9 فبراير الموعد المحدَّد لدخول «مسبار الأمل» مدار الكوكب الأحمر وبدء مهامه العلمية

محمد بن راشد ومحمد بن زايد يستعـــرضان الاستعدادات النهائية للمهمة المريخية الأولى فـــي تاريخ العرب

صورة

ناقش صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أمس، جملة من القضايا الوطنية والاستراتيجية، واطلع سموهما على آخر استعدادات فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، تمهيداً لوصول مسبار الأمل إلى مدار الكوكب الأحمر، خلال الأيام المقبلة.

نائب رئيس الدولة:

- «الإمارات قادت العرب نحو أبعد نقطة كونية .. ورسالتنا رسالة أمل وثقة للشباب العربي».

- «نسبة نجاح دخول مسبار الأمل مدار المريخ 50%.. ولكننا نعتبر حققنا 90% من أهدافنا من هذا المشروع».

ولي عهد أبوظبي:

- «مهمة استكشاف المريخ ترجمة لإرادة التقدم التي تميز بلادنا، وهي تجسيد لريادتنا عربياً وإسلامياً».

- «وصول الإمارات إلى المريخ يؤكد أن رهان زايد ورهاننا على الاستثمار في الإنسان كان ناجحاً».

وقدمت وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة رئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، سارة الأميري، شرحاً مفصلاً لرحلة مسبار الأمل إلى المريخ، خلال مراحله الأخيرة، إيذاناً بدخوله مدار الكوكب الأحمر في 9 فبراير 2021، لتكون الإمارات بهذا الإنجاز الدولة الخامسة التي تنجح في إطلاق مهمات مريخية، وثالث دولة تصل إلى مدار المريخ بنجاح من المحاولة الأولى، علماً بأن الإمارات والولايات المتحدة والصين تقود ثلاث بعثات استكشافية للكوكب الأحمر خلال شهر فبراير الجاري.

ومع بدء العد التنازلي لوصول «مسبار الأمل» المريخ، دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، شعب الإمارات وشعوب الوطن العربي إلى المشاركة في هذه اللحظة التاريخية، والاحتفال بها كأول إنجاز في تاريخ الأمة العربية، يسهم في وضع العالم العربي على خريطة التميز المعرفي، ويسهم في تعزيز قطاع الصناعات الفضائية في المنطقة.

حضر اللقاء كلٌّ من: سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «9 أيام تفصلنا عن دخول المريخ، ودخول التاريخ»، مؤكداً سموه بالقول: «الإمارات قادت العرب نحو أبعد نقطة كونية وصلها أي عربي عبر التاريخ.. ورسالتنا رسالة أمل وثقة للشباب العربي».

وأضاف سموه: «نسبة نجاح دخول مسبار الأمل مدار المريخ 50%.. ولكننا نعتبر حققنا 90% من أهدافنا من هذا المشروع التاريخي».

من جانبه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بهذه المناسبة: «إن مهمة استكشاف المريخ ترجمة لإرادة التقدم التي تميز بلادنا، وهي تجسيد لريادتنا عربياً وإسلامياً، ومن خلال هذه الرحلة نستكشف آفاقاً جديدة نحو الأفضل».

وأضاف سموه أن «وصول دولة الإمارات إلى المريخ يؤكد أن رهان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ورهاننا على الاستثمار في الإنسان كان ناجحاً، وأن شبابنا قادر على خوض غمار المنافسة في كل المجالات.. من الأرض إلى الفضاء».

وأكد سموه بالقول: «نفخر بأبناء الإمارات، وبأننا نضع من خلال مسبار الأمل بصمة تاريخية في خدمة البشرية».

ويتوقع أن يدخل مسبار الأمل الإماراتي مدار المريخ في التاسع من فبراير، بعد رحلة استغرقت سبعة أشهر قطع خلالها 493 مليون كيلومتر، بمتوسط سرعة يُقدر بـ121 ألف كيلومتر في الساعة. وتعد مرحلة دخول المسبار مدار الكوكب الأحمر الأهم والأخطر في رحلة المسبار، إذ تصل نسبة النجاح فيها 50%.

