طالبوا بجهة رقابية على أسواق السمك.. وجمعية الصيادين وصفتها بـ «التجارة المفتوحة»

صيادون مواطنون يواجهون صعاب البحر وتجّار آسيويون يحصدون الأربـــاح

صورة

أبدى أصحاب مراكب وصيادون مواطنون في الشارقة، استياءهم من سيطرة تجار أسماك، من جنسيات دول آسيوية، على أسواق مزاد البيع اليومي، واحتكار أسعار السوق، وفرض السعر الذي يريدونه، غير آبهين بمصلحة الصياد، موضحين أن هؤلاء التجار يأتون إلى المزاد متفقين متضامنين مسبقاً، على سقف سعر محدد لا يتعدونه في المزايدة، ليتمكنوا من شراء الكمية كاملة، ثم يبيعونها بنسبة أرباح تزيد على 150% من السعر الفعلي للأسماك.

وأضافوا أن تجاراً من دول آسيوية، دخلاء على المهنة الصيد، يستغلون عجز الصياد عن تصريف صيده بنفسه، وعدم قدرته على الاحتفاظ بالسمك مدة طويلة، خشية تعرضه للتلف، ما يضطره إلى بيعه بسعر زهيد، بالكاد يكفي لتغطية نفقات رحلة الصيد.

وأشاروا إلى أن صيادين مواطنين هجروا المهنة، بسبب التحديات الكبيرة التي تواجههم من «الدخلاء»، فيما أكد صيادون آخرون تمسكهم بمهنة الصيد التي ورثوها وتعلموها من آبائهم وأجدادهم، كونهم «عيال بحر»، لافتين إلى أنه في ظل استمرار الوضع الحالي سيضطرون، وكثير من زملائهم، إلى ترك المهنة، لأنها لم تعد مجدية مالياً.

وطالبوا الجهات المعنية بتحديد جهة رقابية تحكم آلية العمل في أسواق السمك، لحماية حقوق الصيادين والمستهلكين.

في المقابل، وصفت جمعية الشارقة للصيادين، عملية بيع الأسماك بـ«التجارة المفتوحة»، التي تمنح الصياد قبول أو رفض السعر، وهذه العملية تتم وفق المزايدة اليومية، وبوساطة «دلال» تابع للجمعية، التي تعمل على اتخاذ تدابير عدة، تسهم في خفض كلفة رحلة الصيد.

من جانبها، أكدت وزارة الاقتصاد عدم وجود رقابة على أسعار الأسماك من قبلها، كونها غير ثابتة، وقائمة على مبدأ العرض والطلب، فيما عزا تجار سبب عرض الأسماك، التي يشترونها من الصيادين، للبيع بأسعار مرتفعة، إلى عدم تمكنهم من بيع جميع الكميات، بسبب قلة الإقبال عليها، ما يؤدي إلى تلف جزء منها، وتالياً تعرضهم للخسارة.


قال الصياد «أبومكتوم»، من إمارة الشارقة، إن تجاراً من جنسيات دول آسيوية يسيطرون على أسعار سوق الأسماك، وتلاعبهم في أرزاق الصيادين، عن طريق تضامنهم، والاتفاق على تحديد سعر مسبق بينهم للمزاد لا يتعداه أحد، ويكون في الغالب أقل بنحو نصف القيمة الفعلية لهذه الأسماك، ثم يعاودون بيعها إلى المستهلك بأسعار مرتفعة جداً، ليحققوا أرباحاً كبيرة على حساب الصيادين والمستهلكين.

150 %

أرباح يحققها تجار في سوق السمك من دون تحمل عناء الصيد.


مصروفات الصيد

أفاد الصياد عبدالله المرزوقي، من الشارقة، بأن المردود المالي الذي يجنيه من حصيلة بيع الأسماك لا يكاد يغطي مصروفات رحلات الصيد التي يرصد لها مبالغ كبيرة، تزيد قيمتها على 2000 درهم، للرحلة البحرية الواحدة، متضمنة 1000 درهم قيمة المحروقات، و500 درهم طُعماً للأسماك، و500 درهم أخرى مصروفات العمال وصيانة الطراد، فضلاً عن قيمة شباك الصيد، ورواتب العمال، وتجديد إقاماتهم وغيرها، والتجار يجنون المكاسب وهم جالسون في أماكنهم.

