من المجالس

أنذرت وزارة الصحة الشركة الأسترالية المسؤولة عن إدارة مستشفى القاسمي بإنهاء العقد المبرم معها إذا لم تلتزم بشرط تأهيل عدد من المواطنين ليكونوا على رأس إدارة المستشفى فور انتهاء مدة العقد بدلاً من الإدارة الأسترالية. وردّت الشركة بأن إداراتها لم تتلقَ الدعم الكافي من الوزارة لتحقيق هذا الهدف. وبين تهديدات الوزارة وتبريرات الشركة أمور وتفاصيل أخرى متداخلة. ولذلك لن نقف عند هذه القضية على وجه الخصوص لنصدر الأحكام قبل أن يتضح المزيد من تفاصيلها، ولكن يمكن اعتبار هذا الموضوع الذي فجّرته وزارة الصحة مفتاحاً للدخول عبر باب كبير إلى مسألة أصبحت مفتوحة.. وهي الإدارات الأجنبية التي صارت ملاذاً، يبدو وحيداً، لواضعي خطط التطوير، وطريقاً، لا ثاني له، لبلوغ التحديث.

وهذا الطرح لا يعكس تحاملاً بغير دليل، كما أنه لا يحمل أي اتهام مسبق، ولا يعني الدعوة إلى وقف هذا النوع من التعاون والحكم بفشل التجربة على إطلاقها. ولكنه يعني المطالبة بالمراجعة الدائمة للتجربة، وعدم التردد في وقف أي من جوانبها إذا أثبتت عدم تحقيقها لأهدافها. وصحيفة الإخفاق ليست خالية من الاتهام ولا هي ناصعة البياض. وتجربة الشركة الألمانية الفاشلة في إنشاء التعليم التطبيقي، وتجارب العديد من المديرين الأجانب في المؤسسات المالية والمصرفية لاتزال حاضرة في هذا الملف. ولكنها لم تتعرض لعملية مراجعة وتقويم حقيقية تحصي من خلالها نتائج هذه الاستعانة، سواء في تأهيل قيادات وطنية أو في إنجاح المؤسسات التي أدارتها. الاستفادة من الكفاءات البشرية الناجحة ضالّة الباحثين عن النجاح. والاستعانة بإدارات أجنبية إذا كان جزءاً من خطط لبناء قاعدة كفاءات بشرية مواطنة فإنه لا شك يصبّ في المصلحة العامة من منطلق الاستثمار بعيد المدى، ولكن هذه الاستعانة إذا لم تحكم بقيود، وتعمل وفق ضوابط، وتتحرك بناءً على جدولة زمنية وعملية فإنها تعني تسليم العمل المؤسسي لقطاعات واسعة بالدولة لأصحاب الأطماع سواء كانوا أفراداً أو شركات أو بيوت خبرة تغدو إلينا خماصاً وتعود إلى أوطانها بطاناً.   


adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة