آباء يطالبون بتشديد الرقابة على المحتوى.. ومختصون: القانون تصدى للظاهرة

تحديات «تيك توك».. ألعاب خــطرة تهدّد سلامة الأطفال

صورة

انتشرت حوادث في بلدان عدة، أخيراً، بسبب ما يُعرف بـ«تحديات تيك توك» التي تستهدف أداء تجربة ما، وتصويرها، ثم نشرها عبر التطبيق، لإثبات القدرة على أدائها، ما تسبب في وقوع حالات وفاة لأطفال، وتعرض مراهقين لإصابات بليغة، وصلت إلى «الشلل الرباعي».

وأعرب آباء عن تخوفهم من تعرض أبنائهم لإصابات بليغة، تحت تأثير هذه التحديات، داعين إلى تشديد الرقابة على المحتوى المقدم عبر التطبيق لحماية الأطفال.

وعزا مختصون وخبراء سبب انتشار التحديات في أوساط الشبان الصغار إلى الرغبة في التقليد والمحاكاة. وأكدوا أن القانون الإماراتي تصدى لهذا النوع من الظواهر.

وتفصيلاً، تصاعدت في الفترة الأخيرة حدة «الترندات» الخاصة بتحديات عبر تطبيق «تيك توك» في أوساط الأطفال والمراهقين والشباب، ومنها «تحدّي النار»، و«كسارة الجمجمة»، و«أسنان مصاصي الدماء»، و«تشارلي»، و«كتم النفس»، و«الرمي لأعلى»، إضافة إلى تحديات أخرى قد تسبب حرائق وخطراً على الصحة العامة، مثل طهي البرغر على مكواة، وطهي الهوت دوغ باستعمال مجفف الملابس، وطهي المعكرونة في آلة صنع القهوة.

وتتركز فكرة التحديات حول أداء خدع مختلفة، تتضمن حركات خطرة، مع استعمال تأثيرات وأدوات موجودة داخل التطبيق، بهدف حصد أعلى نسبة من المشاهدات.

ومع انتشار التحديات بين طلاب المدارس، أنهى طفل من خارج الدولة حياته شنقاً داخل منزله، وكشفت والدته حينها أنها عثرت على مقطع فيديو كان بجانبه حول كيفية استخدام «لعبة الشياطين» أو تحدي «تشارلي»، عبر تطبيق «تيك توك».

وانتشر التحدي على نطاق واسع منذ عام 2015، وراح ضحيته العديد من الأطفال والمراهقين من أنحاء العالم.

وتبعه انتشار تحدي «كتم النفس»، الذي تسبب في نتائج كارثية بعد تجربته في أوساط المراهقين بأكثر من طريقة، وتحدي «الرمي لأعلى» الذي وقع ضحيته طالب من خارج الدولة، وأصيب بـ«الشلل الرباعي» وكسور في العمود الفقري والنخاع الشوكي، بعدما قذفه أصدقاؤه لأعلى.

وقال أستاذ مشارك في قسم علم النفس بجامعة عجمان، الدكتور أحمد الزعبي، إن هدف «التحدي» هو جمع أكبر عدد ممكن من التفاعلات، بما يعود على صاحب الفيديو بنتائج مالية. كما أن كل شخص من الأجيال الجديدة لديه نوع من الفراغ الداخلي، ويسعى للظهور بمظهر مختلف عن النمط التقليدي الذي يشتهر به أقرانه، على أساس أن الحياة – من وجهة نظره - أصبحت مختلفة، وبالتالي يبحث عن كل ما هو جديد ومثير لإشباع داخلي.

وحذر الزعبي من أن «البعض يُحرج من الفشل في تنفيذ ما يطلب منه أمام أقرانه خوفاً من المعايرة، وهنا مكمن الخطورة، إذ يحرص على أداء التحدي بمفرده، في غرفة مغلقة، ما قد يودي بحياته لعدم وجود شخص ينقذه».

وأكد ضرورة حماية أطفالنا من «الوقوع في براثن هذا الخطر عبر فتح قنوات حوار معهم، ومراجعة أفكارهم وطموحاتهم التي قد تكون غير واقعية في بعض الأحيان. كما تقع على الجهات التعليمية مسؤولية كبيرة، لخلق التوعية النفسية المناسبة بشأن كل ما هو خطر على الأطفال».

ودعا إلى إطلاق برامج توعية خلال العطل الرسمية، «لأن هذه الظواهر تكثر في أشهر الفراغ والإجازات، لكن حينما يذهب الطالب إلى المدرسة لا يجد وقتاً لذلك، ومن ثم على المدارس والأندية عمل جلسات توعية لتعديل السلوك وتقويمه، وتحصين الطفل ضد هذه المغريات». وقالت المستشارة التربوية، هيام أبومشعل، إن التحديات المنتشرة على تطبيق «تيك توك» تقوم على فكرة تنفيذ سلوكات محددة، ومشاركة الفيديوهات من أجل حصد ملايين المشاهدات والمتابعين، بينما يسعى الأطفال والمراهقون إلى التنافس بينهم بغض النظر عن النتيجة.

وأضافت أن «تيك توك» عالم مملوء بالمخاطر الناجمة عن محاولات التأثير في عقول الأطفال والمراهقين، مضيفة أن نسبة كبيرة منهم تعرضت للأذى النفسي، وما استتبعه من إصابتهم باضطرابات انفعالية وسلوكية، نتيجة ما تعرضوا له من أفعال تضمنت تحدياً لقدراتهم.

