تجار أكدوا اللجوء إليها لقياس مدى الإقبال على المنتج
«السعر على الخاص».. تثير شكوك المستهلكين على وسائل التواصل الاجتماعي
«السعر على الخاص».. عبارة ترافق كثيراً من الإعلانات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، يجدها المستهلك أسفل الإعلان، عادة، أو في خانة التعليقات، بعد أن يصادف المنتج الذي يبحث عنه، ما يعني أن عليه التواصل مع المعلن، التاجر أو صاحب العلامة التجارية، عبر الرسائل الخاصة، لسؤاله عن سعر المنتج الذي يرغب في شرائه، بدلاً من أن يكون السعر مضمناً في الإعلان، وفقاً لما جرت عليه تقاليد البيع والشراء.
في المقابل، أكد معلنون على مواقع التواصل الاجتماعي، وجود أسباب عدة لإخفاء أسعار بعض المنتجات، أبرزها تقلب السوق، وتغير الأسعار من المصدر، أو شراء المنتج من مصادر متعددة، حيث تقدم كل جهة سعراً مختلفاً، أو اختلاف أسعار مكونات المنتج، أو كلفة الإنتاج، نتيجة زيادة الطلب عليه.
من جانبه، أكد خبير في الشؤون الاقتصادية أن إخفاء سعر المنتج المعلن عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودفع المستهلك للسؤال عبر الرسائل الخاصة، أسلوب تسويقي لا يخلو من «التلاعب». وقال إن على الجهات المختصة وضع قانون يلزم المعلن الشفافية عند عرض المنتجات لحماية حقوق المستهلك.
وتفصيلاً، أعرب مستهلكون لـ«الإمارات اليوم» عن استغرابهم تعمد الغموض عند الإعلان عن منتجات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدين أهمية عرض الأسعار بشكل يتيح للجميع معرفته.
وأشاروا إلى أن إتاحة الأسعار عبر الرسائل الخاصة فقط أسلوب غير مريح للمشتري، خصوصاً أن المنتجات التي تباع لا تحتمل كل هذا الغموض، كالعطور والمخللات والبهارات والعباءات والفساتين، لافتين إلى أن «العلامات التجارية المعروفة تعرض أسعارها بشفافية».
ويرى مستهلكون أن «هذا النهج قد يتيح للتجار التلاعب بالأسعار في الرسائل الخاصة، بناءً على تقييمهم مستوى العميل المادي، من خلال فحص حسابه، وهذا الأمر يسهم في زيادة حالة عدم اليقين، ويثير الشكوك في نزاهة التسعير، ما يجعل تجربة التسوق أقل وضوحاً وأكثر تعقيداً».
وقال المستهلك علي محمد النقبي، إن إخفاء الأسعار يعزز الشكوك حول نزاهة التسعير وسلامة المنتج، أو توفر العناصر التي يؤكد الإعلان وجودها فيه.
وأضاف: «أعتقد أن السعر يحدد بناءً على تقييم مستوى العميل المادي. وهذا الأمر لا يخلق تجربة تسوق شفافة، بل يزيد من حالة عدم اليقين».
وتساءلت المستهلكة نورة علي محمد، عن مسوّغ إخفاء سعر العباءة أو غيرها من المنتجات المحلية التي تبيعها الحسابات التجارية، في حين تعرض كبرى العلامات التجارية أسعارها بكل شفافية ووضوح، مشيرةً إلى أنها تفضل شراء السلع التي تعرض أسعارها بدلاً من تلك التي تكون مخفية.
وأيّدها في الرأي يوسف عبدالله الحمادي، قائلاً إن «استخدام الرسائل الخاصة للكشف عن الأسعار يخلق فجوة في عملية التسوق، ويدفع المستهلكين للشعور بأن هناك تلاعباً، ما يعزز الشكوك، ويجعل تجربة التسوق أقل شفافية، أو غير مريحة للمشتري».
في المقابل، قالت صاحبة حساب تجاري على مواقع التواصل الاجتماعي، مرخص من دائرة التنمية الاقتصادية، لبيع الحقائب والأحذية لماركات عالمية، حصة عبدالقادر أهلي، إنها تضطر أحياناً إلى إخفاء أسعار بعض المنتجات لأسباب متعددة، مثل تغير الأسعار، نتيجة شراء المنتج من مصادر مختلفة، حيث تقدم كل جهة سعراً مختلفاً.
وقالت: «على سبيل المثال، قد تُباع حقيبة من ماركة عالمية بـ6000 درهم في أحد المواقع، بينما تُعرض بـ9000 في موقع آخر، ويعتمد ذلك على العروض التي أحصل عليها كتاجرة».
وأكدت أن «هذا التفاوت يجعل من الصعب تحديد سعر ثابت للمنتج، خاصةً إذا نفدت الكميات التي تم شراؤها بالسعر الأقل، ما يجبرها على شراء المنتج من المصدر الآخر بسعر أعلى».
وشرحت أن «التفاوت قد يُفسر من قبل المستهلك على أنه تلاعب بالأسعار، بينما هو في الواقع نتيجة لتغيرات السوق، فالأسعار تتغير للأفضل خلال فترة العروض التي تعتمد عليها في المواقع المختلفة. وإذا عرضت السعر بعد انتهاء العرض، فقد يظن المستهلك أن هناك تلاعباً في الأسعار».
