يزعمون أن لديهم القدرة على اختيار العُملة.. «وفقاً لرغبة الزبون»

دجّالون يستهدفون ضحاياهم على «السوشيال ميديا» بأوهام «تنزيل الأموال»

صورة

رصدت «الإمارات اليوم»، أخيراً، انتشار إعلانات على صفحات التواصل الاجتماعي لأشخاص دجالين، يدّعون أن لديهم القدرة على جلب وتنزيل الأموال، واستخراج الكنوز من الأرض بوساطة أعمال السحر و«الطرق الروحانية»، داعين الراغبين في الاستفادة من قدراتهم إلى دفع «كُلفة الأدوات» التي يستخدمونها لتنزيل الأموال.

وأكد كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد الحداد، أن «الدجل لا يخفى على العقلاء»، داعياً إلى إبلاغ الجهات المعنية عن أصحاب هذا النوع من الإعلانات لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.

وأفادت النيابة العامة للدولة بأن القانون يعاقب بالحبس والغرامة، التي لا تقلّ عن 50 ألف درهم، كل من ارتكب عملاً من أعمال السحر أو الشعوذة، سواء كان ذلك حقيقة أو خداعاً، بمقابل أو من دون مقابل، مشيرة إلى أن المحكمة تقضي بإبعاد المحكوم عليه الأجنبي عن الدولة، وفي جميع الأحوال تحكم بمصادرة المواد والأدوات المضبوطة.

وتفصيلاً، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أخيراً، إعلانات من أشخاص يدّعون أنهم قادرون على جلب وتنزيل الأموال باستخدام ما وصفوه بـ«الطرق الروحانية» أو بأعمال السحر، زاعمين أن لديهم القدرة على تنزيل الأموال بالدولار أو العملة المحلية، وفقاً لرغبة الزبون.

وجاء في أحد الإعلانات إمكان «تنزيل الأموال عن طريق الزئبق الأحمر، أو عن طريق الجن، أو شجرة الأموال، التي يتم فيها التنزيل بالتخديم الحزين، والطلاسم السيمائية، أو بالسحر الأسود». وتابع أن لديه القدرة على «تنزيل الأموال بالسحر، وبسرعة كبيرة، وجعلك من الأغنياء».

وزعم آخر أن «استنزال المال أمر أشبه بالأحلام، ولكنه حقيقة لأهل العلوم النورانية.. فعند وصولك إلى مرتبة قوية في العلم تستطيع فعل كل شيء، وليس فقط جلب المال».

ودعا ثالث الأشخاص الراغبين في تنزيل الأموال، إلى دفع كُلفة العطور والبخور الروحانية التي يستخدمها لتنزيل الأموال، مضيفاً أن لديه القدرة على إتمام عملية التنزيل خلال ثلاثة أيام من بدء العمل.

كما زعم أحد الإعلانات أنه «بالنسبة للأشخاص الذين يطلبون الدفع بعد النتيجة، فإن من شروط التنزيل سداد كلفة البخور والعطور الروحانية»، وقال إن «الشخص الذي يؤدي هذه المهمة لا يأخذ مقابلاً إلا إذا أعطيته بنفسك».

من جانبه، قال كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد الحداد، إن «كل ذي مِسكة من عقل يعلم يقيناً كذب هؤلاء ودجلهم».

وأضاف أن «مروجي الأوهام المتعلقة بالقدرات الخارقة يستدرجون بدجلهم ضعفاء العقول وسُذّجهم، فلو كانوا قادرين على شيء من استنزال المال واستخراج الكنوز وغير ذلك من الوهم الذي يزعمونه، لكانوا أحرص الناس عليه لأنفسهم، ولأصبحوا أغنى الأغنياء وأثرى الأثرياء، فكيف يسوقون ذلك للناس ليحصلوا هم على (ملاليم).. وهم يقدرون على أن يستنزلوا ملايين»؟

وأضاف الحداد أن «على الناس أن يحذروا الوقوع في شِراكهم، وأن يطلبوا الرزق بأسبابه لا بمثل هذا السراب الخادع».

وحث الدجالين على أن «يتوبوا إلى الله ويستغفروه ويخلعوا ربقة الشرك من رقابهم، بما زعموه من استخدام الروحانيين، فإن هذا الاستخدام على ما فيه من كذب ودجل، لا يكون إلا بطريق الشرك بالله وتقديم القرابين لهم، ومع ذلك فهم لا يقدّمون ولا يؤخرون».

كما دعا إلى إبلاغ الجهات المعنية عنهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم، «فإن ذلك من النصح لله ورسوله وولاة الأمر وعامة المسلمين وخاصتهم».

وقالت رئيسة قسم علم الاجتماع في جامعة المدينة بعجمان، الدكتورة مريم قدوري، إن «إعلانات المشعوذين انتشرت بشكل غير طبيعي في الفترة الأخيرة، لدرجة أن بعضهم بدأ يظهر في الإعلام، ويدّعي أنه عالم، ويحمل دكتوراه في الطاقة والغيبيات، ما يدفع عدداً كبيراً من الناس إلى تصديقهم، لكن من الناحية العلمية هذا الأمر خطأ، ونحن في جامعات عريقة لم نسمع أبداً من قبل عن هذا الشيء الذي انتشر بصورة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي».

وأضافت قدوري: «نؤمن علمياً بمبدأ الحتمية السببية، فكل سبب له نتيجة. لذلك نرى أن كل مشكلة اجتماعية لها سبب. والاحتياج للمال هو سبب اللجوء إلى هؤلاء الأشخاص».

