القضاء «يُخرس» الألسن!!

محكمة «جنح» دبي قالت كلمتها، وحكمت على البريطانية ميشيل بالمر وصديقها البريطاني فينيس أكروز، بالحبس ثلاثة أشهر مع الإبعاد عن البلاد، بعدما دانتهما بتهمة «هتك العرض بالرضا» إضافة إلى غرامة مالية عن تهمة تعاطي المشروبات الكحولية.

المحكمة انتصرت للقانون، وطبقته، وهذه حال جميع دول العالم المتقدمة، بما فيها أميركا وبريطانيا، القانون ينطبق على الجميع، ولا توجد استثناءات بسبب جنسية أو جنس أو لون أو دين، هذا ما يفترض أن يسود في كافة دول العالم، وهذا باختصار ما قام به قاضي محكمة الجنح في دبي الذي نظر القضية ونطق بالحكم.

 نظر في قضية مدعومة بأدلة وبراهين، واستمع لمحامي الدفاع، ثم طبّق القانون الذي أقره المشرّع الإماراتي، ويسري على كل من يعيش في حدود دولة الإمارات العربية المتحدة، بعدما اطمأنت المحكمة للأدلة وأقوال الشهود.

وبما أن القضاء نطق بكلمته، فعلى الجميع الآن أن يلتزموا الصمت، فلا الإعلام البريطاني أو الخارجي  له الحق في انتقاد أي من قضاتنا أو قوانيننا، ولا «الألسن» المحلية لها الحق في المطالبة بعقوبة أشد!

المسألة هنا ليست كرة قدم، والقاضي ليس مدرباً حتى يتدخل جميع من يفهم ومن لا يفهم من الجمهور العريض ليشاركه اختيار اللاعبين، ووضع الخطة، وإجراء التغييرات اللازمة، المسألة هنا مختلفة تماماً، ولا مجال لأي من «العامة» أن يبدي رأياً أو مقارنة، أو أن ينتقد حكماً قضائياً، القضاء له أساسياته، ومبادئه، وله مداخل قانونية وتشريعية وتفصيلات وتشعبات يصعب على عامة الناس فهمها، وبالتالي فلا يجب الاستسهال في الانتقاد، أو وضع المقارنات، لأن كل قضية مختلفة تماماً عن الأخرى، حتى وإن ظهرت أمام العيان متشابهة.

محكمة الجنح في دبي، حكمت بما اطمأن إليه القاضي، فلم تنظر للون أو جنسية أو دين، لم تلتفت إلى كل ما يشاع من أن البريطانيين في الإمارات فوق القانون، ولا يسري عليهم ما يسري على غيرهم من الجنسيات الأخرى، كما لم تأبه لضجة الإعلام البريطاني، الذي يقرّ بجريمة بالمر وصديقها، لكنه يحاول التصيد وتوجيه القضية إلى مزالق أخرى لا علاقة لها بالتقبيل واللمس والجنس الفاضح العلني على شاطئ مفتوح أمام المارة!!  المسألة هنا ليست حرية شخصية، وليست حقوق إنسان، المسألة هنا كما هي في جميع دول العالم، سلوك «حيواني» أبعد ما يكون عن الإنسانية، والمسألة هي «انحلال أخلاقي» ترفضه جميع حضارات العالم!!

لن ترضخ محاكم الإمارات لأي من هذه «الاستفزازات» طالما هناك قوانين تطبق على الجميع، هذه هي القاعدة الرئيسة التي يمكن لنا أن نوجهها لكل من يريد التطاول على القانون، في المقابل لم تلتفت المحكمة إلى الأصوات التي تبالغ وتريد تعليق «المشنقة» لبالمر وفينيس، ليس اقتناعاً بعظم الجرم الذي ارتكب،ولكن نكاية في الجنسية البريطانية التي يحملانها!

في اعتقادي الشخصي أن الحكم عقلاني، ومنطقي جداً، ووجّه رسائل واضحة وصريحة لجميع المشككين من جهة، والذين كانوا «يحلفون» بأغلظ الأيمان بأن القضاء سيحكم ببراءتهما، كما وجّه في المقابل رسالة لجميع الجاليات التي تعيش في الإمارات بضرورة التقيد بالقوانين المتبعة، وفي النهاية لا أحد فوق القانون، والعقوبات المفروضة لم تُسنلا لجنسيات دون أخرى

الأكثر مشاركة