المقبلة ستوضح تلك الخطوات أكثر، بعدما يقام مزيد من المنشآت الثقافية في عجمان.