نقطة حبر

بنك المبتكرين

شهدت دولة الإمارات، خلال فبراير الماضي، لوحة إبداعية ممتدة المعالم في مختلف ربوع الوطن، حملت هذه اللوحة أفكاراً وأحلاماً ورؤى تستشرف المستقبل، وترسم آفاقاً عريضة لوطن آثر أن يرفع رايته خفاقة فوق هامات السحب.

لقد جسدت المشروعات والأفكار التي عرضتها المدارس والجامعات ومختلف المؤسسات المجتمعية، ضمن فعاليات شهر الإمارات للابتكار 2019، واقعاً نفخر به، ورسمت ملامح جديدة لجيل يؤمن بأن المستقبل تصنعه العقول المبدعة، وترسم ملامحه أنامل مبتكرة، لقد مثل شهر الإمارات للابتكار نموذجاً لنهضة علمية منشودة في وطننا الغالي، نهضة جعلت من الإنسان محورها وعمودها الفقري، فالمشروعات المبتكرة التي قدمها الطلبة والباحثون وغيرهم من مختلف فئات المجتمع، جعلت الابتكار محوراً أصيلاً في حياتنا اليومية.

مشروعات وأفكار كثيرة حفلت بها معارض ومنصات الابتكار في ربوع الوطن، عقول مبدعة قدمت مشروعات متميزة في الفضاء وهندسة الاتصالات، والذكاء الاصطناعي، وعلوم المستقبل، والمهارات المتقدمة، والصحة والتعليم، والطاقة وغيرها من مجالات الحياة التي وجدت في هذه المشروعات رؤى جديدة تصنع الغد.

كلما تابعت مشروعاً من هذه المشروعات وجدت نفسي أكثر إصراراً على أن أطرح فكرتي التي تستهدف إنشاء بنك للمبتكرين، تكون مهمته حفظ هذه الأفكار ورعايتها، والعمل على تطويرها، بل توفير الدعم المادي واللوجستي اللازم لكل مشروع.

تولد الفكرة في عقل واحد، ولكنها تنمو وتزدهر في تربة خصبة من الرعاية والعناية التي توفرها الدولة لأبنائها المبتكرين، وبناتها والمبتكرات، ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي ينهض به هذا البنك في حفظ هذه الأفكار وتحويلها إلى واقع يخدم التنمية، ويعزز تلبية أجندة مئوية الإمارات 2071.

إن واجب مختلف الجهات في الدولة أن تعزّز من نهج الابتكار في نفوس النشء منذ صغرهم، وأن نشدّ على أيديهم، وألا نقلل من قيمة الفكرة المطروحة مهما كانت، فشعور مقدم الفكرة بأنه محل ترحيب من قبل أستاذه أو رئيسه في العمل أو المحيطين به من الأهل والأصدقاء، هو الخطوة الأولى في سلّم النجاح الذي ينبغي أن يسلكه المبتكر عند طرح هذه الفكرة. فكثير من المبتكرين قدموا أفكاراً بسيطة، ولو لم يشجعهم المجتمع المحيط بهم لذهبت هذه الأفكار مع الريح، فالابتكار بدأ بملاحظة بسيطة لدى عدد من العلماء الذين غيروا وجه البشرية، ولولا البيئة المشجعة التي أحاطت بأفكارهم لما ظهرت هذه الإبداعات إلى النور، ولما وصلوا إلى هذا التقدم عبر نظرية «نيوتن»، أو اكتشاف «أديسون» للمصباح الكهربائي، أو إبداع الطباعة على يد «جوتنبيرغ»، وغيرهم الكثير والكثير من المبدعين والمبتكرين الذين ولدت أحلامهم صغيرة، ثم أصبحت عملاقة، بفضل ما وجدوه من تشجيع ورعاية واهتمام من قبل المجتمع.

أمين عام جائزة خليفة التربوية

تويتر