ودعت إلى «اكتساب مهارات جديدة من أجل تطوير الذات، وتحسين الوضع المعيشي، بدلاً من الانسياق وراء الخرافات».

وأكدت أن «فكرة تنزيل الأموال تعتمد على قدرة الدجّالين على الإقناع، عبر مهارات اتصالية واسعة، الأمر الذي يجعل الناس تتأثر بسبب الحاجة من ناحية، وقدرة هؤلاء الناس على التأثير فيهم من ناحية أخرى».

من جانبها، بينت النيابة العامة للدولة، من خلال مادة فيلمية نشرتها على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، عقوبة ارتكاب أعمال السحر والشعوذة. وطبقاً لقانون العقوبات الاتحادي، يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقلّ عن 50 ألف درهم، كل من ارتكب عملاً من أعمال السحر أو الشعوذة، سواء كان ذلك حقيقة أو خداعاً، بمقابل أو من دون مقابل. ويعد من أعمال السحر القول أو الفعل المخالف للشريعة الإسلامية إذا قصد به التأثير في بدن الغير أو قلبه أو عقله أو إرادته مباشرة أو غير مباشرة، حقيقة أو تخيلاً. كما يعد من أعمال الشعوذة التمويه على أعين الناس أو السيطرة على حواسهم أو أفئدتهم بأي وسيلة، لحملهم على رؤية الشيء على خلاف الحقيقة، بقصد استغلالهم أو التأثير في معتقداتهم أو عقولهم، وادعاء علم الغيب أو معرفة الأسرار أو الإخبار عما في الضمير بأي وسيلة كانت بقصد استغلال الناس.

وذكرت أن المحكمة تقضي بإبعاد المحكوم عليه الأجنبي عن الدولة، وفي جميع الأحوال تحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة.

وقال المحامي محمد النجار، إن القانون الاتحادي لـم يكن يعاقـب سابقاً على جرائم السحر والشعوذة بنصوص خاصة، كجرائم مستقلة، وإنما كان يطبق على أعمال السحر والشعوذة نصوص جريمة الاحتيال في حال توافر أركانها. إلا أن المشرع استشعر خطورة هـذه الظاهرة على المجتمع، وعدم كفاية النصوص لمكافحتها؛ فخصص لجرائم السحر والشعوذة مادتين مسـتقلتين في تعديل قانون العقوبات الاتحادي.

وأضاف النجار أن المشرع لم يكتف بتجريم أعمال الساحر أو المشعوذ، بل وسع من إطار المسؤولية الجنائية لتشمل أفعالاً أخرى ترتبط بجريمة السحر والشعوذة، وهي: الاستعانة بساحر، والتعامل بالأشـياء المخصصة للسحر أو الشعوذة، والترويج لأعمال السحر أو الشعوذة، وذلك كله في سبيل القضاء على هـذه الظاهـرة الخطرة.

وأوضح أن قانون العقوبات الاتحادي، يحدد عقوبة من يرتكب أعمال السحر أو الشعوذة، مشدداً على أن الحبس والغرامة وجوبيان في هذه الجريمة نظراً لخطورتها على المجتمع.

ولفت النجار إلى أن «قانون العقوبات الاتحادي لا يعاقب فقط السحرة والمشعوذين، بل امتد إلى من يستعينون بهم، إذ نص على أنه يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استعان بساحر بقصد التأثير في بدن الغير أو قلبه أو عقله أو إرادته، وكل من جلب أو استورد أو أدخل إلى الدولة أو حاز أو أحرز أو تصرف بأي نوع من أنواع التصرف في كتب أو طلاسم أو مواد أو أدوات مخصصة للسحر أو للشعوذة».

وذكر أن «الاستعانة بالساحر أو المشعوذ لجلب المال، انسياق وراء خرافة لا أساس لها، وإلا لكان السحرة والمشعوذون أغنى الأغنياء. كما أنها تعد من الظروف التي ينبغي على المحكمة أن توقع فيها أقصى العقوبة على الطرفين، المشعوذ ومن استعان به، لأن التفكير في جلب المال بهذه الطريقة الوهمية يتوافر فيه القصد الجنائي، وهو الركن المعنوي للجريمة، إذا ما قارنا ذلك بمريض مثلاً اشتد به المرض، ولم يجد ما يساعده على الشفاء لدى الأطباء، فيلجأ لمثل هذه التصرفات الوهمية أملاً في الشفاء تحت وطأة ضغوط المرض، وهنا لا نعفي المريض من العقوبة أيضاً لكنه يخضع لتقدير المحكمة مراعاة لظروفه المرضية».

مريم قدوري:

««فكرة تنزيل الأموال تعتمد على ما يمتلكه الدجّال من أساليب الإقناع ومهارات الاتصال».

50

ألف درهم والإبعاد عقوبة المشعوذين ومرتكبي أعمال السحر.

■ «المحكمة» تقضي بإبعاد المحكوم عليه الأجنبي عن الدولة.. ومصادرة مواد الشعوذة وأدواتها.

■ مشعوذون يظهرون في وسائل الإعلام ويدّعون أنهم علماء.. ويحملون دكتوراه في الغيبيات.

■ المشرّع خصص لجرائم السحر والشعوذة مادتين مسـتقلتين في تعديل قانون العقوبات الاتحادي.

تويتر