أكد أن مؤسِّس الدولة تحلّى بشخصية جذابة وبُعد نظر

إبراهيميان: زايد كان قائداً استثنائياً.. ومن عاش في عهـده محظوظ

صورة

قال المهندس المعماري مشرف المشروعات، بيرج إبراهيميان، إن «المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، كان ذا نظرة ثاقبة لشكل العاصمة التي نعيشها اليوم، وأكد ذلك حرصه على متابعة عملية البناء من الصفر، لدرجة أنه كان ينتبه لأدق التفاصيل، مثل وجود حجرة غير مصفوفة بشكل سليم»، مضيفاً: «كل شخص عاش على أرض الدولة في عهد الشيخ زايد كان محظوظاً لوجود حاكم ذي صفات نادرة، فقد كان المغفور له ظاهرة استثنائية، يتحلى بشخصية جذابة، وبُعد نظر، وكان كريماً وشجاعاً، وذا صدر رحب، ولا يعرف التعب، ومثابراً حتى الوصول إلى الهدف».

إبراهيميان - الموجود في الدولة منذ عام 1966 - يعدّ من أوائل المهندسين المعماريين (العرب) الذين جاؤوا إلى الدولة للمشاركة في مشروعات البناء، وقد أصدر، أخيراً، كتاباً بعنوان: «تقدمة مع التكريم والمحبة»، وهو يضم صوراً التقطها من كاميرته الخاصة، تجسد مرحلة بناء العاصمة أبوظبي منذ عام 1966 حتى عام 1970، أي مع تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حكم إمارة أبوظبي في السادس من أغسطس 1966، وقبل أن يتولى منصب رئيس دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر من عام 1971.

وذكر إبراهيميان، أنه «اختار هذه السنوات الأربع تحديداً لأنه كان لها الأثر الفعال في مرحلة التكوين».

وعند بدايات التحاقه بالعمل في أبوظبي، قال إبراهيميان «في عام 1966 بدأت العمل في (أرابيكون)، وهي شركة استشارات إنجليزية، وتوليت خلال هذه الفترة مهمة الإشراف على إنشاء حائط بحري - يُعرف حالياً بـ(كاسر الأمواج) - وكان هذا المشروع حيوياً جداً لإمارة أبوظبي، لأنها كانت جزيرة منخفضة، وفي أوقات المد العالي والرياح القوية كانت المياه تغمر جزءاً منها، وخلال عملية الإنشاء وبعدها التقيت كثيراً مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إذ تلا هذا المشروع مشروعات أخرى كنت مشرفاً عليها، منها تمديد خط أنابيب لتوريد المياه العذبة من منطقة الساد إلى أبوظبي، والطريق الذي يصل أبوظبي مع العين، والطرق الداخلية في أبوظبي، إضافة إلى تنفيذ طرق تصل قرى عدة في العين، وتشييد البيوت لذوي الدخل المحدود في أبوظبي والعين». وبين أنه «كان المهندس العربي الوحيد في شركته، لذا كان يتم الاستعانة به كثيراً لترجمة توجيهات المغفور له الشيخ زايد للمهندسين الأجانب».

وتابع: «خلال إنشاء (كاسر الأمواج) في نهاية حقبة الستينات، كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يزور المشروع بنفسه بشكل مستمر، وفي أوقات غير متوقعة، وقد كان، طيّب الله ثراه، يتمتع بعين ثاقبة تجاه المصنعية السيئة، فمثلاً في أحد المشروعات لاحظ وجود عمل من الطابوق سيئ الصنع، فأخذ بيده مطرقة ثقيلة وهدمه بنفسه، فأدرك المقاولون أن عليهم الحذر، ويجب تحسين مستواهم».

وقال إبراهيميان: «كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عندما يأتي إلى موقع العمل يعطي ملاحظاته على الأعمال، وكانت دائماً دقيقة وتصب في مصلحة المشروع، وفي يوم الافتتاح الرسمي للمشروع بتاريخ 29 يونيو 1967، حضر المغفور له الشيخ زايد، وكوني المشرف الرئيس على المشروع، فقد رافقته لشرح الأعمال المختلفة للمشروع، ورددت على استفساراته، عن التجريف وجرف الوحل من البحر، واستصلاح الأراضي بالتجريف في البحر، وبناء على ذلك بدأ المغفور له في استحداث مشروعات استصلاح الأراضي، وأسس شركة الجرافات البحرية الوطنية (إن.إم.دي.سي)، التي مازالت موجودة حتى اليوم».

