قرية "ترونيان".. طقوس سرية تكرم الموتى المتزوجين

عند سفوح أحد البراكين النشطة ،وبين الغابات المختبئة في عمق بالي الشمالية، وعلى إحدى ضفاف بحيرة "باتور" .. تقع  قرية "ترونيان" الجبلية التي اختار أهلها العيش فيها بعيدا عن أعين أهل البلاد والسياح لممارسة طقوسهم السرية، ويعتقد أصحاب هذه القرية أنهم أهل بالي الأصليين قبل أن تبدأ هجرة الماجاباهيت من جاوا في أندونيسيا.

لسكان القرية معتقداتهم الخاصة التي تختلف عن معتقدات سكان قرى بالي الأخرى التي تعتنق الهندوسية، ولهم عادات مختلفة بالتعامل مع الموتى، حيث تكرم جثث الموتى المتزوجين في مقبرتين بالقرب من القرية ولايمكن الوصول إليها إلا عن طريق القوارب.


يتعامل سكان قرية "ترونيان" مع الجثث ضمن قواعد محددة لا يجوز تجاوزها، فلا يحرقون الجثث لاعتقادهم أن ذلك سيغضب البركان كما أنهم لا يدفنونها، بل يتركونها عرضة لأشعة الشمس حتى يتحلل لحمها بفعل حرارة الشمس الحارقة ليتم بعد ذلك فصل الجمجمة عن الجسم وتوضع تحت شجرة "مقدسة " تسمى "تارو مينيان" وتعني الشجرة العطرة وهي من نوع خاص ينبعث منها رائحة لطيفة لتبديد رائحة العفن، ومن هنا اشتقت القرية اسمها وعند امتلاء الأقفاص البالغ عددها 11 بالجثث يتم إزالة الجثة الأطول عمرا ووضعها إلى جانب كومة أخرى من الجثث القديمة فيما يتم دفن جثث غير المتزوجين بطريقة تقليدية.

ولايسمح إلا للرجال بإيصال الجثث للمقبرة ، بعد القيام بطقوس التجهيز التي تنطوي على تنظيف الجثة بمياه الأمطار ولفها بالقماش مع ترك الرأس مكشوفا ومن الممكن أن تبقى جثة الميت أياماً وأسابيع في منزل أهل المتوفي ويستعينون بالفورمالدهيد لحفظ الجثث من التحلل بسرعة، ويؤمن أصحاب القرية بأن مصيبة ستحل عليها إذا زارت الفتيات المقبرة، فيتحضرون لزلازل أو ثورات بركانية.

ولاتعد طقوس دفن الموتى في "ترونيان" الأمر الغريب الوحيد فيها، حيث يجتمع شبان القرية في أكتوبر من كل عام للاحتفال وتكريم مخلوق أسطوري يشبه الأسد يطلقون عليه بارونج، حيث يرتدي الشبان ملابس من أوراق وقشور الموز المجفف.

ويسمح للشباب فقط بالمشاركة في هذا الاحتفال، ويتم اختيارهم بعناية شديدة، ثم يقضون 42 يوما في الحجر الصحي لـ"تطهير" أنفسهم وتقام هذه الطقوس لحماية القرية وأهلها.

وبينما يجري الشباب حول المعبد، يحاول المارة سرقة الأوراق التي يضعها الشبان على أجسامهم، فيرد الشبان على ذلك بضرب مهاجميهم بالسياط، ويستمر الاحتفال عادة 3 أيام متتالية، تبدأ من فترة الظهيرة وتنتهي نحو الساعة الخامسة مساءً يوميا.

ولا تزال القرية بأكملها تجتمع لاتخاذ القرارات المجتمعية، عبر عقد حلقات نقاش في قلب القرية بمنصات في الهواء الطلق.

ويمكن للسياح الراغبين في زيارة قرية ترونيان القيام بذلك عن طريق أخذ قارب من البر الرئيسي، وتبعد ترونيان 3 ساعات عن دنباسارفي بالي.

إلا أن قرية "تونيان" ليست القرية الوحيدة في اندونيسيا التي تتبع طقوساً غريبة بالتعامل مع جثث الموتى، حيث يقوم سكان توراجا الذين يعيشون في جبال جنوب سولاويزي في اندونيسيا بالاحتفاظ بجثة الميت لعدة أسابيع وربما شهور قبل وضعه في الضريح.

فيعيش الميت معهم كأي فرد من أفراد العائلة إلى حين اجتماع كل الأقارب الذين يأتون من أماكن بعيدة للقيام بدفنه، فتوضع الجثة داخل صندوق خشبي لكنه لا يدفن في الأرض وإنما يوضع داخل مغارة طبيعية، ليتم استبدال الأكفان والنعوش القديمة والمتضررة بأخرى جديدة وذلك ضمن تقليد سنوي يحدث في شهر أغسطس من كل عام.

تويتر