اللعبة الإيرانية

سلمان الدوسري

عادت من جديد طهران لتهدئ اللعب مع جيرانها على الضفة الغربية من الخليج العربي، وهذه مرحلة تكتيكية ستستمر لفترة من الزمن، حتى إذا ما استجدت أية معطيات في الداخل الإيراني، عادت الأسطوانة المشروخة مرة أخرى.

مرة تشكك في شرعية الأنظمة الحاكمة الخليجية، وثانية تستخف باحتلالها الجزر الإماراتية، وثالثة تزعم أن البحرين المحافظة الـ،14 ورابعة تهدد بضرب دول الخليج في حال تعرضت لهجوم، وهكذا فإن حجر الدينمو الإيراني لا يتوقف عن السقوط باتجاه دول الخليج، ثم تأتي لتتبجح، بطلب التعاون من أجل منظمة إقليمية لأمن الخليج.

لعل أبرز مقومات أي تعاون بين الدول، وجود قدر من الثقة ينطلق من مصالح هذه الدول، وإيران لم تبدِ يوماً أي مقدار، ولو ضئيلاً، من أجل كسب ثقة دول مجلس التعاون، على الأقل كان نظام الشاه صريحاً في سياسته التوسعية الخارجية، ويخفي كما يظهر، أما من يدّعون التعاطي وفق نظام إسلامي، فلم يرَ منهم الشارع الخليجي، منذ الثورة، إلا تصعيداً واستخفافاً وتدخلاً، وراء الآخر، بالشؤون الداخلية.

صحيح أن التضامن الخليجي والعربي والدولي ضد إيران في موقفها الأخير، نزع الوجه الحسن للدبلوماسية الإيرانية وأظهرها بصورتها الحقيقية، وصحيح أيضا أنها أصبحت محصورة في زاوية الخليج، بعد أن بانت أهدافها بشكل أكثر وضوحاً، خصوصاً لمن يعتقدون أنها فعلاً تبحث عن مصالح مشتركة، لكن الخط الإيراني عودنا على استمرار السياسة نفسها، ولكن بتكتيك مختلف.

فهل تصدقون أن إيران لن تخرج بتصريحات مستقبلية ضد البحرين، وهل يمكن قبول أن تلك التصريحات كانت «سوء فهم» فحسب، ستعود طهران لسياستها التصعيدية نفسها ضد دول الخليج، فقط المسألة مسألة وقت ليس إلا.

مشكلة القائمين على السياسة الإيرانية، أنهم يظنون أنهم أذكى الجميع، فيبطنون غير ما يظهرون، لكن الأيام حبلى بالمفاجآت، فتنفضح مواقفهم بعد حين، وينكشف زيف ادعاءاتهم بأنهم يبحثون عن مصلحة المنطقة، بينما هم أشد خطراً عليها من أي وقت مضى.

فهم السياسة الإيرانية، التي لم تتخلَ يوماً عن تصدير الثورة، ضروري جداً لكي يمكن لنا أن نحمي الشارع الخليجي من هذا العبث الذي لم يتوقف، وحان الوقت لإبعاد سياسة المجاملات، والبقاء في منطقة ردة الفعل، وليس صناعته، عندما نبادر إلى اتخاذ المواقف الجماعية، فعلاً وقولاً، لابد للنظام الإيراني أن يعي أن زمن حسن النية قد ولى، وأن المرحلة المقبلة، هي مرحلة يجب أن تكون حازمة في التعاطي مع أي تهديد أو تصعيد، شبع الخليجيون من تبريره بطريق بليدة.

 

ssalmand@gmail.com

تويتر