فنزويلا تتحفظ..!

سلمان الدوسري

كم هو معيب أن تتشدق دولة مثل فنزويلا بنصرتها القضايا العربية صباحاً، وتتحفظ مساء على حق الإمارات، ليس في المطالبة بجزرها المحتلة، بل فقط في البحث عن حل سلمي لهذه القضية. فعلاً كان الموقف الفنزويلي غير مفهوم، فهم يتحفظون على فقرة وردت في البيان الختامي للقمة العربية اللاتينية، تنص على دعوة إيران إلى الحل السلمي في قضيتها المتنازع عليها مع الإمارات بشأن الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، تصوروا يتحفظون على دعوة للحل السلمي، ما الذي كان ممكناً أن يفعلوه لو كانت الفقرة تشير إلى «التنديد» أو «الرفض» للاحتلال الإيراني للجزر، هل كانوا سينسحبون من الاجتماعات؟

ما أسهل الشعارات والتغني بها، لكن من هو ذلك الذي يسير على مبدئه، ويستطيع المضي فيه من دون لف أو دوران، فحبل الكذب قصير، والأيام حبلى بالمفاجآت، وسرعان ما ينكشف زيف تلك الشعارات الفارغة، ويصبح الحديث عندها مشروعاً عن كل من يبح صوته صراخاً وعويلاً، لكنه ينقلب على عقبيه فاشلاً ومفضوحاً من أهون المبادئ.

الموقف الفنزويلي يثير الاستغراب فعلاً، فالرئيس هوغو تشافيز ما فتئ يصرخ بأنه «مع الحقوق العربية»، وكان آخرها في القمة التي استضافتها الدوحة قبل أيام، ليأتي موقف بلاده، وبحضوره شخصياً، ليناقض ما ملأ به وسائل الإعلام صراخاً وعويلاً.

نحن نعي ونفهم وندرك أن تكون لكل دولة مواقفها الخاصة بها، مواقفها التي تتواكب مع مصالحها وسياستها، لكن غير مفهوم على الإطلاق أن تدافع عن موقف ثم تناقض ما تنادي به، أن تطالب بالحقوق ثم تسعى إلى انتزاعها، أن تجعل من نفسك صاحب مبادئ وقيم، وأنت من تقتل هذه المبادئ بتحفّظ لا يغني ولا يسمن من جوع، ولا يغير من الحقيقة التي أعلنها العالم بدعوة إيران إلى الحوار السلمي، ويالها من دعوة، إنها فقط للحوار، فمن يرفض الدعوات السلمية؟ نعم هناك من يرفضها: إيران وفنزويلا والأكوادور!

الجزر الإماراتية المحتلة من قِبل إيران، لا تحتاج إلى الموقف الأعرج لفنزويلا، أو جارتها الأكوادور، وقبلهما صاحبتهما الكبرى إيران، فالحق أبلج من أن يخفى، والحقيقة التاريخية شهد بها العالم من أقصاه إلى أدناه، لكن مثل هذه المواقف تساعدنا كثيراً على فهم واستيعاب كيف تنظر دول العالم إلى قضايانا، هناك من يقف استناداً إلى مبدأ، وهناك من يساند وقتياً منعاً للإحراج! وهناك من لا يستحي أن يغير من مواقفه بحسب مصالحة الآنية، كما أنه لا يخجل من أن يرفض دعوة للحل السلمي، ويريدنا أن نصدق خطبه العنترية ضد الإمبريالية الغربية، كما هو هوغو شافيز!

 

ssalamand@gmail.com

تويتر