أكد أن إنجازاته تتحدث عن نفسها في كل مكان

الخييلي: زايد حذف كلمة مستحيل من القاموس الإماراتـي

صورة

قال رئيس دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، الدكتور مغير خميس الخييلي، إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان قادراً على رؤية ما يظنه الآخرون غير قابل للتحقق. ولم يكن يعترف بكلمة مستحيل، بل إنه حذفها من القاموس الإماراتي، ولم يترك شيئاً للمصادفة، فعمل بجهده كله من أجل شعبه ووطنه وأمته.

ردّ الجميل

أكد الدكتور مغير الخييلي أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أسس معاني الوفاء والتفاني في العمل وحب الوطن والتضحية. وقال إن أفضل طريقة لردّ الجميل إلى روح زايد الخير والعطاء، أن يبذل كل منا جهده من أجل الحفاظ على ما وصلت إليه الدولة، والبناء عليه، لاستمرار مسيرة النمو والتقدّم، وتحقيق الطموحات الكبيرة التي كان، رحمه الله، يسعى إلى تحقيقها، ووضع دولة الإمارات العربية المتحدة في مكانها الذي تستحقه بين الأمم.

وأضاف: «عند الحديث عن الشيخ زايد، لا تسأل عن الإنجازات، بل انظر إليها، فهي تتحدث عن نفسها في كل مكان، فقد رحل جسداً، وظل فكراً ونهجاً، وخلّف رجالاً، يقتدون به، ويواصلون حمل الرسالة وتأدية الأمانة».

وأشار الخييلي في حواره مع «الإمارات اليوم» إلى أن ذكرياته مع الشيخ زايد مستقرة في أعماق قلبه، ومن الصعب أن تغيب عن مخيلته. وأضاف: «بدأت حياتي العملية بجوار المغفور له الشيخ زايد، ما شكل لي أكبر مصدر للفخر حصلت عليه في حياتي كلها، فقد قضيت 10 سنوات في العمل إلى جواره، اكتسبت خلالها خبرات لا يمكن لأيّ جامعة أو مؤسسة أن توفرها، وتعلمت منه، رحمه الله، أساسيات الإدارة الناجحة والتخطيط الممنهج، والتنفيذ العملي، والقيم الأصيلة، وقيم الخير والمحبة والعطاء والعمل الإنساني، التي مازالت ثمراتها تزهر في كل ربوع العالم العربي والإسلامي، بحرص من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ومتابعة حثيثة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فمازال الخير مقيماً في دولتنا الحبيبة، ومازال الشعب الإماراتي حريصاً كل الحرص على مواصلة المسيرة دون كلل أو ملل، في رسالة إنسانية ملؤها المحبة والعطاء لشعوب العالم أجمع».

نظرة بعيدة المدى

وعن طبيعة عمله إلى جانب الشيخ زايد؛ قال: «عقب إنهائي الدراسة الجامعية، التحقت بالعمل في الدائرة الخاصة بالشيخ زايد، وكان لهذا العمل قصة، فخالي حمد بن سهيل الخييلي كان المرافق العسكري للشيخ زايد، وكان الشيخ زايد، رحمه الله، يسأله إذا كان أحد من الأبناء قد أنهى تعليمه الجامعي، وكنت قد نجحت في البكالوريوس منذ أيام، فأخذني إليه وقتها في قصر الجرف، ومازلت أذكر ذلك اليوم، وقدمني خالي للشيخ زايد قائلاً: هذا الشاب أنهى تعليمه الجامعي، فطلب الشيخ زايد منه أن يتركني ويذهب هو لمتابعة أعماله، ووجهني للعمل والإقامة مع الحرس الخاص به، فقد كان، رحمه الله، ذا نظرة بعيدة المدى، وأراد أن يعلمني أنني بدأت مرحلة جديدة من حياتي تتطلب القوة والاعتماد على النفس».

وأشار الخييلي إلى أنه عقب العمل لمدة شهرين مع الحرس الخاص، تم تكليفه بالعمل، وفق شهادته الجامعية، مدقق حسابات في الدائرة الخاصة، وكان وقتها خريجاً حديثاً لا يمتلك خبرة عملية، فكان حريصاً عليه أن يبذل جهداً مضاعفاً لإتقان العمل، لافتاً إلى أنه بعد فترة بدأ تكليفه بأعمال أكثر، وأصبح عضواً في لجنة المشتريات في الدائرة الخاصة، وبعد سنة وشهرين، تمت ترقيته إلى مدير عام الحسابات، ومسؤول عن تلقي أوامر الشيوخ وتنفيذها، وبعدها أصبح الوكيل المساعد للدائرة الخاصة.

نهج زايد

وأضاف: «10 سنوات عاصرت خلالها مواقف عدة، تستحق أن تُدرس في الكتب والجامعات، تلك التي صاغها الشيخ زايد، رحمه الله، بفكره وصدقه، ونبل أخلاقه، وانتمائه لشعبه وأمته العربية والإسلامية، فقد كان، طيب الله ثراه، يمتلك نهجاً فكرياً في السياسة والعمل من أجل الوطن، وهو ذو فطنة وذكاء حاد، يعرف الشخص من أول نظرة. يستمع لك بهدوء، ويرد عليك دون مجاملة، ولم يسبق له أن رد محتاجاً. وكان لا يتردد فيما يقول، وقراراته حاسمة، ويحرص على أخذ مشورة أصحاب الرأي والخبرة في بعض القضايا التخصصية، كما كان شديد الحرص على متابعة تنفيذ الأوامر والقرارات بنفسه، حيث يظل يسأل ويتابع أي أمر أو قرار أصدره حتى يتم تنفيذه كما يجب، ولا يتردد في محاسبة المقصر في تأدية دوره وواجبه».

