خلال محاضرة ألقتها بحضور محمد بن زايد

أنغيلا داكورث: الإمارات تملك أفضل الفرص لنشر العزيمة بين أبنائها

صورة

شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عصر أمس، ثانية محاضرات مجلس سموه خلال شهر رمضان المبارك، التي حملت عنوان «العزيمة الصادقة: الإلهام الحقيقي في علم النجاح»، وألقتها أستاذة علم النفس في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية، الدكتورة أنغيلا داكورث.

وحضر المحاضرة -التي عقدت في مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في البطين- كل من سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان، رئيس نادي الوحدة، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، والشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار الشخصيات.

وركزت المحاضِرة في محاضرتها على خمسة محاور رئيسة، هي: عوامل النجاح ودور العزيمة في تحقيق الأهداف على المدى البعيد، وقياس العزيمة باعتبارها أداة للتنبؤ حول أداء عدد من السياقات المثيرة للاهتمام، وارتباط العزيمة بالإنجازات، والعزيمة والأداء في بيئات شديدة الضغوط من طلاب الكليات العسكرية إلى طلاب المدارس الحكومية، وما الذي يميز الأشخاص المثابرين عن غيرهم، وكيف نغرس روح العزيمة في النفوس عبر جميع مراحل الحياة، فيما انتهت المحاضِرة إلى أن دولة الإمارات تمتلك أفضل الفرص عالمياً لنشر العزيمة بين أبنائها، نظراً إلى ما لديها من تقاليد ووحدة.

وبدأت المحاضِرة حديثها بإلقاء الضوء على بحثها العالمي حول موضوع «العزيمة»، أو ما يعرف بالميل إلى تحقيق أهداف طويلة المدى، مع المثابرة والشغف، تحت عنوان «من هم الناجحون في الحياة».

وقالت داكورث إن «الموهبة والذكاء مهمان، لكن من دون الجهد هما مجرد وعد لما هو ممكن وليسا ضمانة، أما العزيمة فلا تعني فقط العمل بجهد كبير على تحقيق شيء ما، ولكنها تشمل كذلك العمل على شيء تحبه وستبقى تحبه، لأنه ذو معنى بالنسبة لك، ويمكن للشخص أن يزيد من عزيمته عن طريق تعزيز وتقوية الأصول النفسية لديه، كالاهتمام والتمرين والأمل، وكذلك عن طريق إحاطة نفسه بالأشخاص المناسبين الذين يشجعونه».

بطاقة شخصية

الدكتورة أنغيلا داكورث أستاذة علم النفس في جامعة بنسلفانيا، حائزة جائزة ماك آرثر للعبقرية لعام 2013، وهي أحد مؤسسي مختبر الشخصية.

قبل اتجاهها للأبحاث عملت داكورث في التدريس، كما أسست مدرسة صيفية للأطفال ذوي الدخل المنخفض.

حصلت على شهادة البكالوريوس في علم الأعصاب من جامعة هارفارد، ودرجة الماجستير في البيولوجيا العصبية من جامعة أكسفورد، ودرجة الدكتوراه في علم النفس من جامعة بنسلفانيا.

قدمت استشاراتها إلى عدد من الهيئات الحكومية والرياضية والتجارية الرائدة.

كتابها الأول «العزيمة: قوة الشغف والمثابرة»، صنفته صحيفة نيويورك تايمز باعتباره أحد أكثر الكتب مبيعاً، ولها مقالات عدة نشرتها في صحيفة نيويورك تايمز، وناشونال جيوغرافيك.

وأضافت: «رغم أهمية العزيمة إلّا أنها لا تمثل كل شيء لتحقيق النجاح، فهناك أشياء عديدة أكثر أهمية يحتاجها الشخص ليتقدم وينجح، أبرزها القدرة على التعلّم والتفكير بشكل متواصل»، لافتة إلى أن «الأشخاص الذين يمتلكون العزيمة لديهم أربعة روابط مشتركة، أولها الاهتمام».

وطرحت المحاضرة عدداً من الأسئلة التي يمكن من خلالها إثارة الاهتمام، مثل: بماذا أحبّ أن أفكر؟ أين يجول عقلي؟ بماذا أهتمّ حقاً؟ ما الذي يهمّني أكثر؟ كيف أستمتع بقضاء وقتي؟ وعلى الطرف الآخر، ما الذي أجده لا يُحتمل بالتأكيد؟

وقالت: «للإجابة عن هذه الأسئلة، يجب أن نبدأ بالإجابات المؤكدة، ثم بالبناء عليها، ولا ينبغي الخوف من التخمين، فبالنهاية هناك كمية أكيدة من الأحكام الخاصة بك، وهي متأصلة في عملية اكتشاف اهتماماتك. لذلك يجب أن تكون صبوراً، وتذكر أن إيجاد الشغف هو نوع من الاستكشاف، يتبعه كثير من التطوير. وفي النهاية، ستتمكن من إيجاد معنى وهدف واضح لحياتك».

