قانونيون: عقوبات ومساءلة قانونية لمن يعرّض سلامة الأطفال للخطر خلال السيول

صورة

أكد عدد من المحامين والقانونيين ارتفاع سقف الوعي لدى أفراد المجتمع فيما يتعلق بمخاطر ارتياد الأماكن الجبلية والوديان خلال فترات هطول الأمطار والسيول ومن تجاوز القانون، وهو ما أكدته بعدم رصد خروقات لتعليمات الجهات الأمنية، موضحين أن الإهمال في حق الأطفال وتعريض سلامتهم للخطر يعرض صاحبه للمساءلة القانونية.


وأكدت المستشارة القانونية زينب الحمادي، أن الالتزام بتوجيهات الجهات الرسمية التي تهدف إلى حماية الأرواح وضمان سلامة الجميع، وكذلك الالتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر، محذرة من أن ترك الأبناء تحت رحمة دقائق عفوية تنقلب فيها المتعة والأفراح إلى مآتم، يعرّض للمساءلة القانونية، نتيجة توفر الضرر الناتج عن الخطأ والعلاقة السببية فيما بينهم.


وأوضحت أن عناصر الخطأ تتمثل في الإخلال بواجبات الحيطة والحذر، ويكون مصدرها القانون، ويؤخذ القانون هنا بمفهومه الواسع فيشمل اللوائح والأوامر والتعليمات الإدارية في كل صورها، أو أن يكون مصدرها الخبرة الإنسانية العامة، حيث تقر هذه الخبرة مجموعة من القواعد التي تحدد السلوك الصحيح وتساهم العلوم والفنون واعتبارات الملائمة في تكوين هذه الخبر، فالضابط أو المعيار الذي يمكن أن يحدد هل الشخص تصرف بحيطة وحذر أم لا.
وتابعت أن القانون لا يعاقب على مجرد الإخلال في واجبات الحيطة والحذر إلا إذا كان هذا الإخلال جريمة بحد ذاتها، مثال: ذهاب الآباء مع أبنائهم للتمتع بجمال الطبيعة، ولكن عندما تتطور الأوضاع الطبيعية وتتحول الأمطار إلى سيول تجرف الشجر والبشر والحجر والمركبات وتهدم البيوت وتخرب الممتلكات، وعدم الاستجابة السريعة فإنها تستوجب المخالفة في هذه الحالة. لكن بشكل عام القانون لا يعاقب على مجرد الإخلال بواجبات الحيطة والحذر إلا إذا أدت إلى نتيجة جرمية أي وجود صلة بين الإرادة والنتيجة (فالمسؤولية الجزائية لا تترتب إلا إذا كان الفعل إراديا وارتكب الفاعل الجريمة بصورة مقصودة أو بخطأ غير مقصود.


وأكدت أنه يتعرض للمساءلة القانونية كل من خالف التعليمات أو حرض غيره على عدم الانقياد للقوانين أو حسن أمراً يعد جريمة، ويعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم، وفقاً للمادة 197 من قانون العقوبات الاتحادي.
وطالبت التعامل بحزم مع كل سلوك يتضمن الاستهتار بحياتهم وحياة أطفالهم وحياة وسلامة الآخرين أو التهاون في احترام التعليمات الصادرة عن الجهات المختصة، وذلك تحقيقًا لدورها المجتمعي وترسيخًا لسيادة القانون، مشيرة إلى أهمية التزام وتعاون كافة فئات المجتمع مع التعليمات والإرشادات التي تصدرها الجهات المختصة في الدولة حفاظا على سلامة المجتمع وصحة أفراده.


ودعت لضرورة وجود لائحة من النائب العام تشمل التعليمات الواجب اتباعها والعقوبات المفروضة على من يخالفها عند حدوث السيول والفيضانات، نظراً لتكررها كل عام تحديداً في فصل الشتاء، كقرارات استباقية على مبدأ درهم وقاية أفضل من قنطار علاج، تكون مكملة للقرارات التي صدرت إبان جائحة كورونا.


وواصلت أن تلك الجهود تحتاج إلى تشريعات قانونية مشددة والتي باتت أمراً ضرورياً، لتجريم تلك المغامرات التي تعرض حياة الكوادر البشرية في وزارة الداخلية وفرق الطوارئ والإنقاذ للخطر، لمنع تحويل فرحتنا بهطول الأمطار إلى أحزان.


