الغزل الأميركي الإيراني

سلمان الدوسري

بانتظار الاستراتيجية الأميركية المقبلة للتعاطي مع إيران، يبدي الشارع الخليجي قلقا مما يمكن أن تحمله السياسة الأميركية الجديدة، ليس خشية تخفيف حدة التوتر بين الطرفين، والذي يُعد الخليجيون أنفسهم أكثر الخاسرين منه، بل إن الهاجس الأكبر أن تفعلها واشنطن وتبرم صفقة مع طهران، على حساب دول الخليج، وتحت ذرائع مثل «ترتيبات أمنية في الخليج».

الشارع الخليجي محق في رفع وتيرة القلق كلما لاح في الأفق غزل أميركي إيراني، بالطبع ليس كرها في مثل هذا الغزل، فليهنأ كل منهما بالآخر، إلا أن الخوف، كل الخوف، من أن تكون دول مجلس التعاون أكبر المتضررين. الشواهد كثيرة، والتاريخ يتذكر ولا ينسى، فمتى حضرت المصالح اختفت المبادئ، أليست هذه هي السياسة؟

عندما كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في شدة مواجهتها مع إيران، لوّحت بجزرة حزمة المكافآت مقابل وقف تخصيب اليوارنيوم، هذه المكافأة لن تمر مرور الكرام على الساسة الإيرانيين، والذين بلا شك سيتعاملون جيدا مع إدارة الرئيس أوباما، وما التصريحات الأخيرة عن اقتراب تصنيع القنبلة النووية، إلا جرس يقرعه الإيرانيون لمن يفهم الإشارة، وأنهم مستعدون لمثل هذه الصفقات، خصوصا مع انخفاض أسعار النفط، وتأثيرها السلبي في الاقتصاد الإيراني، كل هذه العوامل تعطي بعدا لا يسر الخليجيين عن مفاجأة أميركية ـ وليست إيرانية ـ محتملة.

التقارب الأميركي ـ الإيراني،على حساب دول الخليج، سيكون مقلقا أيضا للدول العربية، فاقتراب الخطر الإيراني من دول الخليج، لن يكون بمعزل عن باقي الدول العربية، لذا فإن الرؤية العربية المشتركة لـ «التحدي الإيراني»، كما دعا وزير الخارجية السعودي، ستكون ستارا حديديا للدول العربية، كما هي لدول الخليج. أما الأميركيون فعليهم أن يفهموا تركيبة الشارع الخليجي جيدا، التي ترفض أن تكون مياه الخليج مرتعا للبحث عن تسويات جانبية. عليهم أن يعوا أن منطق القوى لا يمكن أن يكون المعيار الوحيد الذي يتم التعامل به، فإذا كانت إيران ومن دون دور إقليمي تحتل جزرا إماراتية، وتطالب بالبحرين محافظة تابعة لها، فما الذي ينتظره الخليج إذا ما «غلت» يد الإيرانيين في المنطقة؟ الإجابة أننا سنشاهد البوارج الإيرانية «تتمخطر» في مياه الخليج، سنشاهدها بالعين المجردة، حينها ستكون أقرب مما يتخيل الجميع، وأولهم الأميركيون!

ssalmand@gmail.com

تويتر