من المجالس

   
 سعر برميل النفط أصبح دون الـ 70 دولاراً، وهذا بلغة الأرقام يعني نزوله إلى أكثر من نصف سعره في أقل من شهرين، عندما قارب في الصيف الماضي 150 دولاراً للبرميل ليصل الآن إلى 69 دولاراً. 

 ولأن اللعنات قد صبّت من العالم أجمع على النفط، لتسببه في ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي ترتبط به وبأسعاره بطريقة أو بأخرى، ولم يسلم النفط من غضب المستهلك حتى في الدول المنتجة له، فإن الهبوط الحاد الذي شهدته أسعار الذهب الأسود في الأسابيع الماضية كان محط أنظار المتعلقين بآمال حدوث انخفاضات تصحيحية في الأسعار، تناسب الانخفاض في القيمة السعرية لبرميل النفط. إلا أن هذه الانخفاضات حدثت في حدود ضيقة، بعد أن انتقلت عملية تعليق الأسباب من شماعة الوقود إلى شماعات أخرى عدة، دخلت فيها أسعار العقارات والإيجارات والرسوم الحكومية وتكاليف التشغيل الأخرى.

 وكل هذه أسباب لا يمكن إغفالها، ولا يمكن تجاوز حقيقة تأثيراتها، ولكن مع أزمة السيولة التي أصابت العالم كله فإنه يفترض ألا تسبح عكس التيار، وألا تغرد خارج السرب فتظل متمسكة بمواقعها القديمة، دون أن تضطر لمحاكاة التطورات الجديدة التي أتت بها الأزمة المالية العالمية من هبوط في أسعار النفط وارتفاع لقيمة الدولار.

 الأسعار المحلية تحركت نحو الأسفل، ولكن لاتزال هذه الحركة غير متناسبة مع حراك العناصر الاقتصادية ذات الصلة داخلياً وخارجياً. ولذلك عندما سُئل المقاولون أخيراً عن مدى تأثير نزول أسعار الحديد إلى أقل من النصف في تكلفة البناء قالوا إن سهم الحديد المسلح في القيمة الكلية للبناء لا يزيد على 7%، وهم الذين رفعوا أصواتهم مستغيثين من قبل بأن ارتفاع أسعار الحديد هي السبب في ارتفاع كلفة البناء.

يقولون إن العجلة لا تعود إلى الخلف، وإن التجار لا يمكن أن يتنازلوا عن مستويات سعرية حققوها. إن أكبر تنازل يمكن أن يقدموه للناس هو القبول بثبات الأسعار. ولكنْ لقوانين الاقتصاد قول آخر، إما أن نأخذ به أو نتوقف عن ترديد القول باقتصاد السوق.

الأكثر مشاركة