مهنة الأجداد

أكد الصياد (أبومكتوم)، من إمارة الشارقة، أن نسبة أرباح التجار تزيد بشكلٍ أكبر خلال فصل الشتاء، كون الموردين يعرضون كميات كبيرة من الأسماك للبيع بأسعار أقل من السابق، نتيجة توافرها الموسمي في البحر، في حين يبيعها تجار الجملة للمستهلكين بالأسعار المرتفعة نفسها التي اعتادوا عليها طوال العام، إذ يشترونه منا بنصف الأسعار السابقة، ما يضاعف أرباحهم، في ظل غياب الرقابة من قبل الجهات المعنية، على أسعار بيع الأسماك المعروضة على دكات السوق، بسبب تحكم واحتكار تجار وباعة آسيويين للأسواق. وتابع: «على الرغم من مواجهة الصعاب في رحلات الصيد، لانزال متمسكين بمهنة الصيد حفاظاً على حرفة أجدادنا، لكنها لم تعد مصدر دخل أساسي للصيادين».

وأوضح أن الصيادين أصحاب المراكب والطرادات هم الموردون للسوق، والمزوّد الأساسي لتجار السوق بالأسماك يومياً، لكن تجاراً من دول آسيوية يحتكرون الأسواق، كونهم الأغلبية العظمى الذين يملكون محال تجارية في أسواق الأسماك على مستوى الدولة، بينما يكابد الصيادون معاناة شاقة في الرحلات البحرية، بمعدل ثلاث مرات أسبوعياً، في الأوقات التي يكون فيها الطقس مستقراً، وغالباً ما تكون حصيلة الصيد قليلة بسبب الطقس، ثم يأتي التجار ليبخسوا الأسعار.

وأشار «أبو مكتوم» إلى أن التجار يعقدون اتفاقات بينهم بألا يزيد المزاد على مبلغ محدد، وشراء الأسماك بأسعار زهيدة، ثم يعيدون بيعها بأسعار مرتفعة ليحققوا أرباحاً كبيرة، بينما يدخل الصيادون بطراداتهم ومراكبهم عرض البحر مساء، ولا يعودون إلا ظهر اليوم التالي، ويسلمون حصيلة الصيد للدلال التابع لجمعية الصيادين في الشارقة، الذي بدوره يتولى بيعها على باعة السوق الآسيويين بسعر الجملة، فيبخسون قيمتها ويحصلون عليها بسعر زهيد، ويضطر الصياد إلى البيع بأسعارهم، لعدم وجود بديل آخر أمامه، على الرغم من أن القيمة لا تكاد تغطي كلفة رحلات الصيد.

وأوضح أنه بعد المزايدة على حصيلة الأسماك التي يجلبها الصيادون من البحر، تصل القيمة القصوى للكيلوغرام الواحد من أسماك الهامور إلى 30 درهماً، ويتم بيع للمستهلك بـ65 درهماً، وذلك بنسبة ربح أكثر من 116%، مقارنة بسعر الشراء، في حين أن الكيلوغرام الواحد من أسماك الشعري يشتريه تجار السوق بسعر 15 درهماً، ويباع للمستهلك بسعر 40 درهماً للكيلوغرام، بنسبة ربح أكثر من 166%، متسائلاً عن دور الجهات المعنية في حفظ حقوق المورد المواطن في أسواق الأسماك، وحماية المستهلك من استغلال التجار، مطالباً بجهة رقابية تحكم آلية العمل في أسواق السمك.

وقال «أبو مكتوم»، إن احتكار تجار آسيويين لسوق الأسماك دفع كثيراً من الصيادين إلى اعتزال المهنة، كونها أضحت تشكل خسارة جسيمة لأصحابها، إلى جانب ما يكابدونه من مشقة ومخاطر البحر، موضحاً أن رحلات الصيد بوساطة الطراد أضحت مكلفة، إذ تحتاج إلى 1000 درهم لتزويد الطراد بوقود الديزل، و1000 درهم لشراء الطُعم المخصص لصيد الأسماك، علاوة على 500 درهم أجرة كل عامل متعاون مقابل الرحلة البحرية الواحدة، و3000 درهم للصيانة الدورية للطراد التي تكون كل شهرين، بالإضافة إلى تصليح الطراد في حال الأعطال الطارئة التي قد يتعرض لها، أما قيمة توفير 300 من شباك الصيد مثل «القراقير»، المخصصة لصيد الأسماك في الرحلات البحرية فتبلغ 40 ألف درهم، وهذا العدد من الشباك لا يسد حاجة الصياد أكثر من ستة أشهر.

بدوره، أفاد الصياد المواطن مبارك علي، من إمارة الشارقة، بأن المهنة أصبحت تحتاج إلى تنظيم وقوانين تضمن حق الصياد المواطن، كوضع تسعيرة ثابتة لأسعار السمك من الصيادين، ووضع حد لسيطرة التجار على أسواق الأسماك، وإلزامهم بنسبة ربح محددة، لأن الصيادين يشهدون مصاعب جمّة خلال رحلات الصيد، مشيراً إلى أنه في ظل استمرار الوضع الحالي سيضطر وكثير من زملائه إلى ترك المهنة، لأنها لم تعد مجدية مالياً.

