Google يكشف المبدعين العرب

سلمان الدوسري

 لو قيل لك: هذه جائزة بمليوني دولار ماذا تقول؟ ولو عرض عليك التسويق لفكرتك التي قمعت طويلاً على مستوى العالم ومجاناً، ماذا يكون ردك؟ بالتأكيد ستهرع لها، ولو زحفاً على الركب، فمن يرفض المضي نحو هذه الفرصة التي لا تتكرر. إذاً ماذا تقول عن الذين عرضت عليهم الجائزة، بل والتسويق لأفكارهم واختراعاتهم على مستوى العالم، ومع ذلك رفضوا بتاتاً الدخول فيها.. والمحاولة.

لا تستغرب عزيزي القارئ، فعندما يعرض Google بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيسه، مسابقة للأفكار المبدعة، أو تلك التي قال إنها ستغير العالم، ويرصد لها ميزانية ضخمة تصل لـ10 ملايين دولار للخمسة الأوائل فقط، ويغيب شبابنا ومبدعونا العرب عن قائمة الـ100 كاملة، فلاشك أن هذه ستعيدنا إلى حقيقة مرة ابتعدنا عنها طويلا، أننا بلا مبدعين أصلاً! وبحسب تقرير لموقع العربية نت، فإن الموعد النهائي لهذه المسابقة انتهى هذا الأسبوع، من دون أن يتكرّم أيّ من المبدعين العرب بالإثبات أنه مبدع حقيقي، والوصول بفكرته إلى غرب العالم وشرقه. عشرات بل مئات القصص نسمعها تتهم هذا الوزير أو ذاك بقتل طموح المبدعين في بلده، والعديد من التقارير الصحافية نقرأها ونشاهدها، وتنقل لنا كيف أهملت الحكومات إبداعات مواطنيها، وهناك آلاف الحكايات والاتهامات في المجالس موجهة للمسؤولين الذين يرفضون حتى استقبال هؤلاء المبدعين، حتى صدقنا فعلاً أن لدينا المئات بل الآلاف من المخترعين العباقرة، الذين يضاهون بيل غيتس مؤسس مايكروسوفت وسيرجي برين ولاري بيجألا مؤسسي غوغل والهندي المسلم سابر باتيا مخترع البريد الإلكتروني هوت ميل. فكل أولئك وغيرهم، لم يتنظروا نجاحهم على طبق من فضة، فيما مبدعونا، إذا افترضنا أن لدينا مبدعين، تعرض عليهم جائزة يسيل لها اللعاب، ووسيلة لاتتكرر وتتخطى حواجز الوزراء الظالمين، و«لا حس ولا خبر». لست بمبرئ ساحة الحكومات العربية عن هذا التخلف العلمي الذي نعيشه، فلا جدال أنها أيضا تتحمل مسؤولية كبرى فيه، لكن السؤال أين أولئك الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً من قمع لطموحاتهم وخنق لأفكارهم، فلما دعوا لقاعة الاختبار، والكيبورد فقط هو وسيلتهم، اختفوا تماماً ولم تظهر أصواتهم تماماً. ما كشفته لنا غوغل من تعرية لواقعنا المخجل، ليس جديداً، لكنها ربما تعيدنا لما نحن عليه، فنتخلى عن التغنّي بماضينا التليد، وفتوحاتنا التاريخية التي عفى عليها الزمن. فجل مصائبنا تأتي من أن المكابرة صديقنا الدائم، والاعتراف بالحقيقة عدونا اللدود، فنتغنى بالأوهام، ونغض النظر عن حقائق أمام أعيننا، فأين ذلك الاختراع الذي واجهنا به العالم؟ أين تلك التقنية التي تهافت الناس من كل أنحاء الدنيا يبحثون عنها؟ الإجابة صفر بكل جدارة. ربما لو كانت هناك مسابقة للأعلى صوتاً أو للأكثر إيماناً بمؤامرة الشعوب الأخرى ضدهم، فالأكيد أننا سنحرز المراكز الـ100 الأولى!

تويتر