شعارها «اللاعنف» و«التغيير السلمي».. 102 عام على بدء ثورة المهاتما غاندي

يوافق اليوم، السادس من أبريل، الذكرى الـ102 لبدء ثورة موهانداس كرمشاند غاندي، في الهند، حيث دعا غاندي الشعب الهندي إلى القيام بعصيان مدني احتجاجاً على سياسة الاستعمار البريطاني في البلاد، فقام العمال وغيرهم من طوائف الشعب الهندي بالاضراب ووقف التعامل مع سلطات الاحتلال.
 
وُلد غاندي، المعروف باسم المهاتما (أي الروح العظيمة)، في الثاني من أكتوبر عام 1869، لعائلة لها باع طويل في العمل السياسي، إذ شغل جده، ومن بعده والده، منصب رئيس وزراء إمارة بوربندر، مسقط رأس المهاتما.

درس غاندي القانون في بريطانيا، وأمضى أكثر حياته العملية في جنوب إفريقيا، وعاد إلى الهند في عام 1915، وأصبح في غضون سنين قليلة الزعيم الأكثر شعبية في البلاد.

قاد غاندي حملات وطنية لتخفيف حدة الفقر، وزيادة حقوق المرأة، وبناء وئام ديني ووطني، ووضع حد للنبذ، وزيادة الاعتماد على الذات اقتصادياً، وقبل كل شيء كان يهدف إلى تحقيق استقلال الهند من السيطرة الأجنبية.

وفي سبيل تحقيق أهدافه، أسس غاندي ما عرف في عالم السياسة بفلسفة «اللاعنف»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أسس دينية واقتصادية وسياسية في آن واحد، ملخصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف.

وعلى مدى أكثر من 50 عاماً، وهب الزعيم الهندي غاندي نفسه لنشر سياسة اللاعنف والتغيير السلمي، حيث استخدم في هذا السبيل العصيان المدني اللاعنفي، الذي دعا إليه حينما كان محامياً مغترباً في جنوب إفريقيا، في الفترة التي كان خلالها المجتمع الهندي يناضل من أجل حقوقه المدنية.

وتهدف سياسة «المقاومة السلمية» أو فلسفة اللاعنف، التي أطلقها غاندي، إلى إلحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي الكامل والعميق بالخطر المحدق، وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولاً ثم بالعنف إذا لم يوجد خيار آخر.

وتتخذ سياسة اللاعنف أساليب عدة لتحقيق أغراضها، منها الصيام والمقاطعة والاعتصام، والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت.

و«اللاعنف»، بحسب غاندي، لا تعني السلبية والضعف كما يتخيل البعض، بل هي كل القوة إذا آمن بها من يستخدمها، من غير وحدانية.
 
وقد قال غاندي تعليقاً على سياسة اللاعنف، إن «(اللاعنف) أعظم قوة متوافرة للبشرية.. إنها أقوى من أقوى سلاح دمار صنعته براعة الإنسان».

ويشترط غاندي لنجاح هذه السياسة تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح حوار موضوعي مع الطرف الآخر.

عاد غاندي إلى الهند في عام 1915، وبدأ حملته من أجل استقلال بلاده في أعقاب مذبحة مدينة أمريستار السيخية المقدسة، عندما أطلق البريطانيون النار على تظاهرة، ما أسفر عن مقتل نحو 400 شخص وإصابة 1300 آخرين.

وتبنى الهنود من جميع طبقات المجتمع والأديان دعوته الرامية للاحتجاج غير العنيف، وتشجيع عدم التعاون مع الحكم البريطاني، الذي تضمن مقاطعة البضائع البريطانية، ورداً على ذلك اعتقل البريطانيون غاندي بتهمة التحريض وإثارة الفتنة وسجنوه لمدة عامين.

تحققت أهداف غاندي عندما أضعفت الحرب العالمية الثانية قبضة بريطانيا على إمبراطوريتها.

وحصل المهاتما على استقلال بلاده في عام 1947، لكن آماله في تعايش المجتمعات الهندوسية والمسلمة مع بعضها في ولاية واحدة تبددت عندما انقسمت البلاد إلى دولتين، الهند وباكستان.

خلق الانقسام مزيداً من العنف، وعاد غاندي إلى دلهي للمساعدة في حماية المسلمين الذين اختاروا البقاء في الهند، وبدأوا الصيام من أجل حقوق المسلمين.

وكان غاندي بعد أقل من ستة أشهر من الاستقلال في طريقه إلى اجتماع صلاة في المدينة، عندما أطلق شاب هندوسي متعصب النار عليه، ما أدى إلى موته عن عمر ناهز 79 عاماً.
 
واتحد الناس من شتى أرجاء العالم في حداد على وفاة شخصية سلام عالمية، لم ترَ على الإطلاق تحقق حلمها برؤية الهند التي لا يقسمها دين أو طائفة أو طبقة معينة.

عاش غاندي متواضعاً في مجتمع يعيش على الاكتفاء الذاتي، وارتدى الدوتي والشال الهنديين التقليديين، اللذين نسجهما يدوياً بالغزل على الشاركا، وكان يأكل أكلاً نباتياً بسيطاً، كما قام بالصيام فترات طويلة كوسيلة لكل من التنقية الذاتية والاحتجاج الاجتماعي.

تم تشريف غاندي رسمياً في الهند باعتباره «أبو الأمة»، حيث إنه يتم الحتفال بيوم عيد ميلاده في الثاني من أكتوبر، كغاندي جايانتي، وهو عطلة وطنية، وعالمياً هو اليوم الدولي للا عنف.

تويتر