وأوضح أن التجار يكسبون نحو ثلاثة أضعاف ما يكسبه الصياد دون عناء، فيما يقع عبء المهنة على كاهل الصياد، الذي يتحمّل المخاطر، ويبذل جهداً كبيراً من أجل الصيد، بالإضافة إلى تكبد مصروفات رحلات الصيد، والصيانة الدورية للمركب، والإنفاق على أجور العمال والمساعدين، ووقود الديزل، ومصروفات الطعام والشراب الذي يتم استهلاكه خلال رحلة الصيد، ومواجهة مخاطر البحر وتقلباته، والتاجر هو المستفيد الأول من حصيلة الصيد.

وأشار إلى أن أصحاب المراكب والصيادين المواطنين يصلون بحصيلة الصيد إلى أسواق الأسماك، ويفاجؤون بتجار السوق من جنسيات دول آسيوية، يقبضون على مزاد البيع بيد من حديد، حيث يأتون إلى المزاد متفقين متضامنين مسبقاً، على سقف محدد لسعر المزاد، لا يتعداه أحد منهم، إذ يقوم واحد أو اثنان منهم بعرض السعر الذي يناسبهم على «الدلال»، ليفتتح به المزاد، ويزايدون حتى الوصول إلى السعر المتفق عليه، ثم يوزعون الأسماك بينهم من دون منافسة أو مناقصة أو مزايدة، فيتحول الصيادون إلى صيد سهل في شباك هؤلاء التجار، الذين يستغلون عجز الصياد عن تصريف الأسماك بنفسه، وعدم قدرته على الاحتفاظ بها مدة طويلة، خشية تعرضها للتلف، ما يضطره إلى بيع السمك بسعر زهيد بالكاد يكفي لتغطية نفقات رحلة الصيد، مطالباً بجهة رقابية على أسواق السمك تحمي الصياد والمستهلك من أطماع بعض التجار.

وأيّده الرأي الصياد عبدالله المرزوقي من الشارقة، موضحاً أنه يزاول مهنة الصيد قبل أكثر من 20 عاماً، حيث يحرص مع إخوته على التمسك بالمهنة التي ورثوها وتعلموها من آبائهم وأجدادهم، كونهم «عيال بحر»، لذا يقوم برحلات صيد بحرية بشكل يومي، ويعرض حصيلة الأسماك للمزايدة في سوق الشارقة بوساطة الدلالين، الذين يبيعونها لتجار السوق، الذين يتفقون في ما بينهم على سعر محدد لكل نوع من الأسماك، ولا يزايدون على القيمة النهائية، ما يضطر الصياد إلى البيع، لعدم وجود بديل آخر أمامه.

وأضاف أنه يبيع حصيلة الطراد الواحد من الأسماك بقيمة لا تزيد على 3000 درهم، بينما تزيد قيمة بيعها للمستهلك على 7000 درهم، ما يعني أن الفائدة المالية التي يحصل عليها التاجر تصل إلى 133%، مقارنة بسعر الشراء.

وناشد الجهات المعنية في الدولة توفير سوق خاصة لأسماك الموردين المواطنين، تضمن لهم البيع بأسعار مناسبة وفعلية دون بخس حقهم، وأيضاً تستوعب الكميات الكبيرة التي يجلبونها يومياً من البحر، حفاظاً على المهنة من الزوال، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الصيادين المواطنين هجروا هذه المهنة، أخيراً، بسبب التحديات الكبيرة التي تواجههم من «الدخلاء» على المهنة.

وقال تاجر أسماك، محمد أختر عباس، إن تحديد التجار أسعار الأسماك يعتمد على اعتبارات عدة، أهمها أن التاجر قد لا يتمكن من بيع جميع الأسماك التي اشتراها من المورد، ما قد يعرضه للخسارة، فإقبال المستهلكين على أسواق البيع يختلف من فترة إلى أخرى، إذ يقل بشكل كبير خلال الصيف، كونه موسم سفر كثير من الأسر، وتنتعش السوق خلال الشتاء.

وأضاف أن وزارة التغير المناخي والبيئة حدّت من ظاهرة الصيد الجائر، عبر حظر صيد «الشعري والصافي» لمدة شهرين من كل عام، من أجل تكاثرها والحفاظ عليها، وبما أن معظم صيادي الإمارة ملتزمون بتطبيق هذا القرار، لذا يضطر التجار إلى رفع أسعار الأنواع المتوافرة من الأسماك في السوق خلال فترة الحظر، بسبب قلة الكميات المعروضة، وزيادة الطلب عليها.

