مسؤولون وخبراء يطالبون بمنظومة عربية موحدة لمواجهة الإعلام المتآمر

أكد مسؤولون وخبراء ومتخصصون في مجال الإعلام وإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث والاتصال الحكومي، على أهمية دور الإعلام الوطني في مواجهة الشائعات والأكاذيب التي تروج لها الحسابات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، فميا يعرف بـ "الذباب الإلكتروني"، محذرين من خطر الإعلام العميل والمتآمر الذي يستهدف زعزعة استقرار وأمن المجتمعات العربية، مطالبين بمنظومة عربية مشتركة في مواجهة هذه التحديات خاصة في المرحلة الراهنة التي تشهد تنامياً ملحوظاً في الأزمات والمخاطر التي تلقي بظلالها السلبيَّة على جميع دول المنطقة.

وسلط المشاركون في فعاليات "الملتقى الإعلامي للمخاطر والتهديدات" في دورته الثانية الذي تنظمه "الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث"، تحت شعار "المنظومة الإعلامية في مواجهة المخاطر"، وذلك بالشراكة مع "المجلس الوطني للإعلام" و"أبوظبي للإعلام" وسكاي نيوز عربية، الضوء على الدور الذي لعبته قناة الجزيرة القطرية وتأثيرها السلبي على الأمن القومي العربي، من خلالها ترويجها للأكاذيب ضد الدول العربية، ونشر خطابات الجماعات الإرهابية، وتأثيرها على الوعي العربي.

وأكد وزير الدولة لشؤون الدفاع محمد بن احمد البواردي، في كلمته الافتتاحية، أن "شعور كل فرد يقيم على أرض دولة الامارات بالأمن والطمأنينة هو غاية عظمى وأولوية لا فصال فيها أو تهاون ولأجلها يعمل قادة الدولة ورجال الأمن على مدار الساعة لينعم الجميع مواطن ومقيم بهذا الشعور الذي اصبح عزيزا في منطقة ملتهبة ومليئة بالتوترات وعدم الاستقرار".

وأكد البواردي أهمية "دور الإعلام في توجيه الرأي العام قبل وأثناء الأزمات"، إذ شدد على أن "الرسائل الإعلامية هي التي تستطيع العبور بأفراد المجتمع إلى بر الأمان ونشر الطمأنينة، في نفوسهم وتوجههم للتعامل الأمثل معها".

ولفت إلى أن "جهود مواجهة الأزمات والكوارث تعد عملية أساسية لاستمرار حالة الاستقرار حتى في أشد الأوقات صعوبة ولم يعد ممكنا الآن في ظل تطور تكنولوجيا الاتصال في ادارة الأزمات والكوارث دون ذراع اعلامي نشط واستباقي".

من جانبه قال وزير شؤون الإعلام، رئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية علي بن محمد الرميحي، في كلمته إن وسائل الإعلام والاتصال تشهد بجميع أشكالها التقليدية والحديثة  تطورات متلاحقة وغيـر مسبوقة، ولم تعد وسائل الإعلام مجرد قنوات لنشر الأخبار وتداول المعلومات أو الترفيه، بل ‏تحولت إلى صناعة عالمية ضخمة ومؤثرة، من أبرز مؤشراتها: تزايد الإنفاق العالمي على الإعلام بنسبة إلى 1.7 تريليون دولار أمريكي ‏سنويًا، يمثل الإعلام الإلكتروني أو الرقمي نسبة 45% منه، وارتفعت أعداد القنوات الفضائية الخاصة، من بينها (963) قناة عربية خاصة تمثل نسبة 86% من إجمالي القنوات الفضائية العربية.

وذكر أن من ضمن هذه المؤشرات زيادة أعداد مستخدمي شبكات الإعلام الاجتماعي الى 37% من سكان العالم، من بينهم 193 مليون مستخدم عربي يشكلون قرابة نصف سكان الوطن العربي، مشيرا إلى أنه بحسب تقرير لمركز الاتصالات الاستراتيجية التابع لحلف شمال الأطلسي "الناتو" فقد غيرت تكنولوجيا المعلومات طبيعة الصراعات من خلال خلق بيئة افتراضية تسمح بإجراء معارك عبر الإنترنت تؤثر على الأحداث في المجال المادي، مثل أنظمة الكمبيوتر، وفي المجال المعرفي الذي يحدد مواقف الأشخاص ومعتقداتهم.

وأشار إلى أن "وسائل الإعلام والاتصال أثبتت دورها الحيوي كسلاح متطور في الذود عن الأمن القومي للدول، حتى إن قيمة الإنفاق العالمي على قطاع الإعلام والاتصال تجاوزت حجم الإنفاق العسكري عالميًا، والمقدر بنحو 1.67 ‏تريليون دولار بحسب إحصاءات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام لعام 2015، وتعادل نسبة كبيـرة تصل إلى 2.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي".

ورأى أنه في ظل انفتاح الحدود والفضاءات، أدركت دول العالم القوة الكامنة في وسائل الاعلام المختلفة، حيث باتت الدول الكبرى في السنوات الأخيرة تقلص من ميزانياتها العسكرية مقابل رفع معدلات تمويل الأمن السيبراني بصورة هائلة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تحتل المرتبة الأولى بين دول العالم في حجم إنفاق الميزانيات العسكرية على الحروب الإلكترونية، حيث كشفت دراسة أجراها "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في واشنطن بداية العام الجاري، أن الولايات المتحدة الأميركية تنفق ما يُقارب سبعة مليارات دولار على أمن الفضاء الإلكتروني، وتمتلك شبكة من العملاء تتجاوز 9000 موظف يعملون لدى وزارة الدفاع، فيما تنفق الصين مليارًا ونصف المليار دولار، وتنفق بريطانيا 450 مليون دولار سنويًا.

وأكد أهمية ان تكون لدينا منظومة اعلامية متكاملة لمواجهة خطر الاعلام المتآمر والعميل عبر نقل الحقيقة سريعا وليس ردود الأفعال، مؤكدا أن الشعوب العربية اليوم ترى حجم المؤمرة على المملكة العربية السعودية والخليج العربي والوطن العربي الاكبر  ، وهذه الهجمة الغير اخلاقية من خلال منظومة اعلامية استمرت لأكثر من 20 سنة  كان الشارع العربي مغيب عنها.

ولفت الانتباه إلى إن منطقتنا الخليجية والعربية، بحكم قيمتها التاريخية والدينية وأهميتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي والاستراتيجي، من أكثـر مناطق العالم تعرضًا للتهديدات والمخاطر والأزمات، وفي مقدمتها تنامي خطابات التطرف والكراهية، والتدخلات الخارجية في شؤوننا الداخلية والرامية إلى زعزعة أمننا واستقرارنا، والمساس بهويتنا الثقافية والحضارية، لاسيما منذ قيام "الثورة الخمينية" عام 1979م، ودعم إيران للأحزاب الإرهابية وتمويلها للأنشطة التخريبية.

ونبه إلى أن بلادنا لم تكن بمنأى عن بعض الحوادث المؤسفة أو الأزمات، الفجائية مثل الكوارث البيئية والمناخية أو دورية مثل الأزمات الاقتصادية، لاسيما المرتبطة بالتقلبات في السوق النفطية الدولية، فضلاً عن المخاطر المتعلقة بأعمال العنف والتخريب والإرهاب، بالإضافة إلى استهدافها بالدعايات والحروب النفسية الممنهجة، ومخططات إثارة المخاوف والفتن والتخريب الفكري والقيمي، وحروب المعلومات، وغيرها.

وأكد أن الإدارة الفعالة للأزمات والحالات ‏الطارئة والكوارث تكمن في النهوض بدور "إعلام الأزمات" في تهيئة الرأي العام وتوعية المجتمع، ورفع روحه المعنوية، وتمسكه بقيمه الدينية والأخلاقية، من خلال قيام وسائل الإعلام بمختلف أشكالها ببث الحقيقة بدقة وسرعة وشفافية ومصداقية ، مع مراعاة البعد الإنساني والاجتماعي، والتأثير والفاعلية في مواجهة الشائعات والأكاذيب، واحتواء الأضرار أو تقليل الآثار السلبية.

وأكد الحاجة إلى إعلام مسؤول يمارس رسالته الوطنية في التوعية بأمانة ونزاهة وموضوعية، والتمسك بآداب وأخلاقيات المهنة، باعتباره خط الدفاع الأول في الحفاظ على مكتسباتنا التنموية والحضارية، وحماية أمننا القومي، مشددا على إن النهوض بدور الإعلام الوطني وتعزيز العمل الإعلامي المشترك يشكل ضرورة حتمية وعلامة بارزة على إدارتنا الفاعلة والناجحة لأي أزمات أو طوارئ أو تحديات مشتركة، من خلال التـزام وسائل ‏الإعلام والاتصال بمختلف أنواعها وفي ‏جميع المراحل، ووفق منظومة متكاملة، بواجباتها ومنها تنفيذ توعية متحضرة  مع وضع المصلحة العليا للوطن فوق أي انتماءات أيديولوجية أو طائفية أو عرقية، تغطية الأحداث والتطورات بسرعة ودقة ومصداقية وشفافية،  اتخاذ الإجراءات القانونية بحق وسائل الإعلام والاتصال المسيئة والمحرضة أو المثيـرة للكراهية والبلبلة، بما يتوافق مع المواثيق الإعلامية العربية والدولية، نشر الوعي المجتمعي بشأن الاستخدام الرشيد لشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

ولفت إلى دراسة لدائرة المطبوعات الأردنية عام 2009 عن الجزيرة القطرية وتغطيتها للحرب على غزة، بأن "الجزيرة فتحت شاشتها يوميًا للمتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي والمتحدث الرسمي للخارجية الإسرائيلية ومعلقين إسرائيليين، لتقديم تبريرات عاطفية لعدوانهم على الشعب الفلسطيني الشقيق من وجهة نظر إسرائيلية بحتة، واستخدمت الجزيرة الانجليزية كلمة (قتيل) للفلسطيني و تسميه شهيد في الجزيرة العربية، وقد تمكنت من اختراق حالة الوعي الوطني لدى الجمهور وإعادة تشكيله برؤية جديدة. و قدمت رواية مغلوطة عن النضال العربي، وخلقت في كل بلد عربي أزمة، وشوهت قيادات وطنية وضللت الناس وجعلت من أشباه المثقفين والمشبوهين أبطالاً ونجومًا في عالم الإعلام المسيس، ومن هنا يجب ان تكون لدينا منظومة اعلامية متكاملة لمواجهة خطر الاعلام المتامر والعميل عبر نقل الحقيقة سريعا وليس ردود الافعال..

وقال مدير عام الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والإزمات والكوارث الدكتور جمال محمد الحوسني إن "الملتقى الإعلامي للمخاطر والتهديدات في دورته الثانية، يهدف الى تعزيز المعرفة بإدارة الأزمات إعلامياً، والشراكة والتنسيق مع وسائل الإعلام المختلفة في حالات الطوارئ والأزمات والكوارث وتسليط الضوء على عدد من القضايا بالإضافة الى عوامل النجاح في إدارة الأزمات، والإعلام الوطني رسالة ومنهجية والاستعداد والتخطيط الإعلامي للتصدي الناجح للأزمة أو الكارثة".

وأضاف "نسعى للعمل على إيجاد بيئة عمل إعلامية مناسبة تسهم في بناء شراكة مجتمعية، مع كل قطاعات ومؤسسات الدولة الحيوية، كون الإعلام يشكل أداة رئيسية في التعامل بفاعلية مع الأزمات ".

ولفت الحوسني إلى أن الإعلام يعتبر  في الوقت الحالي هو الخط الأول لمواجهة الأزمات، وذلك لقوة وسرعة تواصله مع المجتمع، لذا يجب وضع آلية عمل لإيجاد منصات إعلامية تكون أكثر قرباً من الجمهور تخاطبهم وتتحدث بلغتهم وتوصل رسالتها إليهم عن طريق محتوى يلائم تطلعات هذه الفئة وإيجاد اتصال حكومي فعال وخطاب اعلامي مناسب وذو أثر مباشر على الجمهور والتصدي للحسابات الوهمية.

وشدد الحوسني على أن الإعلام يعتبر من أدوات الاتصال الجماهيري المهمة، ولذلك، فإن له دوراً كبيراً في التحضير لإدارة الأزمات والكوارث، وما يعقبها من مراحل التعافي في الأزمة أو الكارثة، ولذلك فمن المهم أن تتفاعل وسائل الإعلام المختلفة في توحيد الخطاب الموجه للجمهور لكي يكون متواكباً مع الحدث.

وتابع بالقول أنه يقع على كاهل وسائل الإعلام الحكومية مسؤولية نقل وجهة النظر الرسمية بشأن الأزمة، فإنها يجب أن تكون مستعدة لمواجهة وسائل الإعلام الأخرى الناقلة للخبر، عبر رسائل إعلامية واضحة، لتبعث على الطمأنينة وتنقل الحقيقة عبر المتحدث الرسمي.

وذكر إن ما حققته دولة الامارات من إنجازات، يضعها تحت المجهر بين دول العالم المتقدمة، لذا نتطلع ان تساهم المؤسسات الإعلامية وأن تلعب دورها المحوري في التصدِّي للحملات التي تستهدف أمن الوطن وسلامته، والتقليل من إنجازاته، والنَّيل من رموزه وقياداته.

عقدت الجلسة الأولى بعنوان "الاعلام الوطني رسالة ومنهجية"، تحدث فيها الدكتور علي بن تميم مدير عام أبوظبي للإعلام ورئيس شعبة الاعلام العسكري رئيس تحرير مجلة درع الوطن في القوات المسلحة، المقدم الركن يوسف جمعة الحداد، حيث تناولا إلقاء الضوء على صناعة الإعلام وما شهدته الآونة الأخيرة تطورات وما أفرزته من تحديات ضخمة للإعلام الوطني ليس على صعيد مواكبة التطور التقني والتكنولوجي الحاصل في هذا القطاع الحيوي ، ولكن على صعيد رسالة الإعلام ومنهجه في التعامل مع هذه التطورات، ومدى قدرته على الاستمرار في القيام بدوره الذي يحافظ على الهوية الوطنية، وصونها من التأثيرات الثقافية والحملات الإعلامية المغرضة التي تستهدفها على مدار الساعة.
وشارك في الملتقى أكثر من 350 من كبار المسؤولين والخبراء والمتخصصين في مجال الإعلام وإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث والاتصال الحكومي

وسلط المشاركون الضوء على دور الإعلام الوطني في إدارة الأزمات، وخاصة في المرحلة الراهنة التي تشهد تنامياً ملحوظاً في الأزمات والمخاطر التي تلقي بظلالها السلبيَّة على جميع دول المنطقة؛ فالإعلام أصبح إحدى وسائل الحرب النفسية والدعائية، وبات يلعب دوراً رئيسياً في إدارة الأزمات والكوارث؛ نظراً إلى ما يتوافر له من قدرات هائلة تتمثل في انتقاله بسرعة كبيرة، واجتيازه الحدود، وتخطِّيه العوائق، بما يملكه من وسائل مقروءة ومسموعة ومرئية، ولما له من قدرات هائلة على التأثير في الأفراد، ، وإقناع الجمهور في المجتمعات المختلفة، والتحكُّم في سلوكياته وتوجيهه، خصوصاً في ظل تطور وسائل التقنية الحديثة، وتنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يطلَق عليه الإعلام الجديد.
وفي الجلسة الثانية "إعلام الأزمات.. خطط واستراتيجيات"، تحدث عبد العزيز الخميس صحفي سعودي وباحث في شؤون الشرق الاوسط، في محور "التوعية الإعلامية في مجتمعات متعددة اللغات"، وتناولت ورقة عمل للصحفة والإعلامية سوسن الشاعر صحفية من البحرين محور "التحديات الإعلامية في المنطقة"، فيما تناقش مستشارة الأمين العام لمجلس الوزراء نوف تهلك ،  محور "النظرة المستقبلية للاتصال الحكومي".

وناقشت الجلسة الثالثة " الخطاب الإعلامي" وشارك فيها تركي الدخيل مدير قناة العربية، ويتناول محور "إعلام الأزمات وأسلوب الخطاب"، والاعلامي محمد أحمد الملا من الكويت ويناقش محور "الخطاب الإعلامي وتأثيره على الجمهور".

 

تويتر