سيجارة تقود طالباً متفوقاً إلى طريق المخدرات

يقول قارئ: "أنا رب أسرة محترمة، رزقني الله بابن وحيد، حرصت على أن يتم تعليمه في أرقى المدارس العالمية في الدولة، حتى أنهى الصف الثاني عشر من دراسته، وقمت بإرساله لاستكمال دراسته في إحدى الجامعات في الخارج".
ويتابع "في شهر ديسمبر الماضي رجع ولدي لكي يقضي إجازة نصف العام معنا، وبعد رجوعه بيومين خرج مع بعض أصحابه، ووقعت مشاجرة بينهم وبين بعض الشباب، وأخذوا جميعاً إلى مركز الشرطة، وهناك الشرطة شكت فيهم، فأخذت عينة بول من الجميع ومنهم ولدي، وتبين من النتيجة أنها إيجابية بما يفيد تعاطيه للمخدرات، وتمت إحالته للمحكمة بتهمة تعاطي المخدرات".
ويضيف بحسرة "يوم علمي بهذه الواقعة، رغبت في الموت من الهم والتفكير، ولمت نفسي ووالدته، انا ارسلناه إلى الخارج للدراسة، لأنه يوم كان تحت أعيننا كان من الاستحالة ان تخرج منه مثل هذه التصرفات، وكنت اسافر إليه مرتين في السنة مع والدته لكي نطمئن عليه، وكان يقضي إجازة نصف العام وآخره معنا".
ويتابع الأب بالقول إن ولده أفاد في التحقيقات أنه "لم يتعاطَ المخدر في الإمارات، وإنما تعاطى سيجارة بها مخدر الحشيش قبل ما يرجع بثلاثة أيام".
ويسأل الأب عن موقف ابنه القانوني، خصوصاً أن البعض أكد له إمكانية حصوله على البراءة، لأن تعاطيه تم خارج الدولة ولم يتم ضبطه حائزاً للمخدر، لأن محاكم الدولة غير مختصة بالجرائم التي ترتكب خارجها، هل هذا صحيح؟
من جانبه، يؤكد المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف أن الأب بذل جهداً في إلحاق ابنه في أحسن المدارس والجامعات، ولا يعني إذا لم يستطع أب أو أم ان يدخلا اولادهم الجامعة انهم قصروا معهم أبداً، لان هذه إمكانات يقدر عليها البعض والبعض الآخر قد يعجز عنها، رغم ان الدولة يوجد بها جامعات حكومية وقوية جداً .
ويرى ان دور الوالدين الرقابي مع اولادهما يقف عند حد إنهاء الدراسة الثانوية، وبعدها تكون هناك استقلالية للولد، وفي هذه الحالة لا يعني ان يترك له الحبل على الغارب، ولكن تكون النصيحة هي الحاضرة، اما الرقابة فتكون صعبة جداً، لكن للأسف البعض الآخر ربما يهتم بالجانب التعليمي للأولاد، بأن يدخلهم أرقى المدارس العالمية، ويعتقد أنه بذلك، قد أكمل دوره على النحو الصحيح، وأقول لمثل هؤلاء، إن ما تفعلونه ليس بتربية، نعم لا ضير من الارتقاء بالمستوى التعليمي، وتحصيل العلم، ولكن لا تهملون الجانب الأخلاقي والتربوي للأولاد، في بداية نشأتهم، الحرص على التخلق له دور كبير في حياة كل واحد منا، لقد ترك الكثير منا دوره كأب في مراقبة أبنائه في ما يفعلونه، ويدعهم لأهوائهم مع زملائهم وهم في سن صغيرة، وهذه هي الطامة الكبرى، وما حدث لولدك لا تلُم نفسك عليه لأنك أديت الذي عليك وكان الباقي نتيجة تصرف ابنك وليس نتيجة لإهمالك، ولكن ما حدث حدث، واعتبروا يا أولي الأبصار".
أما من الناحية القانونية فإن المسألة الخاصة بالجرائم التي ترتكب خارج الدولة لها تفصيل، وتختلف بحسب حال مرتكبها، وطبيعتها، وتكييفها القانوني في البلد الذي ارتكبت فيه.
فوفقاً لنصوص قانون العقوبات الاتحادي فإن محاكم الدولة تختص بالفصل في القضايا التي يكون محلها الجرائم التي ترتكب من المواطن أو من في حكمه وهو خارج الدولة، سواء بوصفه فاعلاً أو شريكاً، ما دام لم يخضع للتحقيق في هذا البلد، أو انه قد باشرت هذه الدولة محاكمته فيها، لكن بشرط أن تكون الجريمة المرتكبة مجرمة وفقاً لقانون البلد الذي ارتكبت فيها الجريمة.
وهنا جعل القانون معيار الاختصاص معياراً شخصياً ، ففرق بين المواطن ومن في حكمه، وبين غير المواطن، فالجريمة التي ترتكب من هذا الأخير خارج الدولة لا تختص بنظرها محاكم الدولة إعمالاً لنصوص قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي.
ويوضح بناء على ذلك، فإن ابن السائل ستتم محاكمته أمام محاكم الدولة عن جريمة تعاطيه المخدر خارج الدولة.
وأما عن العقوبة المقررة، فهي وفقاً لأحكام القانون الاتحادي بشأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية هي الحبس مدة لا تزيد على سنة، ويجوز للمحكمة أن تستبدل العقوبة بالحكم إما بإيداعه إحدى وحدات علاج الإدمان، أو احد مراكز التأهيل، أو الغرامة التي لا تجاوز عشرة آلاف درهم، أو أحد تدابير الخدمة المجتمعية، علماً بأنه حسب القانون ذاته فإنه لن تعد هذه الجريمة سابقة في حق ولدك، لأنه مواطن.

 

 

تويتر