وأفاد تاجر أسماك، فضل عدم ذكر اسمه، بأن أسعار شراء الأسماك بالجملة تخضع إلى عملية مُزايدة التجار عليها بوساطة دلال، وللمورد الحق في رفض أو قبول الأسعار المعروضة، لأن التاجر حين يحدد سعر الشراء يضع في الاعتبار نسبة أرباحه من البيع، بالإضافة إلى مصروفات نقل الأسماك للسوق، في حال كان التاجر من إمارة أخرى، وأيضاً قيمة إيجار المحل الذي تعرض فيه الأسماك للبيع، علاوة على مصروفات أخرى مثل فواتير استهلاك الكهرباء والماء والثلج.

فيما أكد صاحب محل بيع أسماك بسوق الجبيل في الشارقة، منير علي، عدم إمكانية تحديد سعر ثابت للسمك، بسبب اختلاف العوامل التي تتحكم بأسعار الأسماك، منها المواسم السنوية، وتقلبات الطقس، لذلك تشهد الأسعار ارتفاعاً وانخفاضاً بين يوم وآخر، موضحاً أن النقص الكبير، من حيث نوع وحجم وكمية الأسماك في السوق، في بعض أنواع الأسماك والمأكولات البحرية، أهم العوامل في عدم انخفاض أسعارها، مؤكداً أن عملية البيع تخضع للعرض والطلب، والصياد غير مجبر على البيع إذا لم يحقق مكاسب.

من جانبه، قال نائب مدير جمعية الصيادين في الشارقة وأمين صندوقها، إبراهيم العبدولي، إن عملية بيع حصيلة الأسماك من الموردين للتجار تعتبر «تجارة مفتوحة»، قائمة على مبدأ العرض والطلب، ويحق للصياد المورد قبول أو رفض قيمة مبلغ الشراء الذي يعرضه عليه التاجر، أما الدلال، فهو شخص تابع للجمعية، يحصل على مبلغ 100 درهم من المورد مقابل المزايدة على كل كمية أسماك يعرضها للبيع.

وأوضح أن دور الدلال يقتصر على كونه وسيطاً بين التاجر والمورد الذي يحدد سعر الافتتاح لبداية المزايدة، أما التجار فهم من داخل سوق الشارقة للأسماك وخارجها، متابعاً أن التجار على الرغم من أنهم يبيعون ما يشترونه من أسماك بنسبة فائدة كبيرة، إلا أنهم معرضون للخسارة بنسبة أكبر، فأحياناً لا يتمكنون من بيع جميع كميات الأسماك التي لديهم، فيضطرون إلى رميها، كونها تتلف بعد ثلاثة أيام كحد أقصى من عرضها للبيع.

وأشار إلى أن الجمعية عملت على اتخاذ تدابير عدة أسهمت في خفض كلفة رحلة الصيد، منها تخفيض أسعار معدات ومستلزمات الصيد، وكذلك قوالب الثلج التي يستخدمها الصيادون لحفظ الأسماك، كما تقدم دعماً للموردين المواطنين، لتشجيعهم على الاستمرار في عملية صيد الأسماك، يتمثل في تقديم أرباح سنوية لهم تصل نسبتها إلى 58%، من إجمالي مشترياتهم السنوية من الجمعية، فضلاً عن تسهيلات أخرى تمنح لهم من بعض الجهات الحكومية لإنهاء الإجراءات المتعلقة بعملية صيد الأسماك.

وأضاف أن الجمعية تلزم الصياد أو المورد صاحب «اللنش» بدفع مبلغ 100 درهم، مقابل كل كمية أسماك يزايد عليها الدلال التابع للجمعية، وهذا المبلغ يدخل ضمن قائمة أرباح المشتريات السنوية التي تمنح للصياد.

من جانبها، أكدت وزارة الاقتصاد عدم وجود رقابة من جهة الوزارة على أسعار بيع الأسماك، لأن توافر الأسماك في الأسواق مرتبط بعوامل عدة، أهمها تقلبات الأحوال الجوية، فالأسعار غير ثابتة، ومرتبطة بنسبة المعروض في الأسواق، موضحة أن قلة أعداد المعروض من الأسماك في الأسواق المحلية، في وقت تزايد فيه الطلب عليها من المستهلكين، يدفع التجار إلى احتكار السوق ورفع أسعار الأسماك.

وأكدت عدم وجود رقابة من جهتها على الأسعار التي تعد غير ثابتة، ومرتبطة بنسبة المعروض في الأسواق.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر