تمسّ الأصل واللون والأسرة.. وعقوبتها الحبس ونصف مليون درهم

حسابات وهمية تتنمّر على المشاهير بفيديوهات وصور مفبركة

فتح حسابات إلكترونية بأسماء وألقاب مستعارة يجعل المتنمّر مجهولاً أمام السلطات. من المصدر

أكّد مشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي لـ«الإمارات اليوم»، أنهم يتلقون كثيراً من العبارات المسيئة، التي تتعرض لأصولهم أو جنسياتهم أو أشكالهم، أو ألوان بشرتهم، لمجرّد حديثهم في مسائل عامة، على الرغم من أن معظم المتابعين يتفقون معهم في وجهات نظرهم.

ورصد مواطنون ومقيمون، أخيراً، انتشار ظاهرة التنمّر على وسائل التواصل الاجتماعي، تستهدف مشاهير وشخصيات سياسية ورياضية وفنية ووطنية وشعوب دول مختلفة. وتتعرض أحياناً لقرارات رسمية، مستخدمة التعليقات والصور ومقاطع فيديو مفبركة، مسيئة، ومثيرة للنعرات والعنصرية.

وحذرت وزارة الداخلية من التنمّر بأشكاله كافة، مؤكدة أنه جريمة يعاقب عليها القانون.

وذكر المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، أن عقوبة التنمّر الإلكتروني تصل إلى الحبس ما لا يقلّ عن ستة أشهر، والغرامة التي لا تزيد على 500 ألف درهم.

ويعرَّف التنمّر بأنه أيّ شكل من أشكال الإساءة أو الإيذاء المتعمد، سواء النفسي أو الجسدي أو اللفظي أو الإلكتروني.

وتفصيلاً، تعرضت شخصيات سياسية وفنية ورياضية، خلال الفترة الماضية، لحملات تنمّر على حساباتها وصفحاتها الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب آراء ومواقف لا تلقى قبولاً لدى المتنمّرين، فيما طالب نشطاء بتشديد عقوبة التنمّر، ورصد الحسابات المشبوهة التي تتبناه، أو تستخدمه في الاعتداء على الآخرين، والتقليل من شأنهم.

وقال شخصية شهيرة على مواقع التواصل، إنه لا يرفض الاختلاف في وجهات النظر، لكنه يشعر بالأسف عندما يحاول بعض الأشخاص اللمز عليه من جهة أسرته، لافتاً إلى أنه تعرّض لهذا النوع من التنمر أكثر من مرة خلال الأشهر الأخيرة.

وقالت شخصية شهيرة إنها تصادف يومياً محاولات من بعض المتابعين لتعكير مزاجها، من خلال انتقاد أسلوبها في الحديث، أو الماكياج. لكنها تعرف أن وراء هذه الانتقادات أشخاصاً معينين، يشعرون بالحسد منها، ويحاولون تحطيمها.

وطالبت أصحاب الآراء المغايرة أو المختلفة معها، بإبداء آرائهم، أياً كانت، من دون التطرق إلى لون بشرتها «لأن الناس لا يختارون ألوانهم».

وأعرب شخصية معروفة بمواقفها الوطنية، عن انزعاجه من محاولات التقليل من شأنه على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال نشر مقاطع فيديو مفبركة، تحاول تشويه صورته، والإساءة إليه. وتابع أن معظم هذه المحاولات لا تحمل أسماء واضحة، ولا تدلّ على هويات أصحابها الحقيقية. وقال إن هذا كافٍ لتمييز أصحاب الآراء القوية من الجبناء.

وأكد يوسف عبدالله خطورة انتشار التنمّر على وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك من يتنمّر على ممثل بسبب طريقة تمثيله، أو رياضي بسبب بشرته السوداء، أو شخصية سياسية بسبب اختلافه معها، فضلاً عن التنمر على قرارات الدول التي تتخذ لتحقيق المصلحة العامة، مشيراً إلى أن التنمر يصل كثيراً إلى تبادل الشتائم والسباب الجارح، والخوض في الأعراض بلا رادع من دين أو خلق أو ضمير.

ويعتقد (أبوهزاع) بأن هناك حسابات مزيفة ومفبركة تنشئها جهات عدائية، بهدف نشر تعليقات مسيئة والترويج لأفكار متطرفة، ونشر البلبلة بين أفراد المجتمع، داعياً إلى عدم الانجرار وراء هذه التعليقات، وزيادة التوعية بخطورة التنمّر الإلكتروني.

