ذر الرماد في العيون

عارف العواني

أصعب ما في البحث عن الأعذار الواهية أنها لا تقنع صاحبها في المقام الأول فكيف يمكن أن تقنع أحداً آخر، إلا الساذجين الذين يتم ذر الرماد في عيونهم لإبعاد أبصارهم عن الحقيقة المرة.

في الحلقة السابقة الشيقة من برنامج مرامس، تفاجأت بأحد الحضور الكرام من أصحاب الخبرة الكبيرة في الرياضة الإماراتية ممن نعتز بمساهماتهم الرياضية يسوق لنا العديد من الأعذار التي أدت لتدني مستوى بعض الأندية، مركزاً على سبب رئيس كرر ذكره مرات عدة، وهو إغراء الأندية العتية إن جاز لنا أن نسميها بالغنية للاعبين الصغار في المراحل السنية أو حتى في الفرق الأولى وتوقيع العقود معها، بعد دخولنا عصر الاحتراف في الموسمين الأخيرين، وبالتالي لابد من أن يتم معالجة ذلك بمنع الأندية من التوقيع، مع لاعبين صغار في السن مع أن القانون الدولي أجاز ذلك بشروط وضوابط هي المطبقة نفسها عندنا، والتي تعتمد على موافقة ولي الأمر في المقام الأول لتوقيع اللاعب الناشئ على أي عقد طالما لم يصل إلى السن القانونية، وهذا ينطبق أيضاً على النادي الذي قام برعاية اللاعب هاويا إن أراد توقيع عقد احترافي معه.

وبعيداً عن تفاصيل القانون ورغبة الخبير المحترم في تأجيل الاحتراف لـ15 عاماً على الأقل، لنرجع قليلاً إلى سبب طرح هذا العذر لتفسير تدني مستوى هذه الأندية، ونسأل أنفسنا سؤالاً بسيطاً في ظل تطبيق الاحتراف منذ الموسم الماضي فقط.. ماذا كان موقف الأندية المعنية التي قصدها سعادته من المنافسة في السنوات العديدة، وتحديداً في السنوات الـ10 الأخيرة التي كانت تدار فيها انتقالات اللاعبين بورقة الاستغناء التي يتحكم بها القائمون على الأندية بأهوائهم، غير بطولة واحدة للكأس ونتائج مخيبة للآمال في مسابقات الدوري؟.

وإن كان الحديث يدور عن إغراء المواهب في المراحل السنية فأين الأندية التي دافع عنها سعادته من مسابقات الناشئين؟ وكم لاعباً قدمت للمنتخب في السنوات الأخيرة، مقارنة بالأندية التي اتهمها بخطف اللاعبين أو إغرائهم وأولياء أمورهم؟.

وبالطبع لا أنتظر إجابة لسبب واحد ان يكون ما تم طرحه من سعادة الخبير مجرد رأي، وبالتالي فإن الآراء تختلف، وبالتالي فنحن نخالفه الرأي حالنا حال الجماهير الحزينة في الأندية المعنية التي ذكرها.

ولكن لنعلم جميعاً أن الإصلاح والسعي للنجاح لا يأتي بالبحث عن الأعذار مهما كانت درجة اقناعها، ولكن لابد من البحث عن الأسباب الحقيقية التي تغيرت على الفرق، خصوصاً ذلك الفريق الذي كان يشاد به في كل المسابقات سابقاً. وبدلاً من أن نحول نجاح الأندية الأخرى الى اتهام، علينا أن نبحث عن أسباب نجاحها ونسعى الى الأخذ بهذه الأسباب، سواء كانت مادية أو ادارية أو حتى معنوية من خلال الدعم الذي تلقاه من القائمين عليها.

وللعلم أيضاً، فإن ما صرح به سعادة الخبير في مرامس، قد ينطبق على الكثير من المسؤولين في العديد من الأندية التي بدلاً من أن تقتنع بواقعها وتسعى لتغييره، نراها تسعى جاهدة الى اختلاق الأعذار بعد كل هزيمة أو فشل على اعتقاد أن الجمهور قد لا يرحم، ولن يتقبل اعتراف المسؤول بخطئه أو خطأ فريقه، متناسين أن الجمهور الإماراتي في جميع الأندية لديه من الوعي الكامل بالتفريق بين الأعذار الواهية، والاعتراف بالأسباب الحقيقية وراء كل نجاح أو فشل.. فكفانا أعذاراً ولنبدأ العمل بعيداً عن دفاتر التاريخ.

 

arefalawani@hotmail.com

تويتر