الغرباء واللعب مع الكبار..!

عماد النمر

--كيف يمكن لأي شخص أن يلعب مع الكبار وهو لا يملك أية مقومات تعينه على المواجهة؟ يمكنه اللعب مع الكبار في أحلامه وخيالاته ويحقق انتصارات مهولة يفرح بها كثيرا قبل أن يفيق من الوهم ويعود للواقع، وما بين الأحلام والواقع مسافة كبيرة وكبيرة جدا.

--منذ شهور عدة، كنا نقاتل من اجل أن يكون لنا مقعد رابع في البطولة الآسيوية وتغنينا بقوة الكرة الإماراتية التي خصص لها الاتحاد الآسيوي ثلاثة مقاعد ونصف المقعد ما يعني أنها مع الكبار إلا قليلا، واكتمل المقعد الناقص وأصبحنا مع الكبار فعلا.. وفرحنا.. وطربنا.. وتغنينا وحان وقت الجد لننقل الحلم إلى الواقع.

--لكن الواقع كان مريرا مراة العلقم.. وتحول الحلم إلى كابوس ثقيل وعشنا أياما عصيبة ونحن نتلقى الخسارة الواحدة تلو الأخرى ولم تشفع الأرض لأصحابها ولم تقف الجماهير خلف فرقها.. فدخلنا بطموحات وأحلام وردية.. وصحينا على الأهداف «نازلة ترف» مثنى وثلاث ورباع وخماس والله يستر من القادم.

--من حقنا أن نلعب مع الكبار ولا جدال في ذلك.. لكن ماذا أعددنا لنكون مع الكبار؟ وماذا نعرف عن الكبار كي نقارعهم وننتصر عليهم؟ ما الأدوات التي نتسلح بها في تلك المنافسات؟ ما المقومات التي نملكها لنحجز لنا مقعدا مع الكبار؟

--إنها أسئلة لا إجابة عنها عندنا للأسف.. لكن لها إجابات متعددة عند الكبار الذين التقيناهم وأصبحوا عقدة لنا.. أتدرون ماذا عندهم؟.. أولا المعرفة الصحيحة لمكانتهم بين الكبار دون مبالغة أو تهويل، عندهم إمكانات كبيرة تستطيع أن تصنع الفارق عند أية مواجهة لمصلحتهم، عندهم عقول تفكر وتخطط بطريقة صحيحة ولا تخدع نفسها والآخرين بقدرات وهمية غير موجودة، لديهم لاعبون أصحاب مهارات حقيقية، رجال يعتمد عليهم كالمحاربين في الميدان، لا يعرفون الدلع أو الاستهتار أو التراخي، ولدى الكبار جماهير تهز الجبال، تساند وتؤازر بمئات الآلاف ومن دون روابط وطبل وزمر.

--هل عرفتم لماذا فشلنا في اللعب مع الكبار؟ لأننا نلعب غرباء.. حتى صارت أرضنا للمنافس أقرب رحما، غرباء على المدرجات الخاوية من الجماهير.. لأننا ننظر تحت أقدامنا فقط.. لا نرى مستقبلا فنستعد له ولا نتذكر ماضيا مشرفا نستمد منه القوة.

--لو تركت الفكر يسترسل فستكون النظرة سوداوية كثيرا.. لكنها غصة في القلب وحسرة على الوجه مما عشناه خلال الأسابيع الماضية وفرقنا الأربعة تتهاوى أمام أعيننا، لكن علينا ألا نستسلم ونقول إنها الأقدار، بل وجب علينا من هذه اللحظة أن ننفض الغبار عنا وننهض بشكل صحيح فالضربة التي لا تميتني تقويني.

الورقة الأخيرة

هل وصلت بنا الحال إلى أن تكون المدرجات مقبرة للمشجعين؟ يبدو أن الأمر أصبح كذلك في تونس فعلا فقد أضرب طفل عمره تسع سنوات عن الطعام لخسارة فريقه النجم الساحلي، ومن قبله سقط صبي صريعا بعد أزمة قلبية لخسارة الترجي، ومنذ شهر سقط شاب آخر بالسكتة القلبية لخسارة فريقه الاتحاد المنستيري، وهكذا أصبح تشجيع الكرة سببا في قصف أعمار شباب في سن الزهور.

 

emad_alnimr@hotmail.com

تويتر