وأضاف: «لم تعد الظاهرة محصورة بالمجتمع المدرسي، بل أصبحت منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي».

ويتفق معه حازم كمال، الذي قال إن تنامي ظاهرة التنمر على وسائل التواصل الاجتماعي، مشكلة أخلاقية عالمية، مشدداً على ضرورة إطلاق حملات توعية وسنّ قوانين رادعة.

ودعا الشركات المطورة لمواقع التواصل الاجتماعي إلى الحد من هذه المشكلة، لأن لها آثاراً نفسية واجتماعية كبيرة.

وأكد أنه يرصد كثيراً حالات التنمر على شخصيات معروفة رياضياً وفنياً وسياسياً «ويظهر ذلك من خلال التعليقات المسيئة كلما تنشر تغريدة أو منشور على حسابه الشخصي»، مشيراً إلى أن «التعليقات المسيئة تتضمن ألفاظاً ومقاطع صور ولقطات فيديو مفبركة، للحط من شأنه، وقد يطال ذلك أبناءه وأسرته».

وأشار محمد صديق إلى أن «التعبير عن الرأي والاختلاف مع الآخر حق للجميع، لكن من دون تطاول أو استهزاء أو شتائم»، مضيفاً أن الظاهرة تطال حسابات شخصيات سياسية وفنية ورياضية، عبر تعليقات متابعي حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

من جانبه، قال المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، إن المقصود بالتنمّر الإلكتروني هو السلوك العدواني المتمثل بالإساءة أو الإيذاء الموجه إلى شخص معين أو جماعة بعينها من خلال وسيلة من وسائل تقنية المعلومات أو وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف أن صور هذا النوع من التنمّر متعددة، فقد يكون مباشراً، أي بالمواجهة، مثل التعدي بالضرب (وهو ما يسمى التنمّر الجسدي) أو السبّ والإهانة (ويسمى التنمّر اللفظي). وقد يكون تنمّراً غير مباشر، أي دون مواجهة، مثل نشر الشائعات والأكاذيب، أو نشر صور مسيئة أو رسائل تتضمن تهديدات.

ولفت إلى أنه غالباً ما يكون التنمّر استغلالاً لقوة أو سلطة مقابل ضعف أو نقص أو عاهة.

كما يعتبر التنمّر الإلكتروني من أخطر أشكال التنمر، لصعوبة تحديد شخصية المتنمر في معظم الأحوال، بسبب إتاحة وسائل التقنية الحديثة فتح حسابات إلكترونية بأسماء وألقاب مستعارة، ببيانات غير حقيقية، تجعل المتنمر مجهولاً أمام السلطات.

وأشار الشريف إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي جعلت مكافحة التنمّر بصوره وأشكاله كافة، من أهم أهدافها وغاياتها. ومن مظاهر ذلك، تأثيم التنمّر بكل صوره وأشكاله، ووضع عقوبة مغلظة عنه، إذ ينص القانون في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقلّ عن 150 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، بإحدى الطرق الآتية: استراق السمع، أو اعتراض، أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية، أو التقاط صور الغير، أو إعداد صور إلكترونية، أو نقلها، أو كشفها، أو نسخها، أو الاحتفاظ بها، ونشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات، ولو كانت صحيحة وحقيقية. كما يعاقب بالحبس مدة لا تقلّ عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقلّ عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكها.

وأضاف أن المشرّع الإماراتي شمل جميع صور التنمّر ضمن الفعل المؤثم والمعاقب عليه بموجب القانون، سواء كان التنمّر مباشراً أو غير مباشر، لفظياً أو جسدياً، صوتاً أو صورة أو رسالة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو غير ذلك.

وأضاف أن الدولة خصصت أسبوعاً من كل عام، أطلقت عليه «الأسبوع الوطني للوقاية من التنمّر»، وتنفذه وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بمشاركة أكثر من 20 جهة محلية واتحادية، بهدف رفع مستوى الوعي حول ظاهرة التنمّر في جميع أنحاء الإمارات.

• «التنمّر الإلكتروني يعتبر الأخطر بسبب صعوبة تحديد المتنمّر».

• «حسابات مجهولة تستخدم التعليقات لإثارة النعرات والعنصرية».

• «غالباً ما يكون التنمّر استغلالاً لقوة مقابل ضعف أو نقص أو عاهة».

تويتر