أقول لكم

أعطوني جهاز التحكم، دعوني أنتقل إلى قناة رياضية حتى لا أرى ولا أسمع ما يحدث في غزة، وارفعوا من أمامي كل ما يمتّ إلى السياسة بصلة، ملعونة هي السياسة، جعلتنا نهيم على وجوهنا، لا، بل نلطم وجوهنا، ونمزّق ثيابنا، مثل النائحات يوم فَقْد أعز عزيز في الدنيا، وهل هناك أعز من آدمية الآدميين؟ هيا، حركوا الأزرار ، انقلونا من حال إلى حال، دعونا نذهب إلى الكرة، نشاهد مباراة متكافئة، هنا 11 لاعباً، وهناك مثلهم، وليس قطيعاً من 10 آلاف عنصري حاقد ضد أناس هدّهم الجوع والخوف وهم ينتظرون سقوط أنقاض بيوتهم على رؤوسهم، دعونا ننتظر صافرة حكم نزيه مع مساعدين أقسموا بأن يكونوا مع الحق في ساحة اللعب وليس حامل مطرقة اسمه «بان كي مون» غير قادر على جمع مجلس أمنه حوله، ويرفض أن تضم قائمة الضحايا في غزة الرجال، مكتفياً بإحصاء الأطفال والنساء فقط، لأنه باعد بين الحقيقة والنزاهة والمنصب الدولي، دعونا نؤكد عدل «بلاتر» و «بن همام» في مواجهة ذلك «البوش» الذي قبل أن يكون سيد اختراق القوانين البشرية، وأن يكون حامي الوحوش الضارية، ودعونا مع خطط «دومينيك» أو «ميتسو» ولا تخضعونا لمجرم حرب اسمه «باراك»، يخطط للموت والدمار، و«باراك» الآخر مازال يفكر إن كانت غزة تستحق أن تزال عن وجه الأرض أم لا، أعطونا كرة يركض خلفها كل لاعب، كرة قد تدخل المرمى، وقد تفرح الجماهير أو تجعلهم يطلقون آهات أسف على مرورها بالقرب من العارضة، أعطونا عدلاً يساوي بين الأجناس، لا يعرف لوناً أو لغة أو ديانة، ويطبّق القوانين من دون محاباة، عدلاً فيه «كارت أصفر» لإنذار المخالف، و«كارت أحمر» لطرد المعتدي الذي مارس العنف، ولا تقولوا لنا انتظروا «ساركوزي» القادم اليوم وفي جيبه حل قد يكون فيه الشفاء، فقد علّمتنا أوروبا أن الهجوم خير وسيلة للدفاع في كرة القدم، ولكنها هذه المرة تقول إن الهجوم الإسرائيلي على غزة براً وجواً وبحراً كان دفاعياً، ولا ندري ما هو رأي «بلاتيني» رغم أننا متأكدون بأنه يخالف رأي قارته، لأنه لاعب كرة قدم، وفي الكرة نزاهة لا تعرفها السياسة، فالكلمات تصف الأفعال في الكرة، أما كلمات السياسة فهي تبرر التجاوزات دوماً.

لن أشاهد المذابح في غزة، ولن أسمع نقاشات تفسر أسباب القتل الجماعي في غزة، ولن أشم رائحة الدم في غزة، ولن أخفض رأسي خوفاً من تهدّم بيت في غزة، فأعطوني جهاز التحكم، دعوني أضغط زراً يوقف الحزن على غزة.

الأكثر مشاركة