وتستهدف المهمة العلمية لمسبار الأمل الإماراتي توفير بيانات علمية لم توفرها المهمات المريخية السابقة، حيث سيوفر المسبار صورةً هي الأشمل من نوعها للظروف الجوية والتغيرات المناخية على الكوكب الأحمر ومراقبة الطقس على مدار اليوم وبين فصول السنة المريخية الممتدة إلى 687 يوماً بحسابات كوكب الأرض.

ومنذ انطلاقه في 20 يوليو 2020 من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان على متن الصاروخ «إتش 2 إيه»، أتم «مسبار الأمل»، ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، مرحلتين من مراحل مهمته المريخية الست، هما: مرحلة الإطلاق، ومرحلة العمليات المبكرة، وهو الآن على وشك إتمام المرحلة الثالثة وهي «الملاحة في الفضاء» التي استغرقت أطول مدة زمنية في الرحلة، وجرت فيها بنجاح ثلاث مناورات دقيقة لتوجيه المسبار، ليكون في المسار الأكثر دقة للوصول إلى وجهته، قبل أن تبدأ في التاسع من فبراير 2021 المرحلة الرابعة والأكثر صعوبة ودقة وخطورة، وهي مرحلة الدخول إلى مدار المريخ، وتعقبها مرحلتان، هما: الانتقال إلى المدار العلمي، وأخيراً المرحلة العلمية، حيث يبدأ المسبار مهمته الاستكشافية المرصود لها، والخاصة برصد وتحليل مناخ الكوكب الأحمر.

وكانت رحلة «مسبار الأمل» فعلياً قد بدأت كفكرة قبل سبع سنوات، من خلال خلوة وزارية استثنائية دعا إليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في صير بني ياس أواخر عام 2013، حيث قاد سموه عصفاً فكرياً مع أعضاء المجلس استعرض فيه جملة أفكار، استعداداً للاحتفال باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد في عام 2021، وقد تبنت الخلوة يومها فكرة إرسال مهمة لاستكشاف المريخ، كمشروع جريء.

وعلى الأثر، أصدر صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في عام 2014، مرسوماً بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء، لبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي إلى كوكب المريخ.

وفور تلقي مركز محمد بن راشد للفضاء التكليف ببدء تنفيذ المشروع، انطلقت رحلة تحويل الحلم والفكرة إلى واقع ملموس، وتشكلت فرق العمل من كوادر وطنية شابة، من مهندسين وباحثين وعلماء وتقنيين، حرصوا على إنجاز هذه المهمة الوطنية التاريخية خلال المدة الزمنية التي تم تحديدها، وهي ست سنوات، حتى يتزامن وصول المسبار مع احتفالات الدولة بيومها الوطني الخمسين.

ومنذ اليوم الأول للمشروع كان توجيه القيادة واضحاً، وهو أن يتم تصنيع المسبار وعدم شرائه جاهزاً، وكان هذا تحدياً جديداً، تحول إلى فرصة لإلهام جيل من العلماء والباحثين في مجال العلوم والتكنولوجيا لإحداث نقلة نوعية أو الإسهام في بناء اقتصاد مبني على المعرفة، وبناء قدرات الكوادر الوطنية العاملة في المشروع عبر تدريب وإعداد علماء إماراتيين للإسهام في مجال استكشاف الفضاء، بالتعاون مع الشركاء العلميين الدوليين للمشروع، بالإضافة إلى تدريب وإعداد مهندسين إماراتيين لتطوير أنظمة الفضاء، بما يؤدي إلى تجهيز البنية التحتية اللازمة لبرنامج مستدام في دولة الإمارات لاستكشاف الفضاء الخارجي، وذلك عبر بناء شراكات مع جهات دولية مختصة في مجال استكشاف الفضاء، بالإضافة إلى إنشاء وتحسين وتطوير البرامج العلمية والهندسية في القطاع العلمي والأكاديمي.