وأوضحت أن «من بين التحديات ما تكون نتائجه وخيمة، من حيث الإحباط والعزلة الاجتماعية والسلوكات الانسحابية، إضافة إلى الانحطاط الأخلاقي، إذ تلجأ مشاركات إلى أداء حركات غير مقبولة أمام الكاميرا، من أجل الحصول على أكبر عدد من المشاهدات».

وأكدت أنه «لابد من وضع إجراءات قانونية لحجب المظاهر السلبية عن المراهقين والأطفال. كما أن هناك الكثير من المظاهر البعيدة كل البعد عن قيمنا وعاداتنا العربية الأصيلة».

بدوره، قال رئيس لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، عدنان حمد الحمادي، إن «تيك توك» من التطبيقات الحديثة، سريعة الانتشار، وإنه كفيل بتوصيل المعلومة في قالب مصوّر، وهو مساحة استخدمها أيضاً كثير من أصحاب المحتوى الرصين.

وأضاف أن «المشكلة تكمن في الاستغلال السيئ للتطبيق، وهذا يندرج على كثير من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي».

وتابع: «لدينا في الإمارات كثير من التشريعات التي خرجت إلى حيّز الوجود على شكل قوانين خاصة، تُعنى بهذه الأمور والممارسات الرقمية الخطأ؛ فقانون العقوبات يعالج هذا الموضوع، وكذلك قانون وسائل التواصل الاجتماعي»، مشيراً إلى أن «الأمر محسوم في الدولة، فمن خلال متابعاتنا الكثيرة نرى أنه في أمور سلبية، أقل مستوى من تلك التحديات، كانت العقوبة حاضرة وسريعة، وكان الاستدعاء سريع من النيابة العامة في الدولة، وهذا مؤشر إلى أن معظم التطبيقات الحديثة خاضعة للرقابة في الدولة».

ورأى الحمادي أنه «للحد من انتشار هذه الظاهرة القادمة من خارج الدولة، يجب أن نلجأ للأسرة، كونها النواة الأساسية للمجتمع، بما يستلزم فرض رقابة لهذه الأمور وتحديداً للأبناء القُصَّر في تعاملهم مع هذه الوسائل».

وأكد ضرورة نشر التثقيف عبر المؤسسات المعنية في هذا المجال، وهي كثيرة، ومنها وزارة تنمية المجتمع، وقطاع تنظيم المحتوى في وزارة الثقافة، ومجلس الإمارات للإعلام، وهو المرجعية الحاضنة لكل وسائل الإعلام.

من جانبه، قال المحامي محمد إبراهيم البستكي، إن المتسبب في تعريض صديق له لضرر يشكّل خطراً على حياته، أو يصل إلى الوفاة، بسبب تحديات «تيك توك»، يعد في حكم المحرض على ارتكاب جريمة، لافتاً إلى أن المادة 45 من قانون العقوبات نصت على أنه يعد شريكاً بالتسبب في الجريمة كلّ من حرض على ارتكابها فوقعت بناءً على هذا التحريض، أو من اتفق مع غيره على ارتكابها فوقعت بناءً على هذا الاتفاق، أو من أعطى الفاعل سلاحاً أو آلات أو أي شيء آخر استعمله في ارتكاب الجريمة، مع علمه بها، أو ساعد الفاعل عمداً بأي طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكاب الجريمة. وتتوافر مسؤولية الشريك، سواء أكان اتصاله بالفاعل مباشرةً أم بالوساطة.

وأضاف أن «القانون نصّ أيضاً على أن من اشترك في جريمة بوصفه شريكاً مباشراً أو متسبباً، عوقب بعقوبتها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك؛ فمثلاً لو شجع شباب زميلهم على الانتحار، تنطبق عليهم عقوبة الشخص الذي شرع في الانتحار».

وذكر أن المادة 51 نصت على أن الشريك في الجريمة، مباشراً كان أو متسبباً، ينال عقوبة الجريمة الواقعة فعلاً، ولو كانت غير التي قصد ارتكابها متى كانت الجريمة التي وقعت نتيجة محتملة للمشاركة التي حصلت.

وتابع البستكي أن العقوبة المقررة تكون حسب الجريمة التي نتج عنها الفعل، فكل فعل تختلف عقوبته عن الآخر، وهو الأمر الذي ينطبق على تحديات «تيك توك».

يذكر أن المدير التنفيذي لمكتب تنظيم الإعلام، التابع لوزارة الثقافة والشباب، راشد النعيمي، كان قد عقد اجتماعاً في مايو الماضي، مع رئيس الفريق الدولي لسياسة المنتجات في شركة تيك توك، جولي دي بيليينكورت، لمناقشة تشجيع نشر المحتوى الإيجابي على المنصة، وتعزيز آليات تطبيق معايير المحتوى الإعلامي المعمول بها في الدولة، على جميع ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي.

وأكد الجانبان ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق أصحاب المحتوى الذي يتم الإبلاغ عنه، والتي تصل إلى إغلاق الحساب نهائياً، وهو الأمر الذي سيسهم في الحد من التجاوزات، والوصول إلى المخالفين، وإحالتهم إلى الجهات المختصة بالدولة.

تحدي «كتم النفس»، تسبب في نتائج كارثية بعد انتشاره في أوساط المراهقين.

التحديات الخطرة تنتشر في أوساط الطلاب بوتيرة أكبر في أشهر الإجازات الفصلية وأوقات الفراغ.

طهي «البرغر» على مكواة، والهوت دوغ بمجفف الملابس، والمعكرونة في آلة صنع القهوة.. قد تسبب حرائق.

مشاركات يؤدين حركات غير مقبولة أمام الكاميرا.. طمعاً في الحصول على أكبر عدد من المشاهدات.

تويتر