المتحدث الرسمي وسندان الإعلام الخارجي

سلمان الدوسري

خطوة متقدمة تلك التي أقدمت عليها الحكومة بإطلاق نظام المتحدث الرسمي. الإعلاميون لابد أنهم أكثر سعادة بمثل هذه الخطوة التي ستفتح لهم آفاق المعلومة الغائبة منذ أمد، وأحياناً المغيبة بالعمد. والوزارات والمؤسسات الحكومية ستكون بدورها في مأمن من اختلاق الأخبار أو عدم أخذ وجهة نظر الجهة المعنية، طالما هناك مصدر يؤكد أو ينفي أي معلومة يتناولها الإعلام.

لكن ما كان لافتاً أن يطلق نظام المتحدث الرسمي فقط لوسائل الإعلام المحلية، فالأخبار التي تنشرها هذه الوسائل، غالباً، لا تشكل أي إشكالية مع الجهات المسؤولة، مقارنة بالتقارير التي تنشر في وسائل الإعلام الأجنبية، بينما كان من الضروري استهداف الجهات الإعلامية غير المحلية التي تغيب عنها المعلومة الصحيحة من المصدر الحقيقي، فتنشر أخباراً تشكل فيما بعد أزمة لهذه الوزارة أو تلك. على الأقل الإعلام المحلي لديه من الرقيب الذاتي ما يمنعه من نشر بعض من الأخبار، طالما أنه لم يتأكد من معلوماته، خصوصاً إذا كانت حساسة، أما الإعلام الأجنبي فإنه يتعامل بأسلوب ورؤية مختلفة، فهم يجدون أنفسهم في حل من أي مسؤولية، طالما غاب أو رفض المسؤول عن التعليق، وسيسارعون لنشر تقاريرهم مهما احتوت من معلومات شبه مؤكدة أو أخرجت عن سياقها أو غير ذلك، فالخبر لديهم لا ينتظر، والمعلومة يجب أن تصل طازجة، وقصة إرسال فاكس حتى يرد المسؤول بعد يومين، انتهت من قاموسهم إلى دون رجعة!

أذكّر هنا بخطوة مشابهة أقدمت عليها وزارة الداخلية السعودية، وليت بقية الوزارات بالحكومة السعودية حذت حذوها، بإطلاق متحدث رسمي لوزارة من أكثر الوزارات حساسية في المملكة، بل إن خروج هذا المتحدث كان خلال مرحلة استهداف السعودية عبر العمليات الإرهابية التي جرت فيها خلال السنوات الماضية، ومع ذلك نجح المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، لأنه ببساطة قضى على الشائعات بإعطاء المعلومة الصحيحة، بعيداً عن التسويف والانتظار والتأجيل، بل إن وزارة الداخلية السعودية قلبت الطاولة على كثير من وسائل الإعلام الأجنبية التي كانت تجد ضالتها في غياب المعلومة، فتنشر تقارير وأخباراً تحتوي على كثير من المغالطات، وكثيراً ما تتعذر بأنها لا تجد المصدر الذي تتأكد من خلاله من صحة معلوماتها.

الإعلاميون لا يتوقعون من المتحدث الرسمي أن يملك عصا سحرية فيلم بالتفاصيل كافة عن وزارته، بل ينتظرون بأن يأتي بالمعلومة من مصدرها في جهاز الوزارة، ويعود بها إلى وسيلة الإعلام، فيكون همزة وصل، لا قطع!، بين وسائل الإعلام وبين جهاز الوزارة.

جميل جداً أن يكون هناك مصدر رسمي وحيد للمعلومات في الوزارات، غير أن الأجمل أن يعرف نظام الاتصال الحكومي من يستهدف من خلال خطوته بإطلاق المتحدث الرسمي هذا. فتوجيهه بالمرحلة الأولى للإعلام الأجنبي، هو الأجدى والأنفع من أجل ضمان تحقيق نجاحه وإيصال الرسالة التي أنشئ من أجلها. أما الإعلام المحلي فلا أظن أنه يأتي للوزارات بـ«وجع» الرأس الذي تأتي به وسائل الإعلام الأجنبية.

 

ssalmand@gmail.com

تويتر