نقاط على الحروف

سلمان الدوسري

هل احتاجت دبي كل هذه الشهور حتى يخرج الرجل الأول فيها، ليضع النقاط على الحروف؟ ما قاله الشيخ محمد بن راشد كان منطقياً ويعرفه الكثيرون، على الأقل ممن هم يعيشون داخل الإمارات، لكن لأنه خرج من الشيخ محمد تحديدا، كان وقعه كبيرا بحجم شخصية الرجل، و مع هذا يبقى السؤال الكبير: أين كان بقية المسؤولين في دبي خلال الفترة الماضية؟

شهور مرت والمغالطات تزداد حدة، والأخبار في كثير من وسائل الإعلام العالمية لا تعتمد على مصادر للمعلومات بقدر ما كانت تعتمد على تكهنات، رأينا الموضوعية قليلا، والتجني والبعد عن الحقيقة كثيرا، وبالرغم من كل هذا وذاك، وقف كثير من المسؤولين، وغيرهم، يتفرجون على السهام وهي تصيب دبي، والإمارات عموما، من دون أي تدخل أو توضيح أو خروج إعلامي، رأينا منه الكثير في فترة ما قبل الأزمة المالية العالمية، فلما حلت الأزمة سيئة الذكر، اختبأ كل من كان يتصدر أعمدة الصحف ووسائل الإعلام.

ربما لم يكن شرطا أن تخرج شخصية بقامة الشيخ محمد بن راشد لتوضيح تفاصيل التفاصيل، كما فعل في لقائه الإلكتروني الأخير، هذا هو دور طاقم كامل معني بتوضيح المواقف أيا كانت نتائجها، غير أن المرحلة الماضية كان التعاطي معها غير موفق، من كثير من الفعاليات الاقتصادية، الحكومية وغير الحكومية.

هنا يجدر بنا أن نرفع الغترة والعقال احتراما لرجل مثل ضاحي خلفان، صحيح أن البعض يرى أنه ذهب بعيداً عن مجاله في الحديث عن جوانب اقتصادية، وهو المتخصص في الجوانب الأمنية، لكنه على الأقل قام بدوره وحارب بفروسية منقطعة النظير في وسائل الإعلام العربية والعالمية، ليدافع عن بلاده وما يراه أنه تجن في حق دبي، بل إن الهجوم الذي أصابه من جراء موقفه هذا، عدّه ضريبة طبيعية مادام يحارب بسيف أعزل.. وهو رجل الأمن، بينما وقف رجال الاقتصاد يتفرجون ويطلبون «السلامة».

وباستثناء مبادرات فردية معدودة على أصابع اليد الواحدة، فقد غابت أي خطة إعلامية تتناسب مع المرحلة المهمة في الأزمة التي تخطتها دبي، المواجهة لم تكن ضد الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها التي بلغت الجميع، ولم تكن أيضا ضد وسائل الإعلام العالمية التي ربما تجنت كثيرا، المواجهة الأهم، في رأيي، كانت مع من كان بإمكانه أن يفعل شيئا، وهو يستطيع، لكنه آثر الانتظار والبقاء في زاوية المضمون، على أن يخرج ويشرح ويواجه، مما أسهم في غياب المعلومة الصحيحة والنظرة الاستراتيجية المقنعة.

التعامل الإعلامي خلال المرحلة الماضية لم يكن في مستوى التعامل نفسه، عندما كانت دبي في أوج تألقها، والذين نجحوا في المساهمة بوصول دبي إلى الآفاق العالمية، هم أنفسهم من عجزوا عن مواصلة دورهم في إيضاح الصورة الحقيقية عن أزمة دبي. واصبروا قليلا تجدوهم يظهرون واحدا بعد الآخر.. لكننا سنقول لهم.. لم تقوموا بدوركم حينما احتاجت إليكم بلادكم.

ssalmand@gmail.com

تويتر