وتابع: «بعد انتهاء مشروع الحائط البحري، التحقت بالعمل في الشركة الوطنية للمقاولات (نقليات أبوظبي)، التي أصبح اسمها لاحقاً (بروك وخلفان للإنشاءات)، وقد ظللت فيها على مدار 15 عاماً، كنت ألتقي خلالها المغفور له الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، كي أناقش معه المشروعات، وكثيراً ما كانت اللقاءات في الصحراء، وقد كان إنساناً متواضعاً، ويتحدث مع الجميع بود وروح المرح».

وأفاد إبراهيميان بأن «من المواقف التي لا أنساها أنه ذات يوم في أوائل السبعينات استدعاني المغفور له الشيخ زايد للحضور، وكان مكان اللقاء أمام فندق الهيلتون، وأبدى رغبته في إنشاء طريق من مكان الفندق إلى المنطقة التي تسمى حالياً كورنيش أبوظبي، وكان في رأسه المخطط، وقد أخبرنا أن شركة سويدية طلبت لتنفيذه 75 ألف دينار بحريني (وهي العملة الدارجة حينها)، وقال حينها المغفور له: (أنا سأكون الاستشاري وأنتم المقاولون، فالصخر موجود والرمل أيضاً)».

وأضاف: «كان الشيخ زايد يركب قارباً صغيراً ويضع علامات في البحر، ونحن نلحقه لتنفيذ مخطط المشروع، وهكذا أصبح هذا الطريق، حيث تم ردم 150 متراً من البحر بناء على توجيهاته وفكره الفذ».

وذكر إبراهيميان أن «المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، كان حريصاً على المشروعات الخضراء، حتى إنه حظر قطع أي شجرة، فقد أراد رحمه الله، أن يعيش شعبه والأجيال المقبلة حياة مريحة، فقد كان دائم التفكير في رفاهية شعبه وسعادة كل من يعيش على أرض الدولة أيضاً».

وقال: «لم يكن الشيخ زايد يفرق بين أي جنسية أو ديانة، كان رمزاً للتسامح، ولقبول الآخر، كان يحب من يحب وطنه الإمارات وشعبها، وكان متفانياً مخلصاً ثابتاً ووفياً لخدمة شعبه ووطنه وأمته العربية، وكان في كل لقاء يعلمني درساً في الحياة».

وأضاف إبراهيميان، وهو فلسطيني من مدينة القدس: «لا أنسى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أول من أرسل مساعدات إلى أرمينيا بعد تعرضها لزلزال في عام 1988، ومع تدفق الأجانب من مختلف الثقافات والعادات والأديان إلى الدولة، أبدى تسامحاً شديداً مع عاداتهم وتقاليدهم، وفي الوقت نفسه كان حريصاً على تعليمهم احترام عادات وتقاليد بلده وشعبه، وهنا استطاع بحكمته أن يضع أسس تقبل الآخر، وتدعيم الاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات، التي تمارس الى يومنا هذا»، متابعاً: «لا أحد ينسى افتتاح الكنيسة الإنجليكانية الأولى عام 1969 بحضور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورئيس الأساقفة في القدس كامبل ماكينيس، الذي جاء بدعوة خاصة من المغفور له».


الشيخ زايد كان حريصاً على المشروعات الخضراء وحظر قطع أي شجرة.

مؤسِّس الدولة كان دائم التفكير في رفاهية شعبه وسعادة كل من يعيش على أرض الدولة.

الثبات والعزيمة

قدم الشيخ نهيان بن مبارك، وزير التسامح، كتاب «تقدمة مع التكريم والمحبة» لمؤلفه بيرج إبراهيميان، وقال في التقديم: «من الملاحظ هنا أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، يظهر في معظم صور هذا الكتاب، إضافة إلى صور أخرى تسجل حركة التنمية والبناء في أبوظبي، وجميع الصور بلا استثناء تحمل في مضامينها: الرؤية، الإصرار، الجَلَد، الثبات والعزيمة، والطاقة الكبرى التي تميزت بها شخصية هذا العاهل العظيم».

تويتر