جميع تصرفات الوالد المؤسس تصبّ في مصلحة الإنسان بالدرجة الأولى

الحمادي: زايد حوّل إسعاد الناس ومساعدتهم إلى عادة يومية

صورة

قال يوسف الحمادي إن الطريقة التي كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يتعامل بها مع من حوله، تؤكد بُعد نظرته وعمقها الإنساني، لأن تصرفاته كلها كانت تصبّ في مصلحة الإنسان بالدرجة الأولى، وتحرص على تحقيق السعادة له في كل مكان، وليس داخل الإمارات فقط.

رجل البيئة

أكد الحمادي أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان يولي اهتماماً بالغاً بالطبيعة والبيئة، ويدعو للحفاظ عليهما، وكان يظهر ذلك بوضوح في رحلات الصيد، إذ كان يرفض الصيد الجائر، ويكتفي بعدد محدود جداً من طيور الحبارى، ويطلق البقية في الطبيعة.

وأضاف: «هذا السلوك واحد من الأسباب التي جعلته يستحق الجوائز البيئية العديدة التي حصل عليها».


يوسف الحمادي:

- «زايد كان يدعو الجميع إلى المائدة إذا جاء وقت الطعام،ويوزع الطعام على الحضور بنفسه».

- «زايد لم يكن ينتظر أن يطلب الناس منه، بل كان يسبقهم بالسؤال عما ينقصهم وما يحتاجونه».

وأوضح الحمادي، الذي عمل صقاراً لدى الشيخ زايد منذ بداية الثمانينات حتى رحيله، رحمه الله، أنه كان يبادر دائماً إلى فعل الخير وتقديم المساعدة للجميع، بصرف النظر عن جنسياتهم ودياناتهم، معتبراً أن «الوالد المؤسس حوّل مساعدة الآخرين والتسامح والعطاء والأخلاق الحميدة إلى عادات يومية، وكل ما قيل وما يمكن أن يُقال عنه هو نقطة في محيطه».

وأشار الحمادي، في حوار مع «الإمارات اليوم»، إلى أن الشيخ زايد كان ينشر الخير في كل مكان يذهب إليه، وهو ما شهده بنفسه خلال رحلات القنص التي رافقه فيها، وكذلك خلال وجوده في قصر الشيخ زايد على مدى سنوات عمله هناك.

وأضاف: «رافقت المغفور له الشيخ زايد في رحلات القنص في العديد من الدول، مثل الجزائر ومالي وباكستان والمغرب، وعلى الرغم من تعدد الدول التي كان يسافر إليها، فإنه كان يفضل المغرب وباكستان، لأنهما أرض مقناص، وتتوافر فيهما طيور الحبارى. كانت رحلات القنص تستمر فترة تراوح بين 15 و25 يوماً، وفقاً لارتباطات الشيخ زايد ومواعيده. وخلال وجودنا في الصحراء، كان يطلب منا الذهاب إلى خيام البدو القريبة من المخيم، واستطلاع أحوال سكانها ومعرفة احتياجاتهم، وتوفيرها لهم، وكان يمنحهم المال لمساعدتهم على تدبر أمور حياتهم القاسية، كما كان يأمر بتوفير أدوية وعلاجات وأغطية ومؤن لهم، وعقب انتهاء رحلة القنص كان يأمر بتوزيع ما يتبقى من مؤن ومعدات على سكان المنطقة، وهو طبع ورثه عنه أبناؤه»، مشيراً إلى أن «عطاء الشيخ زايد لم يكن يقتصر على المساعدات المادية والعينية للسكان في المناطق التي يذهب إليها، بل كان ينشئ مشاريع كبرى ومدناً باسمه في مختلف الدول، وكان يحب عمل الخير ومساعدة الناس بصرف النظر عن أي اعتبارات».

