قمة مسقط.. هل من جديد؟

سلمان الدوسري

يلتفت الخليجيون كعادتهم في هذا الوقت من كل عام إلى قمتهم السنوية، التي تستضيفها مسقط الأسبوع المقبل. لن يكون جديداً وصفها بأنها «تُعقد في ظروف بالغة الحساسية والدقة» أو أنها «اكتسبت أهميةأ بالغة، أوذلك نظراً لتزامنها مع تطورات إقليمية»، وهكذا قدّر للشارع الخليجي أن يصبر على تباطؤ في مسيرة المجلس التعاوني، عاماً بعد الآخر، فالظروف الإقليمية والحساسية تستدعي تضحية من قبل المواطنين.

من الممكن فهم أن يكون تأسيس المجلس نبع من هذه الظروف التي تتكرر كل عام، عندما قامت الثورة الإيرانية التي كانت، ولازالت، تهدف إلى تصدير الثورة، ويمكن قبول الظروف التي ترافقت مع الحرب العراقية الإيرانية، لكن أن يبقى الشارع الخليجي حبيساً لهذه الظروف، وكأنها غول يلاحقه طوال أكثر من ربع قرن، فهذا أمر لا شك أنه سيضعف المساندة الشعبية الخليجية للمجلس على مرّ السنوات اللاحقة.

الشارع الخليجي سيترقب أثناء انعقاد قمة مسقط، كيف يتم التعامل مع أزمة انخفاض أسعار البترول؟ وما القرارات التي ستصدر للتعاطي مع الأزمة المالية العالمية؟ سينتظر الخليجيون قرارات تتعلق بالبنية التشريعية للمجلس التعاوني، الذي بعد كل هذه السنين الطويلة لايزال يفتقد بنية مؤسساتية تساعد على ترسيخ طريق الإصلاحات في المجلس، فأين الهيئة الاستشارية التي نسمع لها جعجعة ولا نرى طحناً؟ وأين الحديث عن تحويلها لبرلمان خليجي يراقب أداء المجلس؟ بل ما دور لقاءات البرلمانات الخليجية المتتالية، إذا لم يسمح لها بتوجيه نقد صريح لمسيرة المجلس؟ ناهيك عن بقاء الحدود الخليجية - الخليجية كما هي عند تأسيس المجلس عام 1981 والأخيرة هي الأكثر التصاقاً بالمواطنين الخليجيين الذين، للمفارقة، يتنقلون بحرية بين دول الاتحاد الأوروبي، بينما لا يحق لهم ذلك في مجلسهم التعاوني!

يجادل البعض بأن مجرد استمرار مجلس التعاون الخليجي طوال هذه الأعوام، دون مقاطعة أي دولة خليجية للقمم السابقة هو إنجاز، مقارنة بالمجالس العربية المماثلة، وهذا أمر صحيح ولا مفر من الاعتراف به، غير أن من يطلب العلا ينظر لمن هم أفضل منه، ولا يخفض رأسهم للأدنى، لذا فمن الضروري أن انتقال الهدف الخليجي من مجرد الالتقاء إلى تفعيل حقيقي لدول المجلس، والانتقال إلى مرحلة الإنجاز الفعلي، وليس التسويف والتأجيل.

بالرغم من كل هذا الإحباط الخليجي من قمم مجلسهم التعاوني، إلا أننا نتذكر جميعاً منظر قدوم قادة المجلس في كل قمة. النقل المباشر يتحول إلى برنامج يحرص الكثيرون على متابعته، فلقاء القادة يجسد فرحة شعبية يتداولها الجميع، وإذا لم تتم الاستفادة من هذا الالتفات الشعبي للمجلس، فإن الزمن، بالإضافة إلى روتينية القمم وعدم خروجها بما يرضي الشعوب، سيحولان المجلس إلى تنظيم كهل شابَ قبل أوانه. عندها من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إعادة الروح فيه، وسيصبح مجلساً خليجياً بالفعل، لكنه بلا طعم أو لون أو رائحة!

ssalmand@gmail.com

تويتر