حكومة دبي تضع الخطط لضمان جودة واستدامة البيئة وفقاً لنتائج تقرير الحالة البيئية للإمارة


خلص تقرير الحالة البيئية لدبي لعام 2020، والذي كشفت عنه حكومة دبي متمثلة بالأمانة العامة للمجلس التنفيذي وبلدية دبي وعدد من الجهات ذات الصلة عن ضرورة استحداث الأدوات المؤسسية الملائمة لتعزيز الحوكمة البيئية في سبيل التغلب على العديد من التحديات، وذلك ضمن جهود تحقيق غايات وأهداف خطة دبي 2021 والتي تهدف لجعل دبي مدينة صحية ومستدامة ذات عناصر بيئية نظيفة على المدى الطويل، وموائمة للمعايير المطبقة عالمياً، وأوصى التقرير  بضرورة الاستفادة من البيانات البيئية في رسم سياسات الاستدامة للإمارة.

واستندت منهجية التقرير على الإطار (DPSIR) المعتمد من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، حيث يحتوي على العناصر المؤثرة في البيئة وهي: العوامل المحركة، العوامل الضاغطة، الوضع القائم، التأثير، والاستجابة، وذلك ضمن ثلاثة فصول بدءاً بالسياق العام والخصوصية الجغرافية لإمارة دبي، ثم التطرق إلى العوامل المحركة وهي: التركيبة الديموغرافية لإمارة دبي، ونموها الاقتصادي المتسارع، والعوامل الاجتماعية والثقافية لمجتمع الإمارة المتنوع، والعوامل الإقليمية والعالمية.

وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام للمجلس التنفيذي لدبي عبدالله الشيباني أنه ومن منطلق حرص إمارة دبي على المحافظة على المكتسبات الطبيعية والبيئة الخصبة التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، خاصة في ظل التوسع العمراني والنمو الاقتصادي المتسارع الذي تشهده الإمارة، دعت الحاجة لدراسة واقع البيئة والتعرف على خصائصه، حيث سلط التقرير الضوء على العوامل الضاغطة على عناصر البيئة والتوقعات المستقبلية لها، كما فتح المجال لمجموعة من الفرص والإجراءات للحفاظ على بيئة الإمارة وتعزيزها وذلك تنفيذاً لغايات خطة دبي 2021.

وقال الشيباني: "تأتي نتائج هذا التقرير مكملة لمختلف الجهود التي تقوم بها حكومة دبي من أجل توفير المتطلبات المستقبلية للمجتمع، والحرص على تعزيز الاستدامة البيئية لجميع المشاريع، بالإضافة إلى تأمين الوصول للمعلومات، الأمر الذي تتبناه الحكومة في جعل دبي المكان المفضل للعيش والعمل والمقصد المفضل للزائرين، وتتميز من خلاله ببيئة نظيفة ومستدامة". وأردف سعادته: "ونعتبر هذا التقرير بمحتوياته الثرية مرجعاً مهماً لوضع خارطة الطريق لتحسين واستدامة البيئة".

واعتمد التقرير في توقعاته المستقبلية على سياقين لوضع دبي البيئي في عام 2030، تماشياً مع تقرير توقعات البيئة العالمية الخامس الصادر في عام 2012، وهما دبي الحالية ودبي المستدامة، حيث يأخذ الأول في الاعتبار معظم الاستراتيجيات الحالية والأهداف التي سبق وتعهدت حكومة دبي بتحقيقها. ويُنظر إلى هذه الاستراتيجيات والأهداف على أنها تقليدية لأنه يمكن تحقيقها من دون التزامات جديدة، أما الثاني يعتمد الاستراتيجيات والأهداف التي جمعها سيناريو دبي الحالية، لكنه يقدم أهدافاً أكثر طموحاً عبر قطاعات البيئة كافة. ويهدف بشكل خاص إلى تحويل دبي إلى مثال عالمي للتغيير مع التزام خاص بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

وبدوره قال رئيس لجنة البنية التحتية والبيئة التابعة للأمانة العامة للمجلس التنفيذي: سعيد محمد الطاير، "نعمل في لجنة البنية التحتية في إطار توجيهات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، للوصول بإمارة دبي إلى المركز الأول في جميع المجالات. وتعمل لجنة البنية التحتية والبيئة مع مختلف الجهات الحكومية في دبي لتحقيق أهداف الاستدامة طويلة الأجل بما يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، ومئوية الإمارات 2071 التي ترمي إلى توفير جميع مقوّمات النجاح لتمكين الإنسان وضمان سعادته من خلال الاستثمار بالبنية التحتية المادية والرقمية المتقدّمة، وبناء مدينة متميزة تتوفر فيها استدامة ورفاهية العيش ومقومات النجاح، في إطار خطة دبي 2021 التي تهدف إلى أن تكون دبي مدينة ذكية ومستدامة ذات بيئة حضرية آمنة وموثوقة، وأن تكون المكان المفضل للعيش والعمل والمقصد المفضل للزائرين".