وتابعت أن «من العوامل التي لا تذكر فيها الأسعار ندرة المنتج، لأن بعض الحقائب العالمية لا تتوافر إلا بكميات محدودة، وفي فترات متباعدة»، ما يدفعها لرفع السعر قليلاً لتحقيق عمولتها، التي أكدت أنها توضحها للمستهلك وتحرص على أن تكون ثابتة.
كما ذكرت أنها أحياناً تتعمد عدم وضع السعر على بعض المنتجات بهدف قياس الإقبال عليها من خلال تفاعل العملاء وسؤالهم عنها، ما يساعدها على اتخاذ قرار بشراء كميات أكبر من تلك المنتجات مقارنة بغيرها.
وبيّنت صاحبة حساب تجاري على مواقع التواصل الاجتماعي متخصص في بيع «الآجار» المعد منزلياً، آمنة الزعابي، أنها تخفي سعر منتجاتها لعدم قدرتها على تثبيته، لتباين تكلفة المواد التي تعتمد عليها في إعداد «الآجار»، حيث تختلف تبعاً لتوافر المكونات في الأسواق. وعلى سبيل المثال، قد ترتفع أسعار بعض الخضراوات أو التوابل المستخدمة في تحضير «الآجار»، بسبب الطلب الموسمي أو تقلبات العرض، ما يجعلها مضطرة إلى تعديل السعر من وقت لآخر.
وأشارت إلى أن تكلفة العمالة المنزلية التي تساعد على إعداد «الآجار» تؤثر أيضاً في السعر، خاصةً مع كثرة الطلب، فقد تضطر إلى الاستعانة بعمالة تعمل بالساعة، مضيفة أن جودة المكونات المحلية أو المستوردة التي تستخدمها قد تؤدي أيضاً إلى اختلاف السعر، لأنها تسعى لتقديم منتج عالي الجودة، ما يدفعها إلى إخفاء السعر في بعض الأحيان حتى تتمكن من تحديده بدقة بناءً على التكاليف الفعلية.
وأكدت صاحبة حساب تجاري متخصص في بيع العباءات على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فاطمة محمد الكتبي، أن عدم إظهار أسعار العباءات على حسابها يعود لأسباب تتعلق بالتنافسية في السوق، لأنها تقدم أسعاراً أقل من بعض المنافسين، وترغب في الحفاظ على هذا التميز دون الكشف المباشر عن الأسعار، لضمان جذب أكبر عدد من العملاء الذين يفضلون البحث والتسوق على مواقع التواصل الاجتماعي.
وترى أن عدم وضع السعر علناً يساعدها على قياس مدى الإقبال على المنتج من خلال عدد الأسئلة والاستفسارات التي تتلقاها حوله، فتفاعل العملاء بشأن تصميم معين من العباءات التي تعرضها يدفعها لإنتاج كميات أكبر منه بناءً على الطلب المتزايد.
وأشارت الكتبي إلى أن إخفاء السعر يُثير فضول العملاء، ويدفعهم للتواصل معها بشكل مباشر، ما يفتح مجالاً للنقاش وتطوير العلاقة مع العميل، وهو ما يعزز الثقة والتفاعل الإيجابي ويؤدي إلى تحسين تجربة التسوق بشكل عام.
من جهته، أفاد خبير ورئيس شركة البحر للاستشارات الاقتصادية، إبراهيم عبدالله البحر، بأن ما يتم اتباعه في التجارة الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من إخفاء أسعار المنتجات ودفع المستهلكين للسؤال عبر الرسائل الخاصة، يعتبر «ألاعيب تسويقية» يعتمدها مسوقون لجذب العملاء نحو المنتج.
وأوضح أن مجرد تواصل المستهلك مع التاجر عبر الرسائل الخاصة، يعني أنه تم جذب اهتمامه بنسبة 40%، وأن المستهلك قد خطا أولى خطوات الشراء، ما يضمن للتاجر اهتمامه بالمنتج، مضيفاً أن المسوقين في الحسابات التجارية التي تخفي الأسعار يعتمدون استراتيجية تبدأ بجذب العميل، ثم يعرضون المواصفات والألوان والمقاسات، وبعدها يقدمون السعر، ما يسهم في تسريع عملية الشراء.
وأشار إلى أهمية المصداقية والشفافية في التعامل مع المستهلكين، من خلال وضع تفاصيل المنتجات بوضوح، مؤكداً أن معظم من يتفاعلون مع هذه الحسابات هم ممن يفتقرون إلى الثقافة الاستهلاكية.
ولفت البحر إلى أن التجارة الإلكترونية تفوقت بشكل كبير على التجارة التقليدية، إلا أن المستهلك يجب أن يكون متأنياً في اختيار المنتج والبحث عن الخيارات المتاحة أمامه، خاصة مع تنوعها وتعدد الشركات التي تبيعها، متوقعاً أنه خلال السنوات الخمس المقبلة، ستشهد التجارة التقليدية تقلصاً كبيراً مع تحول العديد من التجار إلى التجارة الإلكترونية، باستثناء المنتجات الطازجة، مثل اللحوم والأسماك والفواكه والخضراوات التي ستظل تُباع تقليدياً.
وطالب البحر بوضع قانون يلزم التجار في المواقع الإلكترونية الشفافية، من خلال عرض أسعار المنتجات بشكل واضح للمستهلكين، بما يضمن حماية حقوقهم.
• مستهلكون: إتاحة الأسعار عبر الرسائل الخاصة فقط.. أسلوب غير مريح للمشتري.
• أصحاب حسابات تجارية: العرض والطلب، وندرة المنتج، وتقلب السوق، وراء إخفاء الأسعار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news