«المفاجأة السعودية»

سلمان الدوسري

هل فاجأت السعودية دول الغرب برفضها تحملاـل فاتورة الأزمة المالية؟ ربما كانت كذلك. على كل حال هي مفاجأة سعيدة للخليجيين بكل تأكيد وليس للدول الغربية، ليس لأن السعوديين وضعوا الأمور في نصابها الصحيح فقط، ولكنها أنهت ترقباً طال انتظاره من قبل أبناء المنطقة لما ستسفر عنه المطالب الغربية للسعودية ودول الخليج، التي من المؤكد أن موقفها لن يكون بعيداً عن الموقف السعودي، وهذا ما كشفه الشيخ عبدالله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي، عندما صرّح بأن خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، سينقل الموقف الخليجي من التعامل مع الأزمة المالية خلال اجتماعات الدول العشرين في واشنطن.

«لن ندفع أكثر ولا أقل من غيرنا»، هكذا ردّ وزير المالية السعودي، وهكذا ينبغي التعامل مع القضايا الدولية الحساسة، لكن كان يجدر بالحكومات الخليجية أن تكون أكثر شفافية مع مواطنيها في مثل هذه المواقف، فرئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، في جولته الخليجية الشهر الماضي، كان يتحدث بلغة الواثق من أن دول الخليج ستكون داعمة لصندوق النقد الدولي، في حين كان مواطنو الخليج ينتظرون موقفاً واضحاً من حكوماتهم، غير أن الرد تأخر قليلاً، لكنه أتى في كل الأحوال.

 هناك من يرى أن دول الخليج أصبحت بقرة حلوباً فقط لأن لديها وفرة مالية ضخمة من عائدات النفط، نقول لهؤلاء تذكروا أن «حنفية النفط» التي يعتمد عليها الخليجيون مردّها للنضوب، وقبل ذلك الانخفاض الكبير في أسعاره خلال الشهرين الماضيين، ولا تنسوا أن هبوط سعر البرميل عن 40 دولاراً، وهو أمر غير مستبعد، يعني أن يعود العجز لدول الخليج من جديد، فهل عندها سيعيد صندوق النقد الدولي الأموال الخليجية لأصحابها عندما يتهاوى سعر النفط إلى أقل من 40 أو حتى 30 دولاراً؟

لا جدال في أن الأزمة المالية عالمية، والتعاون الدولي مطلوب متى ما حُددت أبعاده ودور كل طرف، ودول الخليج تقوم بدورها في تعزيز الاقتصاد العالمي على أكمل وجه، بل حتى عندما كانت فاتورة النفط تثري خزانة الحكومات، كانت الأخيرة تؤكد أن سعر برميل النفط غير عادل، تصوروا يرتفع سعر السلعة التي تعتمد عليها بشكل كبير، ومع هذا تضع مصلحة العالم قبل مصلحتك، وتعمل على وقف ارتفاع الأسعار، وهو ما يؤكد أن موقف دول الخليج لم يكن تكتيكياً بل استراتيجياً وبحثاً عن استقرار العالم.

هذا كان يحدث عندما كانت القضية واضحة المعالم وأركانها معروفة، أما مع الأزمة المالية فغدت البوصلة تدور في الساعة عشرات المرات، ودول الخليج لم ترغب يوماً في تصعيد موقفها مع دول العالم، فهي تعلم جيداً حجمها السياسي، وأيضاً قوتها الاقتصادية، وعلى هذا الأساس يجب أن تبقى الحسابات الاستراتيجية من حق أي دولة، ولا أظن أن هناك مَنْ يغضب منك فقط لمجرد أنك تخشى على مستقبلك ومستقبل أبنائك  

  ssalmand@gmail.com

    

تويتر