وأضاف الطاير: "باتت الحاجة إلى الابتكار واستشراف المستقبل أكثر أهمية من أي وقت مضى، وتبذل لجنة البنية التحتية والبيئة مساعي حثيثة لتطوير واعتماد تقنيات مبتكرة تسهم في توفير بنية تحتية مستقبلية وبيئة صحية تتمتع بجودة هواء عالية لجميع القاطنين من خلال تحديد العناصر المؤثرة على حيوية وجودة الهواء وتقييم أثرها والسيطرة عليها، للمساهمة في تعزيز التنمية المستدامة في دبي".

وأضاف الطاير: "باتت الحاجة إلى الابتكار واستشراف المستقبل أكثر أهمية من أي وقت مضى، وتبذل لجنة البنية التحتية والبيئة مساعي حثيثة لتطوير واعتماد تقنيات مبتكرة تسهم في توفير بنية تحتية مستقبلية وبيئة صحية تتمتع بجودة هواء عالية لجميع القاطنين من خلال تحديد العناصر المؤثرة على حيوية وجودة الهواء وتقييم أثرها والسيطرة عليها، للمساهمة في تعزيز التنمية المستدامة في دبي".

وفي ذات السياق، قال سعادة المهندس حسين ناصر لوتاه، مدير عام بلدية دبي: "تحظى التقارير البيئية بأهمية كبيرة عند التخطيط للتنمية المستدامة، إذ تشكل أداة قوية لدعم اتخاذ القرار وضمانة أخذ الأثر البيئي في عين الاعتبار في القطاعات كافة، ويعد هذا التقرير نقطة انطلاق لعملية رصد وإبلاغ وتحقق بيئي على المدى البعيد، ومن هذا المنطلق قدمت بلدية دبي دعمها الكامل لإنجاز هذا التقرير، والذي يجسد مدى اهتمام حكومة دبي بدراسة وتقييم الوضع البيئي العام في الإمارة، وتشخيص مصادر التهديد الأساسية الناجمة عن الأنشطة والقطاعات التطويرية والتنموية والصناعية والخدمية التي يمكن أن تهدد جودة القطاعات البيئية واستدامة الموارد الطبيعية في الإمارة".

من جهتها قالت مدير أول إدارة السياسات والاستراتيجيات للتنمية المستدامة في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لدبي سميرة الريس، "استند التقرير إلى سبعة محاور رئيسية في دراسته للحالة البيئية في دبي، بما يوائم أفضل الممارسات العالمية، حيث درس التقرير حالة الهواء والمياه والتنوع البيولوجي والأراضي والمنطقة الساحلية والبيئة العمرانية والنفايات، لينتهي بالتوقعات المستقبلية للوضع البيئي الأمثل لكل محور، بالإضافة إلى تحليل الأنماط الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الحالية وتأثير ذلك على بيئة دبي ورفاهية المقيمين فيها، وذلك لضمان جودة العناصر البيئية للأجيال القادمة".

وأشار التقرير إلى أن عاملي نمو السكان والنمو الاقتصادي يظلان أهم محركي للتغيير. فالنمو السكاني هو المحرك الأهم لأنه يسيطر على نماذج الاستهلاك والإنتاج، والإسكان، والانبعاثات، وتوليد النفايات.

كما أكد التقرير في السياق الحالي باستمرار مصادر الملوثات الغازية في دبي، بما في ذلك قطاعي النقل والطاقة، برغم التطور التكنولوجي، في ظل مواصلة ارتفاع أعداد المركبات في دبي، بشكل خاص، من حوالي 1.4 مليون مركبة في عام 2014 إلى 2.7 مليون مركبة في عام 2030. ويزيد التجمع السكاني من ظروف الازدحام المروري في ساعات الذروة، فيما أشار التقرير في سياق دبي المستدامة إلى عمل المجلس الأعلى للطاقة في دبي على استراتيجية الحد من ثاني أكسيد الكربون، كجزء من استراتيجية دبي المتكاملة للطاقة، لتحقيق أهداف انحسار أعلى بكثير، قد تصل إلى 40% مقارنةً بالأعمال في عام 2030، الأمر الذي يتوجب معه العمل المشترك بين كافة قطاعات الانبعاثات.

