ميزانيات الشركات وعمليات التجميل

سلمان الدوسري

عمليات تجميلية مكشوفة تقوم بها بعض المصارف والشركات المساهمة، خصوصاً لميزانياتها للربع الأخير من العام الماضي. فمثلا تُظهر إجمالي الأرباح التي حققتها في العام بأكمله، وتتحاشى قدر الإمكان إظهار الخسائر التي تعرضت لها في الربع الرابع، ويبدو أن تأخر العديد من المصارف والشركات في الإعلان عن ميزانياتها، مرده إلى البحث عن مخرج مناسب أمام الرأي العام، وتحديداً المساهمين مكتوفي الأيدي.

لم تكتفِ هذه الميزانيات بالتجميل فحسب، بل بلغت حداً بإخفاء معلومات أساسية أمام المساهمين، مثل عدم الإفصاح أمام أرباح وخسائر الربع الرابع، على الرغم من أن مسألة كشفها ليست بعملية خارقة، فيكفي العودة لميزانيات الأرباع الثلاثة السابقة، عندما كانت الشفافية في أعلى مستوياتها، حيث لم تبدأ آثار الأزمة بعد، لتكتشف وبحسبة بسيطة أن «الجماعة» حاولوا «التطنيش» هذه المرة «ولا من شاف ولا من دري».

وبخلاف أن تجميل الميزانيات عملية يسهل اكتشافها، فإن ما تتعرض له الشركات المحلية من خسائر محتملة هو أمر يشمل العالم بأسره، لذا فإن دفن الرؤوس في الرمال، والسعي بطريق تتنافى مع أبسط مقومات الشفافية التي تطالب بها الجهات الرقابية، يقلل من صدقية هذه الميزانيات، ليس الآن فقط، بل في المستقبل القريب، حيث ستظهر القوائم المالية على حقيقتها، عندها كيف سيصلح العطار ما أفسدته عمليات التجميل؟

يمكن القول إن فترة ما قبل المعايير الصارمة التي تضعها الجهات الرقابية، قد ولت إلى غير رجعة، فأن تحمل ميزانيتك أرباحاً غير محققة، أو أرباحاً ناتجة عن دوران بيع أصول بين الشركات والوحدات التابعة، وتقييم غير منطقي لبعض الأصول، كل هذا أصبح بضاعة خاسرة، ولا يمكن أن تنجح الميزانيات «العرجاء» في تمريره على الرأي العام، فالمساهمون أصبحوا أكثر وعياً من إيهامهم بإدراج أرباح غير حقيقية أو إخفاء خسائر واضحة للعيان.

المساهمون، صغارهم وكبارهم، يعون جيداً أن تأثيرات الأزمة أصابت الأخضر واليابس، وربما يعفون عن القائمين على تلك الشركات عند الدخول في محافظ خاسرة أو مخاطر غير محسوبة، كل ذلك قد يحسب ضمن دائرة «البزنس»، أما تضليل المساهمين والاستمرار في خداعهم فقد يكلف هذه الإدارات، ليس فقط إقالتها واستبدالها، بل أيضا محاسبتها قانونياً على هذا التضليل.

وإذا كانت بعض هذه الإدارات تعتقد أن أيدي المحاسبة والرقابة لن تطالها، عاجلاً أم آجلاً، فإن هيئة الأوراق المالية والسلع مطالبة بالتحرك، لاسيما أن الميزانيات منشورة على الموقع الإلكتروني للهيئة.

 

ssalmand@gmail.com

تويتر