وعرّفت داكورث الرابط الثاني لذوي العزيمة بأنه «التمرين»، إذ نصحت بجمع لحظات من التمرين المدروس الذي «يستلزم من الشخص أن يخرج من نطاق راحته ويبذل كل جهده لاكتساب وبناء مهارات يحتاج إلى أن يتعلمها، مع ضرورة المثابرة على التمرين حتى يتمكن من القيام بكل تلك الأشياء بدقة ودون جهد يذكر».

وتمثل الرابط المشترك الثالث في «الهدف»، أمّا الرابط الأخير بين الأشخاص ذوي العزيمة فهو «الأمل»، حيث أكدت المحاضِرة أنه يمكن للشخص أن يسقط سبع مرات ويقف في الثامنة، لأن الأمل هو ما يسمح بالمثابرة عندما تصبح الأمور صعبة.

وحددت داكورث طريقتين لتعزيز العزيمة، الأولى «من الداخل إلى الخارج»، وهي أن الفرد يمكنه أن يشجع نفسه، والثانية «من الخارج إلى الداخل»، ويقصد بها الأهل، المدرِّبون، الأساتذة، المديرون، المعلِّمون، الأصدقاء الذين يقوون العزيمة، مؤكدة أن تطوير العزيمة الشخصية يعتمد على الآخرين بمقدار كبير.

وذكرت أنها أجرت دراسات على أشخاص من ذوي الأداء العالي في بيئات عمل عالية التوتر لفهم تأثير العزيمة في إمكانية التنبؤ بالأداء، لافتة إلى أنها عكفت على تحليل الأداء في العديد من السياقات المتنوعة لمعرفة العلاقة المتبادلة بين العزيمة والإنجاز.

وقالت إن «الدراسة شملت طلبة في كلية ويست بوينت العسكرية (الأكاديمية العسكرية الأميركية)، والمشاركين في مسابقة التهجئة (الإملاء) المحلية، والمعلمين الصاعدين أو طلبة مدارس شيكاغو الحكومية. وبالاستفادة من هذه الأمثلة استطعت تفسير سبب اختلاف الأشخاص ذوي العزيمة عن غيرهم، كما استنتجت أن العزيمة يمكن غرسها وتنميتها لدى كل إنسان في أي مكان وزمان في حياتنا».

وأضافت داكورث أن «العلم والخبرة يؤكدان لنا أهمية العزيمة، وأن التحلي بسمات شخصية مثل ضبط النفس ربما تنبئ بمدى نجاح الأطفال في المدرسة وخارجها. كما تظهر الأدلة العلمية أن قوة الشخصية لا تقلّ أهمية عن معدل الذكاء والحالة الاجتماعية والاقتصادية في ما يتعلق بتحقيق الإنجاز والنجاح».

وأشارت إلى دراسة أجريت عام 2011 على أكثر من 200 برنامج مدرسي، وجدت أن تعليم المهارات الاجتماعية والعاطفية يمكن أن يحسن السلوك ويرفع من مستوى التحصيل الدراسي، ما يؤكد أن المدرسة بيئة مهمة لتنمية الشخصية، مؤكدة أنه بناء على ذلك يمكن تعليم أو غرس العزيمة في طلبة المدارس، فالشخصية كيان مركب يضم العديد من نقاط القوة التي يمكن تصنيفها في ثلاثة أبعاد، أولها: نقاط القوة الشخصية في التفاعل مع المجتمع المحيط، مثل إظهار الامتنان وبناء علاقات متناغمة مع الآخرين. ويتمثل البعد الثاني في نقاط القوة الشخصية الداخلية، مثل العزيمة وضبط النفس، التي تمكن الإنسان من الإنجاز. أمّا البعد الأخير فهو نقاط القوة الفكرية، مثل الفضول، الذي يمكن الإنسان من عيش حياة فكرية خصبة ومفعمة بالحرية.

وأضافت: «عند دراسة الشخصية يجب تركيز الاهتمام على تنمية خصال العطاء والعمل والتفكير لدى الطلبة، لبناء شخصيات الطلبة بطريقة توازن بين نقاط القوة العاطفية وقوة الإرادة وقوة العقل».

تقاليد ووحدة

وجّهت وزيرة تنمية المجتمع، حصة بنت عيسى بوحميد، سؤالاً للدكتورة أنغيلا داكورث، بشأن سبل تطبيق بحوث ودراسات العزيمة على طلبة دولة الإمارات، فقالت المحاضِرة: «إذا أردتم تهيئة أطفال الإمارات يجب طرح سؤالين مهمين، هما: ماذا يمتلكون من الفضول؟ وماذا نقدم لتهيئتهم للفضول؟».

وأضافت: «ما رأيته في دولة الإمارات خلال زيارتي هذه يجعلني أقول إن هذا البلد الوحيد الذي يهيّئ طلبة المدارس للفضول والعزيمة، وأرى بوضوح أن الإمارات لديها فرص لنشر العزيمة بين أبنائها أفضل من دول كثيرة، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، نظراً لما لديها من تقاليد ووحدة، ومن ثم إذا قررت الإمارات أن يكون الذكاء الاجتماعي أولوية، سيكون لديها الفرصة الكاملة للنجاح».

تويتر