وفي محور المياه، أشار التقرير إلى تحقيق حملات التوعية المستهدفة لترشيد المياه من قبل هيئة كهرباء ومياه دبي والمدارس والقطاع الخاص نتائج جيدة إلا أنها محدودة فيما يتعلق بخفض الطلب، وأكد استمرار ارتفاع الطلب الإجمالي على المياه من 1.27 مليون م3 في عام 2014 إلى 2.45 مليون م3 في عام 2030، فيما يبقى إجمالي استهلاك المياه على حاله مع 546 لتراً للفرد في اليوم الواحد. أما في السياق المستدام، فقد أشار التقرير إلى أنه في سبيل خفض استهلاك المياه للفرد الواحد من 546 إلى 430 لتراً في اليوم الواحد، ينبغي تطبيق سياسات لتغيير سلوكيات أفراد المجتمع لاستهلاكهم للمياه.

ولفت التقرير إلى أهمية المحافظة على التنوع البيولوجي وضرورة معالجة النقص الحاد في البيانات الدقيقة بالإضافة إلى توسيع نطاق العمل الميداني والبحوث الأساسية لتقييم الأثر البيئي للمشروعات. كما أشار التقرير إلى مبادرة دبي لتعزيز التنوع البيولوجي من خلال عكس أهداف المحافظة على التنوع البيولوجي في القطاعات الاقتصادية كافة، بما فيها قطاع التخطيط العمراني، واتباع أفضل الممارسات العالمية وخطط إدارة للنظم الإيكولوجية، لتعزيز التنوع البيولوجي.

فيما دعا التقرير أيضاً إلى ضرورة الالتزام بخطة دبي الحضرية 2020، في ظل النمو المتزايد للنمو العمراني على العوامل الطبيعية، وتحديثها لتغطية الفترة حتى 2030، واعتماد بلدية دبي تصنيفاً موحّداً لاستعمال الأراضي والغطاء الأرضي ونشر البيانات حول استعمال الأراضي بشكل نصف سنوي، حيث تؤثر هذه البيانات في تصميم برامج مواجهة التغيّر المناخي وتدهور الأراضي.

فيما دعا التقرير إلى أهمية تعزيز المشاريع التي تهدف إلى تركيز الأعمال والسكان حول محطات المترو في دبي، لأجل زيادة عدد الركاب وتخفيض مسافة التنقل اليومية. كما تشجع المشاريع الموجهة نحو تعزيز المشي، ليخطو مؤشر جودة المعيشة في دبي خطوات إلى الأمام.

وفي محور النفايات، أشار التقرير إلى الاستراتيجية المتكاملة لإدارة النفايات وتأثير سلوكيات الأفراد والمؤسسات في زيادة إنتاجية النفايات، حيث أوضح أن معدلات التدوير ضئيلة في القطاعات كافة وخاصة نفايات البناء. فيما دعا إلى ضرورة تحديث الاستراتيجية بناءً على أنواع النفايات مثل النفايات الإلكترونية والورقية والبلاستكية والزجاج وغيرها، بالإضافة إلى تشجيع أفراد المجتمع والمؤسسات لتغيير السلوكيات مما سيساهم في تراجع إنتاج النفايات للفرد الواحد من 3.4 كغ/للفرد في اليوم في عام 2014 إلى 2.5 كغ/للفرد في اليوم بحلول عام 2030.

وتحرص الدول والمدن العالمية على نشر تقارير حالة البيئة والاستناد عليها، حيث إنها تعد مرجعاً في تحديد الاستراتيجيات والسياسات تجاه القضايا البيئية. ويهدف التقرير الذي أعدته حكومة دبي إلى تقديم وصف متكامل لحالة البيئة لإمارة دبي ووضعه في متناول أصحاب القرار ليقوم كل بدوره في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، حيث يعد اللبنة الأولى في بناء قاعدة بيانات بيئية حديثة تصبح أساساً لرصد ومتابعة حالة البيئة وتساهم في اتخاذ القرارات البيئية وصياغة الاستراتيجيات والسياسات المستقبلية التي تضمن جودة البيئة للأجيال القادمة.

 

تويتر