تقارير ليست للنشر

سلمان الدوسري

11 تقريراً اقتصادياً بحثياً بالتمام والكمال، أصدرتها في 12 يوماً إحدى المؤسسات المالية المعروفة بالمنطقة، كل تقرير فيها يحتاج إلى جيش من الخبراء لإعداده، فهذا عن القطاع العقاري في الإمارات، والثاني عن المصارف السعودية، والثالث عن الرؤية المستقبلية لاقتصاد دول مجلس التعاون، فأية قدرة لهذه المؤسسة المالية لإصدار كل هذا الكم من التقارير المتنوعة؟

إصدار التقارير الاقتصادية كان حكراً على المصارف العالمية، التي تمتلك إدارات متخصصة وخبراء في هذا المجال، وكانت تقاريرها ذات مصداقية عالية لما تمتلكه من أدوات اقتصادية ومهنية واضحة، ومع هبوب الطفرة الاقتصادية على دول الخليج مطلع الألفية الحالية، بدأت مؤسسات مالية محلية تدخل على استحياء هذا المجال، لكن خلال السنوات الأخيرة، بدا أن هذه التقارير أضحت تجارة أكثر منها مؤشرات اقتصادية، تبحث من خلالها جهات معينة عن منافع وقتية، بل حتى شركات العلاقات العامة، وما أكثرها، دخلت على خط إصدار تقارير اقتصادية، فأضحت (تفتي) في مستقبل قطاع العقار، وتنبؤات أسواق الأسهم، وتوقعات مغلوطة في قطاعات الغاز والكيماويات وغيرها. غني عن القول أن لا أحد يسأل من أصدر هذه التقارير، ولا كيف استخرجت الأرقام والنسب المصاحبة لها.

اتصلت مستفسراً على إحدى الجهات التي أصدرت تقريراً يتحدث عن توقعات قطاع العقار في العام الجاري، وبعد ساعات من الانتظار والانتقال من مسؤول إلى آخر، تبين أن من أصدر التقرير شخص واحد فقط، قيل: إنه خبير بالرغم من أنه لا يملك من أدوات الخبرة ما يساعده على إصدار هذا التقرير، بل إن جلّ ما ضمن التقرير كان منشوراً مسبقاً في تقارير أجنبية عن الموضوع ذاته.

في عز طفرة الأسهم الخليجية، سجلت تقارير الأسهم طفرة غير مسبوقة، وأصدرت غالبية الشركات الاستثمارية والوسيطة والمتعاملة معها، تقارير تنصح بهذا القطاع أو ذاك، وتعتبر هذا السهم فرصة لا تعوض، ومع مرور الأيام ثبت أن غالبية هذه التقارير ما هي إلا وسيلة تستخدم لمصلحة الشركات التي أصدرتها، ولا تخفى علينا القضايا التي رفعت ضد هذه التقارير التي تسببت في تكبيد المستثمرين، أو تحديداً صغارهم، خسائر كبيرة. هناك من يحمّل وسائل الإعلام، وهي الوسيلة التي تحرص هذه الجهات على الوصول عن طريقها، مسؤولية الترويج لهذه التقارير، لكن يجب التأكيد على أن وسيلة الإعلام عندما تنشر جزءاً من هذه التقارير لا تعد مسؤولة عن تمحيص محتواها، خصوصاً إذا خرجت من جهات ذات مصداقية عالية، فهذه الجهات تتحمل نتيجة وتبعات هذه التقارير، في حين ترى الشركات التي تصدر هذه التقارير أنها على الأقل لن تخسر شيئاً من إصدارها هذه المعلومات المجمعة، والتي تقول: إنها تقرير اقتصادي، لكن متى ما أطرت الجهات المسؤولة، كل في اختصاصه، مسؤولية وآليات إصدار التقارير، ومن ثم محاسبة المتلاعبين فيها، فلابد أن هذه الشركات ستتريث طويلاً قبل إصدار تقرير عبثي يخدم مصالح خاصة، وطالما بقيت هذه الشركات تعيث في الساحة الاقتصادية تقارير فاسدة، فأبشر بطول سلامة يا مربع!

ssalmand@gmail.com

تويتر