تواصلوا مع «الصمّ» حضورياً لإطلاعهم على مستجدات الجائحة

أخصائيو لغة الإشارة يتخطون أزمة «كورونا» بوجوه مكشوفة

صورة

قالت خبير وأخصائي لغة الإشارة في وزارة تنمية المجتمع، عبير زيد الشحي، إن الفترة الأولى من انتشار جائحة «كورونا» كانت تمثل تهديداً حقيقياً لصحة أخصائيي لغة الإشارة (المترجمون) وأصحاب الهمم من الصم على حدّ سواء، بسبب ضرورة تحدث الجانبين أحدهما إلى الآخر، وجهاً لوجه، فيما كان التواصل معهم ضرورياً لإطلاعهم على مستجدات الجائحة.

وأكدت الشحي، وهي أول خبيرة ومترجمة ومدربة معتمدة للغة الإشارة في الإمارات، ازدياد احتمالات تعرض المترجمين لمخاطر انتقال الفيروس إليهم نتيجة عدم تمكنهم من حماية أنفسهم خلال عملهم في دعم ومساعدة الصم، «لأنه لم يكن بإمكانهم تغطية وجوههم بالكمامات وهم يتحدثون إليهم»، في وقت لا يزيد عدد الأخصائيين المعتمدين على مستوى الدولة على 29 أخصائياً، وفقاً لأحدث إحصاءات الوزارة.

ويعتمد أصحاب الهمم من فئة الإعاقة السمعية على أخصائي لغة الإشارة في فهم ما يحيط بهم ومعرفة المعلومات والتطورات التي يصعب عليهم استيعابها، خصوصاً أن الصم لا يمكنهم فهم النصوص المكتوبة، نتيجة عدم تمكنهم من سماع وتعلم الأحرف المستخدمة في كتابة الجمل. ولهذا فهم يعتمدون بشكل رئيس على التواصل الشفهي عبر لغة الإشارة.

ويبلغ عدد أصحاب الهمم من فئة الإعاقة السمعية على مستوى الدولة والمسجلين في بيانات الوزارة، نحو 2848 من المواطنين والمقيمين، حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، بينهم 1143 من الإناث، مقابل 1705 من الذكور.

ويمكن تعريف لغة الإشارة بأنها مصطلح يطلق على وسيلة التواصل غير الصوتية التي يستخدمها أصحاب الهمم من الصم والبكم، حيث تشرح الكلمات من خلالها عبر أربع أدوات تتضمن حركات اليدين، كالأصابع، لتوضيح الأرقام والحروف، وتعابير الوجه، لنقل المشاعر والميول التي تقترن بحركات الأيدي لتعطي تراكيب للعديد من المعاني، إضافة إلى حركات الشفاه التي تمثل مرحلة متطورة من قوة الملاحظة والتدريب، إذ يقرأ الأصم الكلمات من الشفاه مباشرة، إلى جانب الأداة الرابعة المتمثلة في حركة الجسم، كوضع بعض الإشارات على الأكتاف، أو جوانب الرأس أو الصدر والبطن، في استعمال إيحائي لتوضيح الرغبات والمعاني التي تختلف من بلد إلى آخر حسب لغة وثقافة البلد.

وعن أهمية دور أخصائي الإشارة خلال فترات الأزمات، قالت الشحي إنه لم يكن متاحاً لأخصائيي لغة الإشارة خيار العزل وعدم التواصل الحضوري مع الصم، تنفيذاً للإجراءات الوقائية المتعلقة بانتشار «كورونا»، ليس فقط لصعوبة التفاهم معهم عن بُعد في تلك الظروف الصعبة، بل أيضاً نتيجة ضرورة دعمهم معنوياً بسبب تأثير الجائحة ونتيجة استيائهم من الوضع الجديد الذي يفرض عدم التعامل معهم بالطريقة التي سبقت الجائحة.

وتابعت أنه كان على مترجمي لغة الإشارة البقاء لساعات طويلة وهم يشرحون لأصحاب الإعاقة السمعية تطورات الوضع الوبائي وتفاصيل الإجراءات الاحترازية. كما كان عليهم توقع الاتصالات في أي وقت من قبل أسر الصم تنفيذاً لرغبتهم وطلبهم التحدث إلى أخصائي لغة الإشارة.

وتابعت أن تحضيرهم نفسياً وتقنياً للتمكن من التواصل عبر القنوات الافتراضية، احتاج إلى أسابيع، وكان فريق أخصائيي لغة الإشارة يجتمعون خلالها يومياً لساعات طويلة للتباحث في كيفية وضع الخطة المناسبة للتعامل مع أصحاب الإعاقة السمعية وتوصيل المعلومات إليهم ودعمهم نفسياً.

وأكدت الشحي أن عملها وعمل زملائها مترجمي الإشارة، لا يمكن أن يندرج ضمن فئة الأعمال التقنية، لأنه يحتاج إلى وجود كم كبير من الشغف الإنساني نحو مساندة الآخرين، المختلفين في احتياجاتهم وإمكاناتهم، مشيرة إلى أنها تتمنّى أن يزيد عدد المتحدثين بلغة الإشارة من كل الفئات العاملة في كل القطاعات المهنية والمجتمعية.

يُذكر أن الوزارة تنفذ دورات تدريبية مكثفة ودورية لتعليم لغة الإشارة، لا تشمل الموظفين العاملين في النقل والتعليم والرعاية الصحية والإعلام، فقط، بل أيضاً الأطفال في سنوات الدراسة الأولى.

وتحمل عبير الشحي، وهي اختصاصية نفسية لفئة الصم والبكم، عدداً من الخبرات والشهادات العلمية، منها درجة البكالوريوس والماجستير في التربية الخاصة. كما تمكنت من حفظ القاموس الموحد للغة الإشارة على مستوى الوطن العربي، على يد خبراء محترفين، ولها دور مؤثر في تطبيق سياسة دمج أصحاب الهمم من الصمّ في المدارس العادية.

2848 عدد المصابين بالإعاقة السمعية من المواطنين والمقيمين في الإمارات.

عبير الشحي: «لم يكن متاحاً لأخصائيي لغة الإشارة خيار العزل أو تطبيق الإجراءات الوقائية».

 

تويتر