وقال الحمادي إن «الشيخ زايد، طيب الله ثراه، حوّل هوايته، وهي القنص والصيد بالصقور، إلى وسيلة لخدمة الناس ومساعدتهم وإسعادهم، فإلى جانب حرصه على تلمس حاجات سكان المناطق التي كان يزورها للقنص، كانت الدول التي يسافر إليها للقنص تستفيد أيضاً، وعلى سبيل المثال، فقد أنشأ، رحمه الله، منطقة سكنية شعبية بالقرب من المنطقة التي كان يقيم مخيم الصيد بها في باكستان، وهكذا فعل في دول أخرى، فقد كان ينشر الخير في كل مكان يذهب إليه».

ويروي الحمادي موقفاً كان شاهداً عليه خلال إحدى رحلات القنص التي كان يقوم بها الشيخ زايد، يعكس كيف حوّل هوايته إلى وسيلة لمساعدة الناس، حيث كان معهم ما يقرب من 200 صقر، فسأل شخص من المجموعة الشيخ زايد عن جدوى وجود كل هذا العدد من الطيور على الرغم من أنه لا يستخدم في العادة إلا صقرين أو ثلاثة في الصيد، فقال له الشيخ زايد إن كل طير من هذه الطيور خلفه ما يقرب من خمسة أشخاص استفادوا منه، منهم الصياد والبائع والمدرب والشخص الذي يتولى الاعتناء بالصقر وغيرهم، وخلف كل شخص من هؤلاء أسرة كاملة تكسب قوتها من هذا العمل، ولذلك كان يقتني عدداً كبيراً من الصقور حتى يستفيد أكبر عدد من الأشخاص.

وعن شخصية الشيخ زايد؛ أوضح الحمادي الذي قابل المغفور له الوالد المؤسس لأول مرة في قصر البحر ولم يكن يتجاوز 18 عاماً، أن الشيخ زايد كان يتمتع بشخصية قوية وهيبة، وكان متواضعاً، يُشعر من يقترب منه بالاطمئنان والألفة.

وأضاف: «كنا نجهز الكلام الذي سنتحدث به أمام الشيخ زايد في أذهاننا، وبمجرد أن يقترب منا ننسى كل ما حضّرناه من كلام، ونتحدث بتلقائية، بعد أن نجد الطمأنينة والسماحة في حضرته والدفء في حديثه»، لافتاً إلى أن الشيخ زايد كان يراعي مشاعر جميع من حوله ويتعامل معهم كأب. وعلى سبيل المثال؛ فإذا جاء وقت الطعام كان يحرص على أن يجلس الجميع حول المائدة، وعندما يرى شخصاً يقف بعيداً كان يستدعيه ويجلسه قربه، كما كان يوزع الطعام على الحضور بنفسه، وإذا كان هناك صنف معين من الطعام، معدّ خصيصى له؛ كان يدعو الجميع لتناوله معه.

وأضاف: «لم يكن الشيخ زايد ينتظر أن يطلب منه الناس، بل كان يسبقهم هو بالسؤال عما ينقصهم وما يحتاجونه، وفي كثير من الأحيان لم يكن يحتاج للسؤال حيث كان يشعر بحاجة الشخص الذي أمامه، وأذكر أنني كنت معه في سيارته قادمين من الخزنة، وكنا وقتها في فترة الثمانينات وكان عمري تقريباً 20 عاماً ولم أتزوج بعد، فأذن المغرب ووقفنا للصلاة بالقرب من منطقة المصفح، وقمت أصبّ الماء له لكي يتوضأ، فسألني خلال ذلك: هل عندك بيت؟ فأجبته بالنفي، فقال لي: بمجرد أن ينتهي العمل في المساكن التي نبنيها في المرفأ سيكون لك بيت هناك».

موقف آخر يذكره الحمادي عندما كان يستعد للزواج وأخبر المغفور له الشيخ زايد بذلك، وبعد ثلاثة أيام فوجئ بمدير الحسابات يستدعيه ويعطيه مبلغاً مالياً، مساعدة له: «اعتقدت أن الشيخ زايد نسي الأمر في زحام مسؤولياته، وهو أمر طبيعي، فكثيراً ما يحدث أن يطلب أحد الأبناء من والده طلباً ولكنه ينسى الأمر نتيجة لضغط العمل، لكن زايد رغم كل المسؤوليات الملقاة على عاتقه لم يكن ينسى أبناءه وشعبه وحاجاتهم».

تويتر