5 دقائق

بدأت دور العرض المحلية رفع الفيلم الأنيق «فالكيري» من شبابيك العرض، على الرغم من جودته نوعاً ما وفكرته، وأن البطولة فيه للنجم الوسيم توم كروز ، أو «طوم كروس» كما يحلو لإخواننا صحافيي المغرب العربي تسميته. الفيلم الذي تهافتت دنيا السينما على التبشير به، وخصصت الصحيفة الصهيونية «جيروزاليم بوست» صفحة الفنون الخاصة بها يوم الخميس الماضي لمدحه، افتقر فقط إلى التوقيت السليم لعرضه على الجمهور.

فالفيلم الطويل «غزة 2009» والذي لم ينته بعد تسبب في أن أصبح النازيون - وهذا ليس دفاعاً عنهم- أشبه بأطفال أشقياء لا أكثر أمام آلة الحرب والقتل الصهيونية والتي أعتقد، شاء ملاك هوليوود أم أبوا، بأنهم سيكونون مجبرين على أن يستبدلوا الشرير النازي في الأفلام القادمة للعقود المقبلة بالشرير الصهيوني والذي يجمع الى جوار الشر العديد من الخصال التي يسيل لها لعاب المنتجين، مثل الخيانة والبخل والمكر.

توم كروز الذي تعب كثيراً خلال الفيلم محاولاً الإطاحة بالزعيم النازي الذي «اداله البمبة» وللجميع عندما جعل نهايته بيده وأراحنا وأراح العالم، لم يحسب هو ومنتجو فيلمه حساب أن الجيل الذي يذهب الى السينما في هذه الأيام هو جيل لم ير من الفظائع النازية أي شيء، بل يتذكر بالكاد أنه كانت هناك ألمانيا شرقية وغربية، ولا يقترن اسم المانيا في ذهنه الا بالسيارات الفخمة ومنتخب الماكينات ولا يقترن اسم النازية في ذهنه إلا بالمتعصبين الجدد الذين لا يجد فرقاً بينهم وبين الهوليغانز الذين يملأون مطاعم القرية الإيرلندية ضجيجاً أثناء بث مباريات المنتخب الإنجليزي ولاعبيه عارضي الأزياء.

فشل توم الكروز الذي احترم وسامته كثيراً واحترم قامته القصيرة التي حقق بها مهام مستحيلة عديدة، فشل ولكن الآلة الإعلامية الصهيونية لم تفشل تماماً، فهي تتقن فنون اللعبة وتمسك بالعديد من الأوراق والمعادلة ليست بصعوبة النسبية ولا بسهولة جدول الضرب، ولكنها تحتاج ضرباً مناسباً لكل شقاوة، ومن أمن العقوبة أساء الأدب.

فهِم الإعلاميون الصهاينة قواعد اللعبة، وأن من أراد القوة فعليه بحلف القوي «أميركا»، ومن أراد أميركا فعليه الإمساك بالناخبين، ومن أراد الناخبين فعليه بالإعلام، ومن أراد الإعلام فعليه بهوليوود. ولذلك نرى الشخصية الكوميدية الأكثر شعبية في أميركا «ساينفيلد» يهودية بامتياز، بل وجميع الزملاء اللطفاء الأربعة هم من اليهود، سواء في حياتهم أو في الشخصيات الهزلية التي يمثلونها ونحن نتفرج ونضحك ملء أشداقنا.

الممثل الشهير «بن ستيلر» الذي مثل (meet the parents) بجزأيه اللذين غصت بمشاهديهما قاعات جراند سينما في الإمارات والكثير من الأفلام يهودي بامتياز، ويصر على أن يمثل دور اليهودي، لا لشيء إلا لزرع صورة جميلة عن اليهود في مخيلة المتلقي العربي.

تنفق المؤسسات الخيرية الإسلامية الملايين من أجل تحسين صورة العرب والإسلام في الغرب، ثم يأتي فيلم واحد لينقلنا مجدداً الى المربع الأول، أما آن أن نلعب بأساليبهم؟ هل من الصعب استمالة «أوبرا» أو «راشيل راي» أو غيرهما من المقدمات ليكن ناطقات باسمنا في فضائهم؟

  

shwaikh@eim.ae  

الأكثر مشاركة