وقال المستشار القانوني معتز أحمد فانوس: "يبدو أن سوء تقدير الآباء في بعض الممارسات التي تبدو بسيطة في نظرهم، قد تؤول إلى كارثة حقيقية، يكون ثمنَها غالي ونفيس كإصابة عزيز وإزهاق روح، لاسيما الأطفال كون المتسبب لم يدرِ أن الموت يأتي على عجل، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار ما يخلِّفه هذا السلوك المحفوف بالمخاطر من تداعيات تحصد حياته لما زرع من سوء تقدير. 


وأشار فانوس إلى أن المادة 390 من القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2020 بشان الجرائم والعقوبات تنص على عقوبة الحبس والغرامة على من اعتدى على سلامة غيره بأي وسيلة كانت وأفضى الاعتداء إلى مرضه أو عجزه عن أعماله الشخصية مدة تزيد عن 20 يوماً، وإذا أدى الإهمال أو قلة الاحتراز إلى موت نجله الطفل فان المتسبب ورغم المصاب الجلل الذي أصابه فان العقوبات الجزائية تلاحقه ولاسيما إذا قدمت من أصحاب الصفة والمصلحة نتيجة إهماله، ويكون هنا القتل غير العمد الذي يتميز بغياب الركن المادي وهو غالبا ما ينتج عن إهمال الجاني وعدم انتباهه أو رعونته أو عدم التزامه بالأنظمة والقوانين.  


وتابع: المادة 393 من قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي نصت على عقوبة الحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تسبب بخطأه في موت إنسان مع عدم الاخلال بالدية المستحقة، كما يعاقب استنادا إلى نص المادة 394 من ذات القانون بالحبس مدة لا تزيد عن سنة والغرامة التي لا تزيد عن 10 آلاف أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب بخطأه في المساس بسلامة غيره، كما يعاقب استناداً إلى المادة 399 من قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي على عقوبة الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من يرتكب عمداً فعلاً من شأنه تعريض حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم أو حرياتهم للخطر، وتكون العقوبة الحبس إذا ترتب على الفعل حدوث ضرر أيا كان مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقررها القانون.


كما يعاقب استنادا إلى المادة 400 بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين كل من عرض للخطر سواء بنفسه أو بواسطة غيره حدثا لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، كما تنص المادة 401 على عقوبة الحبس والغرامة التي لا تزيد عن 10 آلاف من عرض للخطر حياة طفل لم يتجاوز سبع سنوات وكان ذلك في مكان معمور بالناس سواء بنفسه أو بواسطة غيره. 


وقال الدكتور المحامي عبدالله الكعبي، إن عقوبات الآباء في حال تسبب أي أذى للأطفال نتيجة التهور وعدم التقدير الكافي لطبيعة الموقف، تضمنها القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 2016، بشأن حقوق الطفل حقوقاً أساسية للطفل، منها الحق في الحياة والأمان على نفسه، كما نصت المادة 13 من القانون، بأنه يحظر تعريض الطفل لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته أو أسرته.

وأضاف أن حق الطفل في حماية نفسه مكفول وفقاً للقوانين المعمول بها الدولة، كما نص القانون في المادة (35) منه أنه يحظر على القائم على رعاية الطفل، تعريضه للإهمال أو تركه دون رقابة أو متابعة أو عدم القيام على شؤونه، كما يحظر تعريض الطفل للتعذيب أو الاعتداء على سلامته البدنية أو إتيان أي عمل ينطوي على القسوة، من شأنه التأثير في توازن الطفل العاطفي أو النفسى أو العقلي أو الأخلاقي كما أنه، ووفقاً للمادة 34 من القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 بشأن قانون حقوق الطفل "وديمة"، يُحظر تعريض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر سواء بتخلي القائم على رعايته عنه أو تركه بمكان أو مؤسسة رعاية بدون موجب، أو رفض قبول الطفل من القائم على رعايته، أو الامتناع عن مداواته والقيام على شؤونه، حيث يعاقب طبقا للمادة 60 من ذات القانون بالحبس أو الغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف درهم كل من يخالف ذلك.

تويتر