تجني ثمار ابتعاث 180 خبيراً.. وتنتقل إلى مرحلة إنتاج المعرفة عالمياً

شرطة دبي تُطلق أول منصة للعلوم الجنائية في الشرق الأوسط

صورة

انضمت شرطة دبي عملياً إلى قائمة الدول المصدرة للمعرفة في أدق تخصصات العلوم الجنائية، بعد الإعلان عن تأسيس المركز الدولي للعلوم الجنائية، ليكون منصة مرجعية لهذه العلوم في منطقة الشرق الأوسط، تمهيداً ليتحول إلى أحد أهم المراكز العلمية في تخصص الأدلة الجنائية على مستوى العالم.

وقال مدير إدارة التدريب والتطوير بالإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة دبي، المقدم دكتور راشد الغافري، لـ«الإمارات اليوم»، إن المركز ينقل شرطة دبي من مستورد للمعرفة إلى مصدّر لها، من خلال نخبة من الخبراء الذين يقدمون حزمة من الدورات المتقدمة في مجالات غير تقليدية في الأدلة الجنائية، تشمل في مرحلتها الأولى، دورة لتحليل مسرح الجريمة تحت الماء، وأخرى في الجرائم المرتبطة بالعملات الرقمية، والثالثة تتعلق بالطائرات المسيّرة «درونز»، بالإضافة إلى تحليل الأنماط الظاهرية للحمض النووي وبصمة الذاكرة.

وتفصيلاً، أفاد الغافري بأن الهدف من تأسيس المختبر العالمي في شرطة دبي لم يكن مجرد إنشاء مبنى أو مختبر عصري يضم الأجهزة والتقنيات المتطورة في مجال العلوم الجنائية، لأن هناك كثيراً من الدول لديها القدرات والإمكانات لإنشاء كيان مماثل، لكن كانت الرؤية التي أعلنها الفريق ضاحي خلفان تميم، حين كان قائداً عاماً لشرطة دبي، إعداد جيل متعلم ومثقف ولديه ذخيرة معرفية متنوعة، لذا تم ابتعاث 180 طالباً إلى أفضل الدول بهذا المجال مثل أميركا وبريطانيا وألمانيا وأستراليا وكوريا الجنوبية وإسبانيا وغيرها، ولم تبخل شرطة دبي ومن ورائها الدولة بشيء لتأهيل هذه الكوادر وامتلاك سلة من الثقافات والخبرات المتنوعة.

وأضاف أن الاستراتيجية التي تبنتها شرطة دبي حين اتخذت هذه الخطوة، تركزت في امتلاك معرفة حقيقية، وليس مجرد شهادة، خصوصاً في ظل امتلاكها البنية التحتية والتقنية التي يمكن أن تستوعب هذه الخبرات، وتصقلها بالتجربة، مؤكداً أن الشهادة لا تمثل سوى 5% من القيمة الجوهرية لخبير العلوم الجنائية، والبقية تأتي بالخبرة والممارسات والتجارب.

وأكد أن شرطة دبي لديها الآن كوادر مؤهلة لنقل المعرفة، بعد انتهاء مرحلة تأهيل وبناء الخبرات والتراكمات المعرفية، وتمتلك أكثر من 180 عضوية لكوادرها في منظمات عالمية متخصصة في العلوم الجنائية.

وأشار إلى أن المركز سيعتمد في البداية على استقطاب المهارات والخبرات من مختلف أنحاء العالم في التخصصات المطلوبة، لتعمل جنباً إلى جنب مع خبراء الأدلة الجنائية في شرطة دبي، على إنتاج المعارف والمهارات وتصديرها من خلال المركز، معززة بقضايا واقعية عمل عليها الخبراء في دبي ميدانياً، لتتكامل التجربة نظرياً وعملياً.

وتابع أن شرطة دبي أسست هوية خاصة للمركز، وأنشأت منصة إلكترونية له على الإنترنت، وأعلنت عن دورات غير تقليدية في مجال الأدلة الجنائية، الأولى لتحليل مسرح الجريمة تحت الماء، وهي خبرة لا تتمتع بها سوى جهتين فقط في العالم، وتم التعاقد مع أفضلهما لتوفير الدورة بالشراكة مع القطاع الخاص، على صورتين الأولى تأسيسية للمبتدئين، وأخرى متقدمة للمختصين، وعلى أساسها يتم تخريج ضباط معتمدين في هذا المجال.

وقال الغافري إن إدارة التدريب رصدت كذلك اهتماماً كبيراً وإقبالاً على شراء وتداول العملات الرقمية، ما يمثل مؤشراً على ظهور جرائم، لذا تم استحداث دورة لتخريج خبراء في هذا المجال المهم بشكل استباقي، لافتاً إلى الاستعانة بسبعة شركاء من ذوي الخبرة الواسعة في كل المجالات المطلوبة.

