ظهرت بعض علامات الانحراف على ابني المراهق.. ماذا أفعل؟

شكا قارئ عدم قدرته على احتواء ابنه المراهق، إذ ظهرت عليه تغيرات مفاجئة، وتحولات وتصرفات غريبة، يصعب عليه تحليلها وعلاجها، ما جعله يشعر بالعجز في تعامله معه وتربيته وتوجيهه بالشكل الصحيح، خشية أن تترتب على ذلك آثار سلبية.

يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري: المراهقة مرحلة عمرية تعرف بسن البلوغ عند البعض، كأنها ذلك الجسر الذي يمر عليه الشاب أو الفتاة كخط فاصل بين الطفولة والرشد، وتختلف هذه المرحلة من شخص لآخر، حسب البيئة المتباينة في مناخها بين البرودة والحرارة.

وتعد مرحلة المراهقة من أدق المراحل في الإدراك والاحتواء، نظراً لتدفقها وعنفوانها واستقلالها، وما يطرأ فيها من تغيرات فسيولوجية جسدية وتطورات نفسية عاطفية، وهذه المرحلة لها خصائصها ومشكلاتها، لذلك لابد من التعامل مع هذه المرحلة الحرجة على أسس علمية تربوية بعيداً عن التهجم والتخبط، فالهرمونات في جسم المراهق تتدفق وتتهيج، ما يؤثر في الحالة المزاجية والعصبية والصحية والجمالية، مثل الاهتمام بالمظهر والجسم، والعضلات بالنسبة للذكور، والرشاقة بالنسبة للإناث.

كما أن الحالة النفسية تتعرض لغليان المشاعر المتهيجة والأحاسيس المستعرة، مثل الخجل والعناد والعزلة والتمرد والغيرة وسرعة البكاء، وأكثر هذه الحالات تنشأ بسبب بعض الأخطاء التربوية، مثل التدليل الزائد أو القسوة المفرطة.

وأصعب ما في هذه المرحلة التقليد المعلب بمنظور الحرية والتجريب، فالشاب لديه طاقات جسدية إن لم توظف تتحول إلى طاقات سلبية، كما أن شعوره بالاستقلالية والمنافسة والاعتزاز بالنفس والاهتمام بالذات مرحلة إيجابية لو ترجمت بمفرداتها الصحيحة وأخذت مسارها الحسن، وكان ذلك دافعاً له في تكوين الشخصية وتهذيب السلوك، وترويض العاطفة.

ويجب علينا أن نحتوي أبناءنا ونقترب منهم، ونفهم نفسياتهم، ونفكر بعقولهم وننزل إلى مستوى همومهم، ونملأ فراغهم ونحيطهم بالحب والاهتمام، ونكون قدوة حسنة في حياتهم، ونغرس فيهم الثقة الإيجابية والمراقبة الذاتية، ونترك لهم مساحة لحرية الرأي والتعبير، بعيداً عن قسوة القول، وغلظة المعاملة، وجفوة المشاعر، وتحجر الرأي، وعدوانية الحس، وعسكرية الأوامر والتنفيذ.

فالأسرة لها دور في نشر المحبة بين أفرادها، بالتوجيه والإقناع والتثقيف، وقبل ذلك نقدم لهم التقدير والاحترام، فنلبي احتياجاتهم النفسية والعقلية والعاطفية والاجتماعية قبل إقناعهم بالماديات الصامتة والكماليات المحسوسة، وكلما كان العدل والمساواة والحب متوازنة، كانت الصعوبات بين الأبناء معدومة.

وأجمل من ذلك إعداد خطة تربوية لهم تتسم بالهدوء والشفافية واللطافة، تغذي حاجاتهم، وتنور دروبهم، وتمنحهم الكفاءة الذاتية والفاعلية المتزنة.

وأهم نصيحة أقدمها في هذه المرحلة هي تثقيف الأبناء بالوقاية من الانحرافات الجنسية والسلوكية، وفق نور الوحي والسنة بتوضيح بعض المسائل المتعلقة بسن البلوغ، مثل الغسل والجنابة والحيض وما شابه ذلك، وكلما كان الشاب في هذه الفترة متصلاً بالله في الأوامر والنواهي، ملتزماً بالصلاة، ملازماً الصحبة الصالحة، كان أكثر اتزاناً، نظرته متفائلة، ووجهته واضحة، وحياته مشرقة، وطاقته منتجة.

تويتر