وزراء المال وخيبة المال

سلمان الدوسري

نقول صباح الخير لوزراء المالية الخليجيين الذين اجتمعوا أخيرا لمناقشة الأزمة المالية التي تعصف بالعالم وتأثيرها على مجلس التعاون، فالاجتماع أنفض وكأنه لم يعقد، إذا ما استثنينا بالطبع البيان الذي حمل كلاما لم نشم فيه أي رائحة لأي فعل جماعي لمواجهة الأزمة، واكتفوا ب ''ثقة'' و ''ارتياح'' و ''إشادة'' ، هذا كل ما خرج به الوزراء بعد انتظار طويل من قبل الفعاليات الاقتصادية والشارع الخليجي.

هل يعقل أنه في الوقت الذي تقر فيه التجمعات العالمية الأخرى، خططا قصيرة المدى واستراتيجيات طويلة المدى تطويق الأزمة، وتوشك دول بأكملها على الإفلاس، يأتي وزراءنا الأعزاء ليعلنوا، وعلى طريقة الأفلام المصرية (كله تمام يا أفندم). هل شرح لنا وزراءنا الأفاضل (هذه فقط) كيف يمكن أن يكون عليه الحال إذا ما واصلت أسعار النفط هبوطها إلى ما دون الخمسين دولار، وهي تحوم حاليا عند الستين دولار، وكيف ستواجه الحكومات الخليجية العجز المتوقع في ميزانياتها؟

ليس جديدا القول أن الأزمة المالية العالمية ينبغي لها أن تسرع خطى دول المجلس للتكامل المالي والاقتصادي، بل أن ما أفرزته هذه الأزمة أثبت أن تأخر دول مجلس التعاون في إقرار عملة موحدة وسوق مالية مشتركة ومصرف مركزي واحد، كان أحد الأسباب الرئيسية في تأثرها إلى هذا الحد. وفيما كنا نترقب وثيقة لحماية الاقتصاد الخليجي، وإقرار خارطة طريق مشتركة لمواجهة الأزمة الأخطر على اقتصاديات الدول الخليجية، يكون البرود سيد الموقف من قبل السادة الوزراء، ويكتفون ببيان لايستحق حتى الحبر الذي كتب فيه.

لسنا بالمتشائمين، ولا نتمنى أن تختبر الأيام المقبلة التطمينات الكلامية لمعالي الوزراء، غير أن الاجتماع المنتظر، واليتيم منذ بدء الأزمة، أفتقر لوسائل عملية توضح كيف سيتم التعامل مع الأزمة بخطوات مشتركة، بدلا من أن تتعامل كل حكومة بفردية دون التنسيق مع شقيقاتها، كما هو حاصل حاليا.

بقى أن نشير إلى أن نتائج اجتماع وزراء المالية الاستثنائي (كيف يكون استثنائي بعد شهور من الأزمة) سيكون على المحك بعد شهرين من الآن، وأعني عندما يجتمع قادة دول مجلس التعاون في مسقط في نهاية ديسمبر المقبل، أظن أن هذه الفترة ستكون كفيلة بمعرفة تأثير هذه الأزمة واستمرارايتها وكيفية مواجهة دول التعاون لها، فإما أن نرفع الغترة والعقال لوزرائنا الذين رأوا أن الأزمة المالية لا تستحق كل هذا العناء الذي نتحدث عنه، وإما فإن القمة مطالبة بمحاسبة من لم يقرأ الأزمة جيدا وهون منها، وأكتفى بإجتماع وحيد وبيان كلامي فقط.

ولعل أفضل رد للاجتماع الاستثنائي! الذي ضم أيضا محافظي المصارف المركزية، وبعد كل هذا التأخير، هو ذلك التجاوب التعيس للبورصات الخليجية التي استمرت يومي الأحد والاثنين (الاجتماع كان يوم السبت) وهي ترزح تحت اللون الأحمر بنسب قياسية. في ظني أداء البورصات، في هذه الفترة تحديدا، كان هو أفضل قياس لفشل الاجتماع الاستثنائي!

تويتر