وأضاف أنه في ظل التوسع كذلك في استخدام الطائرات المسيّرة، صار من الضروري وجود خبراء في الأدلة الجنائية يمكنهم تحديد مصدرها ومساراتها وطبيعة المعلومات التي تنقلها وإلى أي جهة.

وحول أسعار الدورات، أوضح الغافري أن المركز ليس ربحياً، ويهدف إلى تأهيل الكوادر الموجودة بالمنطقة، وتوفير المعرفة لهم في مكان قريب لا يقل تميزاً عن المراكز المتوافرة بالخارج، مشيراً إلى أن الأسعار مقبولة للخبراء، وكذلك للخريجين الجدد الذين يريدون إثراء سيرهم الذاتية بدورات متقدمة.

وأضاف أن هناك باقات ممتازة ستوفر للقادمين من الخارج، تشمل الرحلات والإقامة فضلاً عن ثراء التجربة ذاتها التي لا تقتصر على الجانب المعرفي النظري، لكن تشمل جانباً تطبيقياً مهماً يعتمد على دراسة قضايا واقعية وتحليل نتائجها.

وأكد أن تقدم الأمم يقاس بما يمكن أن تقدمه من معرفة، وهذا الشعار الذي أؤمن به، خصوصاً في ظل ما نملكه من كوادر لديها أرقى الشهادات، ولم تؤهل لتطبيق التقنية التي ينتجها الغرب، لكن لإنتاج تقنياتها الخاصة، مثل البصمة الوراثية الذكرية التي طورتها شرطة دبي بالتعاون مع القطاع الخاص، وصارت مطلوبة من جميع الجهات ذات الصلة في العالم، وتوجد في جميع المنصات، وعليها شعار شرطة دبي.

وأضاف الغافري أن الأثر العلمي للباحث لم يعد سراً، ولا يمكن المبالغة أو الكذب بخصوصه، فبمجرد كتابة الاسم على «غوغل» يظهر لديك بالتفصيل التصنيف العلمي وحجم الأبحاث والدراسات التي نشرت بالمجلات العلمية المتخصصة، وحين يكون لديك ناتج معرفي فسيعترف بك المجتمع العلمي، خصوصاً في ظل وجود جهات تحكيم دقيقة تحدد موقعك من العالم، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن تملي على محركات البحث الموثوقة ما تكتبه عنك، فسيرتك يجب أن تتحدث عن نفسها.

وحول أحدث التخصصات في الإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة دبي، كشف الغافري أن المختبر لديه خبراء مؤهلون في علوم جنائية دقيقة الآن مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد، والهندسة الجنائية والطائرات المسيرة، والفيزياء النووية حتى لو كانت حوادثها مستبعدة، وكذلك الأحياء الدقيقة والأوبئة والجرائم التكنولوجية.

وما إذا كان هناك تفاوت معرفي بين الكوادر المختلفة، قال الغافري إن هناك تفاوتاً في الشغف بالعلم بالتأكيد، فهناك من لديه حافز مستمر في الترقي والتعلم، لكن في ظل اهتمام الدولة بالبحث العلمي، سواء من جانب القيادة أو المؤسسات مثل شرطة دبي، فإن هناك طفرة حقيقية في هذه المجالات، لكن يظل التحدي الأصعب هو الاستمرار في التعلم وتطوير المهارات.

وأشار إلى أن هناك برامج داخلية لتكريم المتفوقين، ويمنح مجمع محمد بن راشد العلماء جوائز تقديرية بشكل سنوي، وهذا أمر مهم، فمن الرائع الفوز بميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي، والطموح للفوز بجائزة نوبل.

• المختبر يقدم دورات استباقية في أدلة جرائم العملات الرقمية والطائرات المسيّرة ومسرح الجريمة تحت الماء.


راشد الغافري:

• «شرطة دبي أسست هوية خاصة للمركز، وأنشأت منصة إلكترونية له على الإنترنت».


بروفايل

يعدّ المقدم الدكتور راشد الغافري أحد أبرز علماء الدولة الشباب في مجاله، إذ توصل إلى البصمة الوراثية الذكرية، وقاد أخيراً فريقاً علمياً من الإدارة العامة للأدلة الجنائية لتفكيكها، ويدرس مادة تطبيقات التقنيات الحيوية في مجال العلوم الجنائية بجامعة الإمارات، كما منح درجة الأستاذية في جامعة مردوخ الأسترالية، وعضو هيئة تدريس فيها وفي جامعة بوند التي منحته أخيراً درجة الأستاذية الكاملة، ويتولى الإشراف على رسائل طلبة الدكتوراه، كما يشرف على طالبتين في الدراسات العليا تدرسان في بريطانيا، ويترأس لجنة العلماء الشباب بمجمع محمد بن راشد العلمي.

تويتر