وقد عمل فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في مركز محمد بن راشد للفضاء على تصميم المسبار وبنائه وتطويره وإجراء الاختبارات اللازمة لأجهزته وأنظمته الفرعية مع شركاء نقل المعرفة العالميين، وتم بالفعل إنجازه وتجهيزه لمرحلة الاختبارات النهائية قبل الإطلاق في فبراير 2020، وتزامن ذلك مع قيام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بحضور عملية تركيب القطعة الأخيرة من المسبار، والتي تشكل الجزء الخارجي الأخير منه وتحمل أسماء أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حُكّام الإمارات، وتواقيع سموهم، وتواقيع سمو أولياء العهود، كما تحمل عبارة: «قوة الأمل تختصر المسافة بين الأرض والسماء»، بالإضافة إلى علم دولة الإمارات وشعارها «لا شيء مستحيل».

وشهدت رحلة مسبار الأمل الممتدة لنحو سبعة أشهر حتى الآن العديد من العمليات الدقيقة والمعقدة؛ ففي المرحلة الأولى انطلق الصاروخ متسارعاً بعيداً عن الأرض، وتم خلال هذه المرحلة استخدام محركات الصاروخ التي تعمل بالوقود الصلب، وبمجرد اختراق الصاروخ الغلاف الجوي للأرض تم التخلص من الغطاء العلوي للصاروخ الذي كان يحمي «مسبار الأمل».

وفي المرحلة الثانية من عملية الإطلاق تم التخلص من محركات المرحلة الأولى، ووضع المسبار في مدار الأرض، لتعمل بعد ذلك محركات المرحلة الثانية على وضع المسبار في مساره نحو الكوكب الأحمر من خلال عملية محاذاة دقيقة مع المريخ. وكانت سرعة المسبار في هذه المرحلة 11 كيلومتراً في الثانية الواحدة، أي 39 ألفاً و600 كيلومتر في الساعة.

ثم انتقل المسبار إلى المرحلة الثالثة والمعروفة بمرحلة العمليات المبكرة، وفيها بدأت سلسلة من الأوامر المعدة مسبقاً بتشغيل مسبار الأمل، وتشمل هذه العمليات تنشيط الكمبيوتر المركزي، وتشغيل نظام التحكم الحراري لمنع تجمد الوقود، وفتح الألواح الشمسية واستخدام المستشعرات المخصصة لتحديد موقع الشمس، لتبدأ بعدها مناورة تعديل موضع المسبار وتوجيه الألواح نحو الشمس، من أجل بدء عملية شحن البطاريات الموجودة على متن المسبار. وفور انتهاء العمليات السابقة، بدأ «مسبار الأمل» إرسال سلسلة من البيانات في أول إشارة تصل إلى كوكب الأرض، حيث تم التقاط هذه الإشارة من قبل شبكة مراقبة الفضاء العميق، خصوصاً المحطة التي تقع في العاصمة الإسبانية مدريد.

وفور تلقي المحطة الأرضية في دبي هذه الإشارة، باشر فريق العمل إجراء سلسلة من الفحوص للتأكد من سلامة المسبار استمرت مدة 45 يوماً، فحص خلالها فريق العمليات والفريق الهندسي للمسبار جميع الأجهزة، للتأكد من عمل الأنظمة والأجهزة الموجودة على متن المسبار بكفاءة. وفي هذه المرحلة، أجرى فريق عمل مسبار الأمل بنجاح مناورات توجيه المسار ليكون المسبار في أفضل مسار صوب الكوكب الأحمر، وقد نجح الفريق في إجراء أول مناورتين: الأولى في 11 أغسطس، والثانية في 28 من أغسطس 2020.

وبعد إنجاز مناورتي توجيه المسار بنجاح، بدأت المرحلة الرابعة في رحلة «مسبار الأمل»، وهي «الملاحة في الفضاء» عبر سلسلة من العمليات الاعتيادية، إذ تواصل الفريق مع المسبار عبر محطة التحكم الأرضية بواقع مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، مدة كل منها تراوح بين ست وثماني ساعات. وفي الثامن من نوفمبر الماضي، أنجز فريق عمل مسبار الأمل بنجاح مناورة توجيه المسار الثالثة، ليتحدد على أثرها بدقة موعد وصول المسبار إلى مدار المريخ، يوم 9 فبراير 2021، عند الساعة 7:42 مساء بتوقيت الإمارات. وخلال هذه المرحلة، أيضاً، قام فريق العمل بتشغيل الأجهزة العلمية لأول مرة في الفضاء وفحصها وضبطها، وذلك عبر توجيهها نحو النجوم للتأكد من سلامة زوايا المحاذاة الخاصة بها، والتحقق من أنها جاهزة للعمل بمجرد وصولها إلى المريخ.