وأوضح الخييلي أن المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان مثالاً للقيادة الفذة والرؤية الثاقبة، واستطاع أن يؤسس دولة قوية البنيان راسخة الأركان، في تجربة تعد هي المثلى ليس فقط على مستوى المنطقة، بل في العالم «فما وصلت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة من تطور وتقدم ومنجزات إنما هو نتاج غرس زايد الخير، الذي بذل كل جهده للرقي بالوطن والإنسان، وقدم لشعبه كل وسائل الأمن والاستقرار والراحة والرفاهية».

ويتطرق الخييلي إلى جانب من المواقف التي جمعته بالشيخ زايد، ومازالت محفورة في ذاكرته؛ قائلاً: «كثيرة هي مواقف المغفور له الوالد الشيخ زايد معي، منها أنه لاحظ شعوري بالرهبة في بداية عملي معه، فقد كنت صغيراً، وخبرتي قليلة، فحاول، رحمه الله، أن يرفع ثقتي بنفسي، وكان يشجعني على أن أعبر عن رأيي في بعض الأمور، وهو ما خلق نوعاً من التفاعل. وكان رحمة الله عليه، يحاسب الأشخاص بقدر إنجاز وتنفيذ العمل، وهي الرؤية نفسها التي قامت عليها الجوائز الحكومية العالمية بعد فترة طويلة، ما يؤكد أنه - رحمه الله - كان سابقاً لعصره».

وأوضح أن مسمى «الدائرة الخاصة» يوحي إلى الناس بأنها دائرة خاصة للمغفور له الشيخ زايد، ولكنها كانت على عكس ذلك تماماً، إذ كان الغرض منها العمل على تنفيذ مشروعات خدمية تسهم في إسعاد المواطنين وجميع سكان الدولة، بعيداً عن الروتين والبيروقراطية، دون انتظار للقرارات والإجراءات الحكومية، فكانت هذه الدائرة ذراعه التي ينجز بها الأعمال بأسرع وقت ممكن لمصلحة الوطن والمواطن والبيئة، دون أن يعني ذلك أن هناك قصوراً في الحكومة وأدائها، ولكن الحكومة لها برامج ولها خطط سنوية، وتسير حسب هذه الخطط حتى تتوافق مع الميزانيات.

وأضاف: «كانت الأولويات تنصب على التعليم، وإقامة المدارس، وابتعاث المواطنين للدراسة في الخارج، وكان التركيز على العنصر البشري، وبناء الإنسان هدفه الأول، كما تضمنت الأولويات الخدمات الطبية، وبناء المساكن، وشق الطرقات، وكذلك أولى الشيخ زايد، رحمه الله، مشروعات المياه والطاقة أهمية بالغة، لإيمانه بأن توفيرها يسهم في دفع عجلة النمو الصناعي والزراعي قدماً في البلاد، ووضع أسس متينة للتنمية المستدامة في قطاع الزراعة، وأولى اهتماماً بالغاً بنشر الرقعة الخضراء، وزيادة الإنتاج الزراعي، لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وكذلك مشروعات ربط مختلف المدن بشبكة حديثة من الطرق المعبدة والمضاءة، إضافة إلى تعمير وتطوير الجزر والمناطق النائية، ليعيش سكانها عصر النهضة».

الاستثمار في الإنسان

وتابع الخييلي: «كان رحمة الله عليه ذا نظرة بعيدة المدى، وقد سبق عصره في الاستثمار في الإنسان، والاهتمام بالبيئة والزراعة والحياة الفطرية والغابات، وإعادة الحيوانات إلى بيئتها، للحفاظ على التنوع البيئي، ومنع الصيد الجائر، والحرص على إيجاد بيئة مناسبة لتكاثر الحيوانات المهددة بالانقراض، إضافة إلى أن الدائرة الخاصة كانت تهتم كثيراً بالغابات، والحفاظ على الحيوانات البرية، مثل المها والدماني والريم، وتوفير كل ما يسهم في استمرار هذه الأنواع من الحيوانات في بيئتها، إضافة إلى تشييد المنازل للمواطنين، واستصلاح الأراضي، وتوزيع المزارع».

وأكد أن: «الشيخ زايد - رحمه الله - لم يكن يعرف كلمة مستحيل، وعلمنا كيف نحذفها من قاموسنا، وأن نسعى للنجاح فقط لا غير. وطوال السنوات التي عملت خلالها في الدائرة الخاصة لسموه، قبل أن أسافر للحصول على الماجستير والدكتوراه، أنجزنا في الدائرة مشروعات كثيرة، أصبحت ذخراً لهذا الوطن، ومهما تكلمت عن الشيخ زايد فلن أوفيه حقه، ولكن أهم شيء تعلمناه منه، رحمه الله، هو الإصرار على الإنجاز».

تويتر