الويل لمن يضع رأسه في الرمال
بين أن تكون فاعلاً أو مفعولاً به أحرف قليلة وجهد كبير، لكن يبدو أننا نفضل دائماً الاختباء خلف أصبعنا، وأن نصيح «ها.. محّد يشوفنا»! ودائماً مع كل جديد وكعادتنا نكون أول المكفرين والمشككين، وننظر مباشرة إلى النواحي السلبية ولا ننتبه إلى الجوانب الإيجابية، وفي بعض الأحيان لا ننتبه إلى هذا الجديد إلا بعد فترة من الزمن لننتفض فجأة وننادي بالخطر الرهيب المتربص بنا.
في حالة اليوتيوب «الخطر الأعظم» القادم من الغرب، يرى البعض أنه من الأفضل حجب هذا الموقع، وطبعاً هذا أسهل، فبدل أن نكون فاعلين ونشارك في ضخ المعلومات على هذا الموقع والتأثير به نرى أن الحظر هو الوسيلة الأرخص!
واليوتيوب هو موقع إلكتروني مخصص لتبادل ومشاركة الفيديو بشكل مجاني، تأسس عام 2005 في الولايات المتحدة، وبداية فكرة الموقع هي تبادل تسجيلات الفيديو بين الأصدقاء، ثم تطور الموقع لتقول بعض الإحصاءات إن هناك أكثر من 100 مليون يشاهدون التسجيلات الموجودة في الموقع. وتطور الموقع ليصبح من أهم وسائط الملتيميديا، حيث يستخدمه العديد من كبرى المحطات التلفزيونية وتعتمد على اليوتيوب في نقل ونشر المعلومات، أما في السياسة فقد استخدم اليوتيوب في العديد من الانتخابات في البلدان المتقدمة، وأخيراً قام الرئيس الأميركي بارك أوباما بإرسال العديد من الرسائل لشعوب وحكومات المنطقة عبر هذا الموقع ليكون وسيلة تعبير ديمقراطية في عالم حر، أما في المجال العلمي فحدث ولا حرج عن دور الموقع في نشر مواد علمية وبحوث ومعلومات تقنية وفنية والكثير الكثير. وللموقع دور مهم في نقل ونشر رسائل دينية وأخلاقية للشباب والتأثير إيجاباً في هؤلاء، وإن كانت بعض الرسائل تحمل الكثير من الخزعبلات والتلفيقات التي تستدعي تنبه المتصفح لها. وقبل وفاة الفنان الإماراتي الكبير سلطان الشاعر، رحمه الله، فاتتني آخر مقابلة تلفزيونية معه بثتها قناة «سما دبي» منذ فترة بسيطة، ولكن عبر اليوتيوب استطعت مشاهدتها كاملة.
واليوتيوب هو ثالث أكثر المواقع شعبية بعد «ياهو» و«غوغل»، وقد مُنع في بعض دول العالم، معظمها من دول العالم الثالث، وقد أزالت بعض هذه الدول الحظر في ما بعد. وإذا كانت الحجة في حجب هذا الموقع وجود تسجيلات ضارة وغير مفيدة وسلبية على المجتمع، فالحل ليس الهروب بل التفاعل ومقاومتها بضخ معلومات صحيحة ومعلومات من واقعنا، لنؤثر ونكون فاعلين في عالم الغد. ففي عصرنا هذا، عصر تدفق المعلومات الحر، أصبح من غير المعقول الانعزال ومحاولة الحجب والابتعاد والاختباء! في هذا العصر القوة لمن يضخ معلومات أكثر، والقوة لمن يكون مؤثراً ولمن يكون فاعلاً، والويل الويل لمن يضع رأسه في الرمال.
salemhumaid.blogspot.com