ومع نهاية هذه المرحلة، اقترب «مسبار الأمل» من المريخ لتبدأ المرحلة الرابعة، وهي أهم مراحل مهمته التاريخية لاستكشاف الكوكب الأحمر وأكثرها خطورة، وهي مرحلة الدخول إلى مدار المريخ.

أول صورة متكاملة لطقس المريخ

تتضمن أهداف «مسبار الأمل»، عند وصوله بنجاح إلى مداره حول الكوكب الأحمر، تقديم صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ للمرة الأولى في تاريخ المهمات المريخية، وتكوين فهم أعمق بشأن التغيّرات المناخية على سطحه، ورصد الظروف المناخية للكوكب الأحمر على مدار اليوم وبين الفصول، ومراقبة الظواهر الجوية، كالعواصف الترابية والتغيرات في درجة الحرارة، ودراسة تأثير التغيّرات المناخية في تشكيل ظاهرة هروب غازي الأوكسجين والهيدروجين من غلافه الجوي، عبر دراسة العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي السفلية والعلوية، بالإضافة إلى كشف أسباب تآكل سطح المريخ، والبحث عن الروابط بين طقس اليوم والمناخ القديم للكوكب الأحمر. ومن شأن تحليل مناخ الكوكب الأحمر مساعدتنا على معرفة ما إذا كانت هناك إمكانية للحياة على سطح المريخ، واستشراف مستقبل كوكب الأرض، وسُبل الحفاظ على الحياة فيه.

تحدي الوباء العالمي

عقب تخطي فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ تحدي بناء مسبار الأمل بكفاءة في وقت قياسي، ظهر تحدٍّ جديد تمثل هذه المرة في كيفية نقل المسبار إلى محطة الإطلاق في اليابان، في ظل تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) عالمياً، وهو ما ترتب عليه إغلاق المطارات والموانئ حول العالم، ووضع قيود صارمة على التنقل بين الدول، الأمر الذي استلزم وضع خطط بديلة لنقل المسبار، في ضوء هذا التحدي المستجد، كي يكون جاهزاً للإطلاق في التوقيت المحدد سلفاً منتصف يوليو 2020، وقد نجح فريق المسبار في نقله إلى محطة تانيغاشيما اليابانية، في رحلة استغرقت أكثر من 83 ساعة براً وجواً وبحراً، روعي خلالها اتخاذ تدابير احترازية وإجراءات لوجستية محكمة، لضمان إيصاله إلى وجهته النهائية قبل الإطلاق في وضعية مثالية.

الإطلاق الناجح

جاءت اللحظة الحاسمة، التي ظل فريق العمل يترقبها بفارغ الصبر طوال ست سنوات من العمل الدؤوب، وهي لحظة الإطلاق التي تحددت لها الساعة الأولى من صباح يوم 15 يوليو 2020 بتوقيت الإمارات، لكن تبين أن الظروف الجوية غير ملائمة لإطلاق الصاروخ الذي سيحمل المسبار، لتتم إعادة جدولة الموعد ضمن «نافذة الإطلاق» الممتدة من 15 يوليو وحتى 3 أغسطس، علماً بأن عدم نجاح الفريق في إنجاز عملية الإطلاق، خلال تلك الفترة، كان يعني تأجيل المهمة بأكملها لمدة عامين. وبعد دراسات الأحوال الجوية، بالتعاون مع الجانب الياباني، قرر الفريق إطلاق «مسبار الأمل» يوم 20 يوليو، عند الساعة 01:58 صباحاً بتوقيت الإمارات.

- الإمارات الخامسة في التاريخ في الوصول للكوكب الأحمر، حال نجاح المسبار في دخول مداره.

- الإمارات والولايات المتحدة والصين تقود 3 بعثات استكشافية لكوكب المريخ، خلال شهر فبراير.

تويتر